-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
45 سنة على تأسيس الجمهورية الصحراوية:

ما السرّ وراء صمود الشعب الصحراوي؟

ما السرّ وراء صمود الشعب الصحراوي؟
ح.م

بعد مؤتمر برلين الذي عُقد سنة 1884، اتفقت القوى الغربية على تقسيم مستعمراتها في إفريقيا وآسيا وتقاسم النفوذ فيما بينها. وكانت إسبانيا أحد البلدان المشاركة في المؤتمر، لتكون أرض الصحراء الغربية من نصيبها. وقد رسمت مدريد حدود الدولة الصحراوية التي تقع بين المغرب شمالا وموريتانيا جنوبا.

استمر الاستعمار الإسباني للصحراء الغربية طيلة أكثر من 90 سنة، عملت خلالها على تكريس سياسة تجهيل الشعب الصحراوي ومنعه من ممارسة أي شكل من أشكال التمدن فضلا عن الممارسة السياسية التي تتطلب وجود وعي كأرضية ضرورية.

حافظ المستعمر الإسباني على البنية الاجتماعية القبلية للشعب الصحراوي لأنها تخدمه، كما لم يفرض إلزامية التعليم ولم يبنِ المدارس باستثناء تلك المخصصة للمستوطنين الإسبان من مدنيين وعسكريين. وبفعل تلك العوامل، وصل الوعي التحرري للشعب الصحراوي نهاية الستينات، لكن ذلك لا يعني عدم وجود مقاومة مسلحة للاستعمار الإسباني قبل ذلك، حينها بدأ الثوار في إزعاج إسبانيا التي قتلت وسجنت ونفت من استطاعت الوصول إليه.

وبعد اشتداد وهج الثورة التي توّجت بتأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (البوليساريو نسبة للأحرف الأولى باللغة الإسبانية) في 10 ماي 1973، ومع دخول إسبانيا في مرحلة العد التنازلي لنهاية حكم الدكتاتور فرانكو، تخلّصت من الصحراء الغربية بالخروج دون تنظيم استفتاء لتقرير المصير، ليكشر الجاران، الشمالي والجنوبي عن أنيابهما، ويشرعا في الانقضاض على الشعب الصحراوي بعقلية الغنيمة أو الضحية التي يتوجب افتراسها، حيث غزت قوات المخزن الصحراء الغربية من الشمال في 31 أكتوبر 1975، فيما تكفل نظام ولد داداه في موريتانيا باحتلال جنوب البلاد.

ولم تسمح القوتان المحتلتان للشعب الصحراوي حتى بالتقاط أنفاسه، حيث خرج للتو من استعمار دام 90 سنة، فلا مؤسسات لديه ولا نخب ولا إطارات متعلمة، فضلا عن الحديث عن جيش للدفاع عن الشعب وسيادته.

شرع المقاتلون الصحراويون في رد العدو الصائل بما استطاعوا، لتستمر الحرب مع نظام ولد داداه أربع سنوات، كانت فترة مظلمة من تاريخ الشعبين الشقيقين، قبل أن يصحح الشعب الموريتاني مجرى العلاقات ويعدل عن غزو شقيقه الصحراوي ويتم توقيع اتفاق السلام بين البلدين سنة 1979 والذي اعترفت بموجبه الجمهورية الإسلامية بالدولة الصحراوية.

أما الاحتلال المغربي فقد استمر في قتل الصحراويين وتشريدهم وقنبلتهم بالطائرات، لكن رغم تكالب القوى الدولية والدعم السخي من فرنسا والولايات المتحدة وإسبانيا، لم يستطع احتلال جميع أراضي الصحراء الغربية البالغة 266 ألف كلم مربع، حيث لا تزال 20 بالمئة من الأرض الصحراوية محررة عصية على الابتلاع وهي التي تدور فيها اليوم مواجهات حرب التحرير الثانية التي انطلقت شرارتها في 13 نوفمبر الماضي.

إن أهم الأحداث التي يمكن الوقوف عندها طيلة 45 سنة من صمود الشعب الصحراوي هو إعلان الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية الذي تم في مثل هذا اليوم من سنة 1976. وقد كانت تلك الخطوة تتويجا طبيعيا لمسيرة النضال الصحراوي. فالانتصارات العسكرية والنجاحات الدبلوماسية على الصعيد الدولي ليست ذات قيمة ما لم يكن هناك كيان سياسي مؤسساتي يحتضن الشعب بما أن عوامل إقامة وإعلان الدولة متوفرة ومتكاملة، إذ يوجد شعب يملك أرضا يبسط سيادته على المحرر منها في انتظار استكمال تحرير ما تبقى.

وإذا كان يصعب تقييم 45 سنة من صمود الشعب الصحراوي من أجل تحقيق استقلاله الوطني، فإن أهم إنجاز حققه الشعب الصحراوي هو بناء مؤسسة عسكرية جاهزة لخوض حرب التحرير في أي وقت وهو ما أثبتته يوم 13 نوفمبر الماضي، تُضاف إلى ذلك المؤسسات الموجودة في القائمة كالقضاء والبرلمان والدبلوماسية والتعليم والصحة ومئات آلاف الخريجين والإطارات المقتدرة، وهي مقومات ضرورية ليس فقط للتأثيث لأسس الدولة المستقلة، بل هي محاولة لترسيخ ثقافة الدولة وبناء المؤسسات الوطنية القادرة على تحقيق التحرير والبناء والرفاهية بعد الاستقلال.

إن إعلان قيام الجمهورية الصحراوية ليس هدفا في حد ذاته، بل هو خطوة رمزية بالغة الأهمية كي يحصد الشعب الصحراوي ثمار صموده والتي أهمها وحدته الوطنية والتنظيمية.

وقد سعى الاحتلال المغربي بكل ما أوتي من قوة للنفخ في كيانات وهمية وتنظيمات، لكنها كانت كالفقاعة التي تظهر لتسقط بفعل رفض الشعب الصحراوي لها وإدراكه أنها مجرد أداة لتحقيق ما عجز المحتل عن الوصول إليه.

فكم من ثورة أُجهضت بسبب كثرة الرؤوس والتنظيمات والزعامات والأحزاب، وكم من مشروع تحرري تأخر عشرات السنوات بسبب تنازع الأحزاب لقيادته. أما في حالة الشعب الصحراوي، فقد استطاع الحفاظ على كيان سياسي واحد موحد يجمع كل الصحراويين لتحقيق هدفهم الأسمى: الاستقلال الوطني الكامل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • الهادي

    إلى الناموسة المخنزية رقم 01 :
    السر هو إرادة الشعوب التي لا تقهر، نفس الإرادة التي مكّنت فيتنام من قهر العم سام و مكّنت الجزائر من قهر فافا . و هي نفسها الإرادة المنكسرة التي تجعل من شعب مثل الشعب المخربي يرضى بالاحتلال كما حدث في سبتة و مليلية و جزيرة ليلى (جزيرة العار) ؟

  • السعيد الشامي

    ملك المغرب محمد السادس وابيه الحسن الثاني طغاة ظلمة مستبدون ارادوا احتلال بلد مستقل الصحراء الغربية وقتلوا اهله وشردوهم ودمروا بيوتهم بلا رحمة ولا شفقة ولا انسانية -ملوك خونة خدام امريكا الصليبية والصهيونة علي السواء -
    تماما كا فعل ال سعود حكام السعودية الطاوغيت الظلمة المتجبرون في الارض بغير حق المتكبرون باعتدائهم علي اليمن وتخريبه وقتل اهله بلا رحمة ولا انسانية -عائلة ال سعود الصهيونية العميلة قتلت من اهل اليمن عدونا 523648 يمني بيرئ بين طفل وشيخ وامراة ببطائرات التحالف العنصري -

  • شعباوي

    السر الوحيد هو بترودولارات الشعب الجزائري التي تنفقها السلطات الجزائرية بسخاء ما بعده سخاء.