-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ماذا وراء اعتراف إسرائيل بـ”مغربية” الصحراء الغربية؟

خير الدين هني
  • 2485
  • 0
ماذا وراء اعتراف إسرائيل بـ”مغربية” الصحراء الغربية؟

المعتدون والمغتصبون والظالمون، لا يؤخذ بآرائهم وأقوالهم وشهاداتهم، في الأعراف الدينية والقانونية والأخلاقية، في أي شأن من شؤون الحياة، ذلك لأن المعتدي -مادام معتديا- ولم يثُب إلى رشده، يُعدُّ خارجا عن القانون ويعامَل ككيان فاسد ومارق عن الطبيعة البشرية، وهي الطبيعة التي يحتكم إليها البشر في المنازعات والخصومات.
إسرائيل، كيان استعماري إرهابي دخيل على المنطقة، وهو يعيش على الغصب والاعتداء، والقتل وسفك الدماء البريئة، ومتمرد على القانون الدولي والأخلاقي الذي يحكم العلاقات الدولية، لذلك فقدَ صفة الدولة الشرعية التي لا تملك الحق القانوني والأخلاقي، للتدخُّل في الشؤون الدولية وإبداء الرأي في حلّ المنازعات التي تطرح إشكاليات معقدة أو حلولا بين الدول، لأنه ككيان مغتصِب ولا يملك الشرعية على وجوده، إلا بما تمنحه إياه دولٌ أخرى قائمة –مثله- على الاغتصاب وأخذ أراضي الغير بالقوة والقهر، فإسرائيل كيانٌ دخيل مستعمِر وغير شرعي وهو يحتاج إلى إثبات شرعيته، باحترام القانون الدولي المقرر في لوائح مجلس الأمن والأمم المتحدة، فإذا احترم القوانين الدولية، أمكن له إبداء رأيه في حل المنازعات الدولية.
وهو كيانٌ غريب عن الأرض الفلسطينية، ويحتاج إلى إثبات نسبه التاريخي والقانوني على هذه الأرض التي اغتصبها الغربُ الاستعماري من أهلها الأصليين وسلمها له بعد قهر أهلها، كيما يكون هذا الكيان قاعدة عسكرية وسياسية ولوجيستية له في المنطقة العربية، ثم يأتي الزمان بعجائبه وغرائبه، ويتم تقديم هذا الكيان المغتصِب شاهدَ زور لإثبات سيادة مزعومة على الصحراء الغربية، كمقدمة لما يحتمل أن تقوم به الدول الإمبريالية دولة بعد دولة، لتحقيق مخططات معادية وُضعت في المخابر المظلمة، للإيقاع بين الجزائر والمغرب وإدخالهما في حرب شعواء لا تُبقي ولا تذر، والغاية تروم تحطيم القدرات الاقتصادية والعسكرية للشعبين الشقيقين.

  نلاحظ أن التركيز في بيان حكومة الكيان هو التعاون الأمني، والهدف هو إعداد الخطط الماكرة لضرب أمن الجزائر واستقرارها، و”إسرائيل” ستكون فرحة جذلانة إن استطاعت أن تقنع نظام الخزي والعار في الكيان العَلوي، كيما يمنحها الضوء الأخضر لضرب الجزائر، ولا يخفى عن أي خبير سياسي أو عسكري، بأنها تخطط مع أحلاف الصهيونية العالمية، لتوجيه ضربة واسعة وشاملة لعمق البنية العسكرية والاقتصادية الجزائرية.

والتخطيط لهذه الغاية قائمٌ على قدم وساق، في دوائرهم السياسية والاستخباراتية، وهذه الدول تُجمِع على أن فرصة ملف الصحراء الغربية، فرصة نفيسة لا يمكن تضييعها، لأن استقرار منطقة المغرب العربي، وبُعدها عن مركز الصراع في الشرق الأوسط، سيمنحها -مع مرور الزمن- المزيد من التطور والتقدم والازدهار والتمكين في الأرض، ولاسيما في مجال التسلّح والاقتصاد والتكتل السياسي، وهذه الوضعية تؤرق الغرب وتقضّ مضجعه وتُثقل كاهله وتعكّر صفوه.
وآية فرضنا هذا ما تقرر لدى حكومة الكيان، من اعترافه بـ”مغربية” الصحراء الغربية، لتحقيق غايتين اثنتين، الأولى: نكاية في السياسة الجزائرية المناصِرة للقضية الفلسطينية بالمال والدعم السياسي، والثانية: أن الكيان العَلوي العميل خائنَ الأمة والقضية العربية والفلسطينية، سيمنحه كل التسهيلات لإنشاء قواعد عسكرية وأمنية واستخباراتية على الحدود الغربية الجزائرية، من أجل استغلال أدنى فرصة لضرب الجزائر بترسانته العسكرية عالية التقنية، التي منحها الغرب له من أجل التفوُّق العسكري على العرب مجتمعين.
لأن العبرة من حروب اليوم، لا تُؤخذ من عدد الجيوش وتدريبها نظريا في المناورات العسكرية، وإنما تكمن في نوعية الأسلحة والعتاد السكري والأجهزة الإلكترونية عالية التقنية في التشويش والتدريب العالي على استعمالها، فالفرق كبيرٌ بين من يملك طائرات الشبح من الجيل الخامس والسادس، والبوارج البحرية العملاقة وحاملات الطائرات، والغواصات التي تجوب البحار والمحيطات، والصواريخ فرط صوتية العابرة للقارات (تفوق سرعتها سرعة الصوت بما يقدّر، بين 5 و25 ضعف سرعة الصوت، أو حوالي 1 إلى 5 أميال في الثانية)، وتقنيات التجسُّس العسكري والاستخباراتي المتطورة، فضلا عن أسلحة الردع النووي والجرثومي، وبين ما يقابل ذلك من أسلحة وتجهيزات الكترونية وصواريخ من الدرجة الثانية والثالثة والرابعة في الجودة ودقة التصويب وإصابة الهدف، وهي الأسلحة التي يبيعها الغرب والشرق للعرب ودول العالم الثالث، وهم يعلمون أنها لا تكافئ أسلحتهم ولا أسلحة الكيان، لأنها منقوصة التجهيزات والتقنيات العالية.
وهذا ما يدركه الغرب والكيان ويعلمانه جيدا، والكيان جهّزه الغرب بأسلحة وتقنيات نوعية تجعله يملك التفوُّق العسكري والاستخباراتي على العرب مجتمعين، رغم قلة عدد جيشه وتعداد شعبه.
والسياسة الاستخباراتية في الدول الإمبريالية، تخطط في مخابرها السرية، لجعل منطقة المغرب العربي بؤرة توتر دائمة من أجل تشتيت صفِّها وإضعافها، سياسيا وعسكريا واقتصاديا، لأن بُعْدَها عن مركز الصراع في المشرق العربي، سيمنحها –مع مرور الزمن- فرصا للتطور والتقدم والازدهار والاستقرار السياسي، لأن تطور الشعوب اقتصاديا واجتماعيا، يؤدي بها –حتما- إلى التطور السياسي والعلائقي بين فئاته، والغرب والكيان لا يروقهم أن يبقى المغرب العربي، بعيدا عن بؤر الصراع والمواجهة وإثارة نوازع الفتن والحروب، وقد وجدوا في مسألة الصحراء الغربية حصان طروادة الذي يُنشئون عليه سياستهم التدميرية للمنطقة.
ولما كان الكيان العَلوي الغادر، يحمل الجينات الوراثية للعمالة وبيع الوطن والقضية العربية للصهيونية العالمية، ووجدوا لديه القابلية للذل والإذعان والمركوبية، وإقامة علاقة تطبيع سياسي وثقافي وعسكري وأمني مع الكيان، اهتبلوا هذه الفرصة ودفعوا الكيان الصهيوني إلى الاعتراف بـ”مغربية” الصحراء الغربية، وقد أفاد بيان للديوان الملكي للمخزن، أن محمد السادس تلقى رسالة من الوزير الأول للكيان، بنيامين نتنياهو، أبلغه فيها بقرار حكومته الاعتراف بـ”سيادة” المغرب على أراضي الصحراء الغربية، وأردف البيان أن موقف حكومته سيتجسَّد في أعمال الحكومة ووثائقها، وفي إخبار الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية، التي تنتمي إليها “إسرائيل”، وجميع البلدان التي تربطها علاقاتٌ ديبلوماسية بـ”إسرائيل”.
وأضاف البيان بأن “إسرائيل” تدرس إمكانية فتح قنصلية لها بمدينة الداخلة، لتكريس قرار “الدولة” حسب زعم رئيس حكومة الكيان، وقد صدر هذا البيان بعد أن أعلن الجيش الإسرائيلي قبل أيام، تعيين ملحق عسكري بالمغرب، وهو الإجراء الذي اعتبروه “إنجازا تاريخيا فريدا”، وسيرفع مستوى تطور العلاقات الأمنية بين البلدين.
وحسب بيان صدر عن جيش الكيان، أن (هرتسي هاليفي) رئيس هيئة الأركان، عيّن شارون إيتاح ملحقا عسكريا أول في المغرب، في خطوة لتطوير العلاقات الأمنية بين البلدين، وسيقيم الملحق العسكري بالرباط ويعمل على تطوير كافة العلاقات الثنائية، على أن يتولى هذه المَهمّة في الأشهر القادمة. (المصدر: وسائل إعلام دولية).
ونلاحظ أن التركيز في بيان حكومة الكيان هو التعاون الأمني، والهدف هو إعداد الخطط الماكرة لضرب أمن الجزائر واستقرارها، و”إسرائيل” ستكون فرحة جذلانة إن استطاعت أن تقنع نظام الخزي والعار في الكيان العَلوي، كيما يمنحها الضوء الأخضر لضرب الجزائر، ولا يخفى عن أي خبير سياسي أو عسكري، بأنها تخطط مع أحلاف الصهيونية العالمية، لتوجيه ضربة واسعة وشاملة لعمق البنية العسكرية والاقتصادية الجزائرية، بالتعاون الفني والتقني والتكنولوجي والاستخباراتي، والكيان العَلوي الخائن أصبح لا تُؤمَن بوائقه، فهو مِطواع لمنح الكيان فرصة الاعتداء المباغت على الجزائر، لأن كليهما يحمل حقدا دفينا على الجزائر، وما زادهما حقدا وغيظا السياسةُ الجزائرية المؤيِّدة للقضية الفلسطينية، لأنهما يشتركان في جريمة اغتصاب أرض ليست لهما، وهي فلسطين والصحراء الغربية.
والجزائر مدعوَّة، في ظل هذه التطورات الخطيرة على حدودها الغربية، إلى إعادة تقديرها لهذه المتغيِّرات الجديدة، وتحسب لكل خطوة –مهما كانت صغيرة- حساباتها الدقيقة، بميزان العقل والتروِّي والحكمة ومصالح البلاد العليا، وأن تعتمد على سياسة التكتلات العسكرية والسياسية مع القوى الصديقة، لأن السياسة الدولية الحالية مبنية على التكتل والتحالف، وهي لا ترحم المنفردين بأنفسهم، في سياق تنامي بحث الدول عن مصالحها وأمنها القومي، وأن تُعِدّ نفسَها جيدا لأي طارئ، لاسيما في ظروف وجود الكيان على حدودنا الغربية، وما يمكن أن يخلقه الكيان العلوي مع حليفه الصهيوني، من مشكلات أمنية وعسكرية، فيما يسميه “الأراضي الشرقية للمغرب”، وهو لا يريد إلا الضغط على الجزائر من أجل التنازل عن ملف الصحراء الغربية.
الكيان بعد اعترافه بمغربية الصحراء، سيبذل جهودا مضنية وبإيعاز من الدول الإمبريالية والمطبِّعة، من أجل تأليب الدول الإفريقية وغير الإفريقية بالرشوة والضغط والابتزاز، لاعترافها بـ”سيادة” الكيان العلوي على الصحراء الغربية، لسحب البساط من تحت أقدام الجزائر وتركها وحيدة من غير مؤيد.
هذه المستجدات الخطيرة، توجب على الجزائر إقامة تعاون عسكري ودفاع مشترك، بينها وبين روسيا والصين في القريب العاجل ومن غير تماطل، كي يكون هذا التعاون والتحالف رادعا للكيانين المغتصِبين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!