-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ما معنى أن تكون فنانا؟

حسان زهار
  • 572
  • 0
ما معنى أن تكون فنانا؟

في وضع غريب حقا، أصبحت كلمة فنان، عندنا في الجزائر وباقي الدول العربية بلا استثناء، تطلق جزافا على كل من هب ودب، دون مراعاة أدنى معايير الإبداع والانتساب إلى هذا العالم المتميز، إلى درجة أن كل من “ينعق” بصوته في الأعراس أو داخل الكباريهات، صار بفعل ذات الحالة المتردية في المجال الإعلامي، صار فنانا، يشار إليه بالبنان، وتسعى خلفه القنوات والصحف لتحظى بصورة منه أو تصريح.

أقول هذا بكل أسف، بناء على معايشة شخصية مع نماذج كثيرة ممن يسمون “مجازا” فنانين، تتصل بأحدهم من أجل ضبط موعد عمل، فيعطيك بدل الموعد عشرة، وفي النهاية يغلق هاتفه في وجهك، وتتصل بآخر صباحا تجده نائما، ثم تعاود الاتصال مساء تجده نائما، وإذا ساعدك الحظ وكلمك وهو نصف مستيقظ، فلكي يعطيك موعدا لا يلتزم به اطلاقا، والحال نفسه لو تعلق الأمر بطلب صور جديدة أو خاصة، سيكون عليك أن تسلم أمرك إلى الله، لأن فناننا الكبير أو فنانتنا الكبيرة، مازالوا بعيدين عن ثقافة الصورة، وأن آخر “شوتينغ” لهم كان قبل سنوات.

العمل في هذه الظروف مع هكذا نماذج من فنانين طايوان، متعب ومقرف، ويثير الإحباط، والمثير في القضية، أن هذه الشلة من الفنانين، هم من يثيرون العواصف الرملية حول حكاية إقصاء “المنتوج المحلي”، وتفضيل الإعلام التعامل مع الأجانب والعرب، كما أنهم هم أنفسهم وراء أحاديث الإفك المعروفة في الساحة، حول الأموال الطائلة التي يأخذها الأجانب والعرب عند مجيئهم لإحياء حفلات عندنا، بينما هم في الواقع يأخذون أكثر من حقهم، وقد ثبت أن أقل “كاشي” لأمثال هؤلاء في الليلة الواحدة، لا يقل عن 200 مليون سنتيم.

سوف لن نصل إلى الحديث عن جيش المهرجين عندنا، كما وصفهم بن تركي، وهو أعلم بهم من غيره، لأننا ورغم هذا الإسفاف الكبير، نعلم أن هنالك فنانين حقا، على قلّتهم، يعرفون على الأقل فن الإيتيكيت في التعامل مع الآخر، سواء أكان إعلاما أم غيره، ويصرون على التعامل الراقي، مع الالتزام بالمواعيد، والإصرار على أن تظهر صورهم في أرقى حلة، باعتبار ذلك جزءا أساسيا في عملية التسويق لأنفسهم وفنهم بين الجماهير.

ربما سيكون علينا، أن ننتظر عقودا أخرى، حتى يرتقي أشباه الفنانين إلى دائرة الفن، حيث الانضباط والرقي في التعامل عنوان لتلك الدائرة، طبعا دون أن نتحدث عن معايير الفن الأساسية المتعلقة بنوعية ومستوى الأداء الطربي أو التمثيلي أو غيره من أنواع الفنون الأخرى، لأن هذا موضوع آخر يثير الشجن والنحيب.

ولأجل كل ذلك، لا يسعنا إلا أن نرسل بمراسيل الحب والاحترام، لكل الفنانين الحقيقيين، الذين يقاومون معنا، سطوة هذه الرداءة العارمة من حولنا، ويقدمون لنا إكسير المقاومة والاستمرارية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!