الرأي

مؤتمر للمثقفين…!!

حسن خليفة
  • 536
  • 3
ح.م

منذ وقت غير قصير سيطرت هذه الفكرة على ذهني، وتمكنت مني بشكل لم أستطع منه فكاكا… ومفادها:
ماذا لو اهتدى أهل الثقافة من الجادين والجادات، في هذا الوطن، ومعهم بطبيعة الحال أهل السلطة والحكم الجادون العارفون بقيمة الثقافة ووظائفها وأدوارها الحضارية وخاصة منها الدور المحوري وهو “صناعة النهضة “…

ماذا لو اهتدوا إلى ما يشبه الإجماع في ضرورة إيلاء الثقافة قدرها العزيز النادر الغالي، وبالتالي ييسّرون السبيل إلى مؤتمر جامع للمثقفين من الجنسين… يُطلب منهم فيه إيجاد حلول واقعية حقيقية لجملة المشكلات المسيطرة على وضعنا المزري، واقتراح المخارج الضرورية من الوضعية المركبة المعقدة التي نعيشها منذ عقود من الزمن؛ ودليل هذا التخبط هو التخبط الظاهر في سياساتنا وفي برامجنا وأعمالنا ومخططاتنا.. في كل قطاع من قطاعات العمل والنشاط في وطننا… حتى انتهينا إلى مجتمع ريعي كبير، لا يكاد أكثرية الناس فيه يفكرون إلا في “الحقوق” ومنها “الإعانات” والنهب والسلب من الدولة… وهو شيء مقزز ومقرف ومضرّ.. وعلى هذا النحو نشأت الآلاف المؤلفة من البشر المنتسبين زورا إلى الثقافة، فكانوا في طليعة كل “مناسبة ريعية”، كما كانوا في صدارة كل مشهد فيه مطامع ومطامح، ملؤوا الأحزاب والجمعيات والمؤسسات والشركات وكل ما يمكن أن يُملأ… برداءتهم وهوانهم وجبنهم، فكان ما كان مما نجني وسنجني لسنوات من ثمراته المُرة.

أما المثقفون الذين أعنيهم في هذه السطور ـ رجالا ونساء ـ فهم ذلك الطراز من المثقفين الرساليين الذين عُرفوا باجتهادهم وإقدامهم ورؤاهم وجرأتهم، وقدرتهم على المساهمة في إيجاد طريق للنهضة والنمو، وهم كثر والحمد لله، وهم أيضا أصناف متعددة، ولكنها متكاملة فيهم: المهندس والطبيب والمؤرخ والكاتب والإعلامي، والأكاديمي، والباحث المتفرغ، والداعية، وعالم الاجتماع، وعالم النفس، والمعماري والفنان ذو الرؤية الجمالية الإيجابية… ومستشرف المستقبل…. بمعنى أنهم كل متكامل أقرب إلى أن يكونوا فريقا كبيرا واسعا من الخبراء ذوي الكفاءة والاختصاص…

وظيفتهم الأساسية في هذا المؤتمر المغلق هو البحث بكدّ وجدّ واجتهاد، وتفحّص وتحليل المشكلات القائمة وبحثها ودراستها وعرضها، من منظور ثقافي مستقبلي، وبالتركيز على “بناء العالم الثقافي” للإنسان الجزائري المجروح المنكسر المهزوم من الداخل.. وبالتركيز أيضا على مصل الثقافة في مختلف الأدوية التي يقدمونها لمجموع العلل التي نعاني منها ونكابدها أفرادا وأسرا ومجتمعا… نقول ذلك لأن أصل الإشكال “ثقافي” بلا جدال.

هل تحقيق هذا المطلب صعب وعزيز المنال؟ هل هو مستحيل؟ هل تحوطه عوائق وتوجد مطبات في طريقه؟

إذن لم التأخر في استخدام هذا العلاج المعرفي/الثقافي المجتمعي لأدواء المجتمع ومشكلاته الكثيرة؟ لم لا يتمّ الاستعانة بهؤلاء المثقفين ـ والمثقفات ـ والتعجيل بتوفير شروط الاجتماع واللقاء والتحاور والتشاور.. بطرق مباشرة في البداية ثم بطرق غير مباشرة، من خلال الوسائط التواصلية المختلفة؟

ألسنا في حاجة إلى بنك اقتراحات قوي وكبير نجمع فيه كل ما يجب من التوصيات والمقترحات والحلول والفرضيات لمشكلاتنا متعددة الوجوه؟ ألم يقل الشاعر: “الرأي قبل شجاعة الشجعان”.. وهل الرأي إلا عند أهل الرأي، وهم أهل المعرفة وأهل الفكر والثقافة..؟ فلنبادر…

مقالات ذات صلة