الرأي

ماذا أصاب حماس؟

حسين لقرع
  • 5067
  • 17

أنْ تخرجَ قياداتُ “حماس” في الخارج من سوريا بعد اشتداد الأزمة بها، فذلك أمرٌ يمكن فهمُه في سياق اختيار الحركة الاصطفاف إلى جانب المعارضة السورية ضد النظام، الذي واجه الانتفاضة الشعبية بقمع دموي عنيف لم تتحمّله فقررت المغادرة.

 

   أما أن تقوم حماس بمنع مظاهرةٍ شعبية في غزّة خرجت للتنديد بالعدوان الصهيوني الأخير على سوريا، فذلك موقفٌ لا يمكن تجرّعه، إذ أن من حق الناس الخروج في مظاهرات سلمية للتعبير عن أي موقف أو رفع أي مطلب، ولا يحق لأيّة حكومة أن تقابل التظاهر بالقمع والمنع والتضييق.

     وكما أن حماس اختارت – عن قناعة أو عن مصلحة – الوقوف إلى جانب المعارضة السورية، فمن حق بعض سكان غزة الذين تحكمهم أن يصطفّوا إلى جانب الأسد، ويرفضوا الحربَ الطائفية التي تشنها السعودية وقطر ضده بدعم من الغرب، وأن ينظموا مظاهراتٍ تشد أزره وتطالبه بالردِّ على العدوان الصهيوني.

   ولو قُمعت مظاهراتٌ مماثلة في السعودية أو قطر أو الأردن وغيرها من الدول التي تحسب نفسها على ما تسميه “معسكر الاعتدال”.. لما فاجأ ذلك أحداً، فقد تعوّدت الأنظمة الشمولية لهذه الدول على منع المظاهرات المندِّدة بالحروب الظالمة التي يشنها الكيانُ الصهيوني على غزة، وكانت حماس تنتقد مواقفها وتعتبرها قمعاً وخذلاناً للمقاومة، فما بالُها الآن تسقط في نفس الفخ، وتمنع مظاهرة لمواطنين من غزة للتنديد بالعدوان الصهيوني على بلد عربي شقيق؟

   مواقف حماس تكاد تتغير بـ180 درجة منذ خروجها من سوريا إلى قطر، فقد شكر خالد مشعل، كل من ساهم في صمود غزة ونصْرها في الحرب الأخيرة على الكيان الصهيوني، وبدأ بذكر قطر ومصر ثم وضع إيران في ذيل الترتيب وذكرها على مضض، وكان ذلك علامة على نكران الجميل وإدارة الظهر لإيران التي طالما دعَّمت حماساً وكل فصائل المقاومة الفلسطينية بالمال والسلاح والتدريب لسنوات طويلة، وتعرّضت بسببها وبسبب “حزب الله” أيضاً، للكثير من الحصار والأذى من الغرب وأزلامه في المنطقة العربية.

   لو اختارت حماس اليمنَ أو مصر أو تونس أو الجزائر مستقرا لها بعد خروجها من سوريا، لكانت فعلاً أقرب إلى الحفاظ على مواقفها، أما أن تتخذ قطر مقرا لها فيتعّذر عليها ذلك، وستجد نفسها يومياً تتخذ مواقفَ تثلج صدورَ حكام قطر.

   وإذا كانت قطر تغدق الملايين على حماس وتعهدت بإعادة إعمار غزة، فإنها بالمقابل ساقت وفداً عربياً إلى واشنطن لتعرض عليها التنازل عن أراض فلسطينية قرب القدس بأراض فلسطينية أخرى تقع في النقب.. ماذا تساوي ملايينُ قطر إزاء هكذا مبادرة انطباحية خطيرة؟

   وبالمقابل، كانت إيران تمنح المالَ والسلاح للمقاومة دون حدود ودون طلب أيّ مقابل سياسي أو غيره، ولا ترضى بمهادنة العدو أو تقديم أية تنازلات له، فماذا أصاب حماساً حتى تستبدلها بدولة أضحت محل امتعاض عربي واسع، بسبب أدوارها المشبوهة ومؤامراتها على دول المنطقة؟ السؤال يبقى مطروحاً على الحركة التي خسرت بموقفها هذا الكثيرَ من التعاطف الشعبي في الشارع العربي.

 

مقالات ذات صلة