-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

متى تتوقف كارثة “الألمدي”؟!

متى تتوقف كارثة “الألمدي”؟!

لم يُخطئ وزير التّعليم العالي والبحث العلمي عندما أشار إلى فشل نظام “الألمدي” في بلوغ أهدافه، بل إنّ عباراته كانت أقل حدة مما يجب في وصف هذا النّظام الذي تحولت إليه الجامعة الجزائرية بقرار سياسي دون الإعداد له أو توقع ما ينجرُّ عنه من اختلالات.

صحيحٌ أنّ نظام “الألمدي” نجح إلى حد كبير في الدّول المتقدمة التي اعتمدته، لكن الفرق أنّ هذه الدّول حافظت على مبدأ التّحصيل العلمي وطبّقت المفاهيم الأساسية لهذا النظام مثل الحركية “Mobilité” والوضوح “lisibilité”، لكن الذي حدث في الجزائر أنّ المحيط العام لم يكن مهيَّئا لهذا النّظام الذي قوبل برفض واسع في أوساط الطلبة خلال السنوات الأولى من تطبيقه.

وقد ظهرت أولى الثّمار السّلبية لهذا النّظام خلال السّنوات الأولى من خلال تخريج عشرات الآلاف بشهادة “الماستر” التي تشبه من حيث الشّكل شهادة “الماجستير”، لكنها أقلّ درجة منها من حيث النوعية، طالما أن حامل الماجستير قد أنجز بحثا محكّما ونال شهادة تمكّنه من التوظيف في الجامعة، أما بحث “الماستر” فهو غير محكّم ولا تزيد الفترة المخصصة لإنجازه عن ستة أشهر.

وخلال السّنوات القليلة الماضية تخرّج في الجامعة الجزائريين ملايينُ الطّلبة الحاملين لشهادة “الماستر” واصطدموا بواقع مرّ في الميدان، بسبب انعدام فرص التّوظيف، بل إنّ الأمر طال كذلك حملة دكتوراه “ألمدي” الذين دخلوا في احتجاجات واسعة يطالبون فيها بالتوظيف المباشر بالنظر إلى الشهادات العليا التي يحملونها.
لقد أدى نظام “الألمدي” إلى التّشبُّع في سوق الشّهادات، بينما يحذّر الكثير من المتابعين من التراجع الكبير في التحصيل العلمي، ولعل طريقة الانتقال من سنة إلى أخرى هي السّبب وراء ما يحدث؛ إذ يتمكن الطالب من الانتقال إلى المستوى الأعلى لمجرد المداومة على الحضور في الحصص التطبيقية أو التوجيهية، والمشاركة في بحوث أو أعمال بيداغوجية لا يمكنها أن تعكس مستوى الطالب، ومع انتشار وباء كورونا تخلت الجامعة عن إجبارية الحضور، وألغِيت مناقشات الماستر.

وما زاد الأمر سوءاً ودمّر الحياة الجامعية في الجزائر هو فكرة بناء جامعة في كل ولاية وفي كل مدينة كبيرة، وفتح أغلب التخصصات في هذه الجامعات التي تحولت مع الوقت إلى ما يشبه ثانويات كبيرة، وغاب المفهوم التقليدي للجامعة بالشكل الذي كان سائدا خلال الثمانينيات والتسعينيات حين كانت مرحلة الجامعة فرصة لخروج الطالب من محيطه الضيق إلى فضاء أوسع تتلاقح فيه الأفكار والاتجاهات، أما الآن فإنَّ الطالب يزاول دراسته الابتدائية والمتوسطة والجامعية في “حومته” ولا يغادرها حتى لو أصبح أستاذا جامعيا!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • أعمر الشاوي

    يجب وضع النقاط على الأحرف, المشكل ليس في نظام الألمدي في حد ذاته بل المشكل في الجامعيين الجزائريين طلبة كانوا أو أساتذة مستواهم العلمي البسيط إن لم نقل دون المستوى لم يمكنهم من التأقلم مع هذا النظام التعليمي العالمي و الذي هو عكس تماما لمضمون هذا المقال, الألمدي أساسه البحث العلمي و المداومة على المطالعة لإنشاء البحوث و هذا ما عجزت عنه الجامعة الجزائرية طوال عقود حيث أصبح الأستاذ الجامعي مجرد منصب عمل مقابل أجرة شهرية و بعض الإمتيازات و الجامعة أصبحت ملجأ لشباب حتى لا يصبحوا مجرمين أو لا تغويهم الهجرة الغير شرعية.

  • ابن الجبل

    انه تحطيم للاجيال من خلال استيراد نظام الألمدي ، ونظام التعليم لبن زاغو وبن غبريط انه سوء التقدير وسوء اختيار الرجال الأكفاء!! حتى صار عندنا أنصاف المتعلمين، وأصبح الانتقال من مستوى الى أعلى بالغش والهف وغيره!!. قال مالك بن نبي رحمه الله :"... لا يجوز لأحد أن يضع حلولا ومناهج ، مغفلا مكان أمته ومركزها ، أما أن نستورد الحلول من الشرق والغرب ، فان ذلك تضييع للجهد ومضاعفة للداء ، وكل تقليد جهل وانتحار ....!!" وهكذا تمر الأيام والسنون والجزائر لم تنطلق بعد !؟.