الرأي

ماذا وراء حرب “الاستمارات” الرئاسية؟

حسان زهار
  • 1402
  • 10
ح.م

يبدو أن حرب “الاستمارات” الرئاسية صارت تحديا كبيرا.. وقضية حياة أو موت.

قبل حوالي أسبوعين من انتهاء مهلة الترشحيات، لا أحد من المترشحين للترشح تمكن حسب سلطة الانتخابات من تقديم الـ50 ألف استمارة موقعة لحد الآن.. حتى يدخل ضمن قائمة المترشحين رسميا لسباق الرئاسة.

وما تتحدث عنه بعض المصادر، فإن مرشحين اثنين فقط، ربما يكونان قد أتما العملية، الأمر الذي قد يثير شكوكا مبررة.

ما عدا ذلك، البقية الباقية من الـ130 مرشح للترشح، يعانون الأمرين لاستكمال جمع التوقيعات المطلوبة عبر الولايات، إما لضعف في الامكانيات وعدم الانتشار الأفقي لهؤلاء المترشحين الهواة، وإما بسبب بعض العراقيل البيروقراطية التي سجلت والتي تحدث عنها أمثال فارس مسدور.

فماذا يعني هذا من الناحية العملية؟

أولا.. هذا يدل بوضوح أن عددا كبيرا من “المغامرين” سيتم تصفيتهم بشكل واسع في هذه المرحلة، وأن الذين قد يصلون إلى خط النهاية، ويكون لهم شرف المشاركة في السباق الرئاسي، لا يتجاوزون في كل الأحوال، بل وفي أحسن الأحوال، عدد أصابع اليدين، لتتشكل بعدها خارطة توازنات جديدة واضحة، يمكن من خلالها فرز الغث من السمين.

ثانيا.. أن صعوبة تحصيل التوقيعات المطلوبة التي يعاني منها المغامرون والمقامرون وأصحاب النضال بـ”السيفي” (بعضهم يريد أن يذكر في سيرته المهنية أنه مرشح سابق للرئاسيات لا أكثر)، مثل جماعات النضال بـ”السيلفي” التي أبدع فيها الكثيرون عبر فعاليات الحراك الشعبي (حتى يقال عنه أنه مناضل حراكي وإن كان من أزلام العصابة)، يظهر هشاشة جل المتقدمين لهذا المنصب الرفيع، وضعف القبول الشعبي لهم، علاوة على التشتت الهائل الحاصل في استقطاب المتعاطفين، لكثرة المترشحين، حيث يستلزم تجنيد ما لا يقل عن 6 ملايين مواطن، لاستيفاء توقيعات كل المترشحين، وهذا من سابع المستحيلات من الناحية العملية.

ثالثا.. أن السلطة الحالية سحبت يدها من “القفة”، وتركت اللعبة الانتخابية حرة، ومعها تركت المترشحين “يعومو بحرهم” كما يقال، أولا لقناعة راسخة جديدة بأنه ليس على السلطة أن تساهم في اعطاء انطباع بوجود “تزوير قبلي”، وأيضا للقطع مع الممارسات القديمة، التي كانت تستنجد بأرنب السباق وتقوم هي بملء الاستمارات المطلوبة لهم، ولذلك لم نر من قبل صعوبات تذكر في جمع التوقيعات التي كانت 60 ألفا وليس 50 ألفا فقط كما هو الحال اليوم، بل كانت الأمور تسير بسلاسة غريبة، لنرى على خط السباق في النهاية أسماء فارغة لا تقدر على جمع توقيعات الدشرة التي يخرجون منها.

رابعا .. هو هذه الاستقالة شبه الكلية للجماهير التي خرجت تبحث عن حريتها داخل الحراك، وإذ بها تنسحب اليوم بشكل واضح، ليس من الحراك فقط، وإنما من العملية السياسية وتدافعها، وهذا ربما ناتج عن حالة من الإحباط العام التي يعاني منها المواطن، بسبب عدم ظهور مرشح مقنع للقوى الوطنية النوفمبرية، الموجودة حاليا في حالة ترقب وتوتر وانتظار.

خامسا.. وهو الأهم، أن جوهر اللعبة كلها ربما سيلعب في الربع الساعة الأخير من المهلة المتبقية، حيث ينتظر نزول أسماء ثقيلة تعيد الاتزان للعملية الانتخابية، ودليل قوتها أنها لا تخشى من عامل الوقت الذي ينفد بسرعة، لإدراكها أنها قادرة على جمع التوقيعات في وقت قصير.

ومهما كانت الأسباب الأخرى التي تجعل من عملية جمع التوقيعات بكل هذه الصعوبة، فإن المنطق يقول أن من يفشل في جمع 50 الف توقيع، لا يستحق أن يطمع في ترأس 43 مليون جزائري.

حدث ذلك في الماضي.. حين كان لنا رؤساء بلديات ونواب وحتى رؤساء جمهورية لا يقدرون على جمع مائة توقيع.. ومع ذلك تسلطوا على رقابنا ردحا من الزمن.. والخوف كل الخوف أن يستمروا في ذلك مستقبلا.

مقالات ذات صلة