-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

متى يصبح الجامع الأعظم جامعا يجمع اهتمامات متنوعة

متى يصبح الجامع الأعظم جامعا يجمع اهتمامات متنوعة

متى يصبح الجامع الأعظم جامعا يجمع بين ما يؤدي في المساجد العادية وبين ما يجب أن يؤدى في هذا الجامع المتميز الذي حددته الفكرة التي أنشئ من أجلها؟ متى يصبح هذا الجامع جامعا وجامعة يبشر العلم، ويشرح جوانب المعرفة، ويقربها من الراغبين في التعلم وتلقي الفكر، لمسايرة الحياة الراقية التي يتطلع إليها مجتمعنا، متى يصبح الجامع جامعا بمعنى الكلمة يؤدى دوره وفق الفكرة المحددة له، والتي انطلق منها التفكير في إنشائه، وهي أن يصبح إلى جانب كونه مسجدا لأداء الصلاة يصبح بالإضافة إلى ذلك معهدا للتعلم، والدراسة، وينشر العلم، وتنظم فيه البحوث الفكرية والمناقشات الدينية التي تحوّله من جامع لأداء الصلوات إلى معهد عال للبحوث والدراسات وتقدم فيه المحاضرات الفكرية والعلمية والأبحاث التاريخية، وبهذه الصفات تصبح الجزائر أهم عاصمة من عواصم البلدان الإسلامية تستعيد؟ الحضارة الإسلامية أهم جانب من جوانب هذا هو الجامع الأعظم الذي أنشأنه، وهذه هي الصفات المميزة له والتي أنشئ من أجلها، إنه الجامع الأعظم الذي قرّر المسؤولون الاهتمام به وحققوا وجوده، وهو الذي جعلوا الأمة تعيش أحداثه، وتتابع سير نشاطه الذي حددته البلاد، والذي يجب أن يمارس دوره وفق ما حددته الأمة حين فكرت فيه، إن إنشاء جامع بهذا المستوى المتميز، وبهذه الخصائص التي يمارسها يصبح جامعا عظيما، وتظهر جوانب عظمية التي يوصف بها في نقاط واضحة في مجالات نشاطه المتعدد، وفي جلساته العلمية التي يعقدها إذ تصبح الجلسات التي تشهدها رحابه خلايا علمية ومعاهد دراسية يتعلم فيها الراغبون في التعلم ويعيشون ضمنها جوانب تاريخية تدفعهم إلى التطلع إلى ما تفكر فيه الأمة مستقبلا.

وأهم ما ينبغي أن تكون عليه هذه المجالس التي تتم في رحابه وفي قاعاته هي أن تصبح مجالس حوار فكري وعلمي تعالج فيه قضايا الإسلام وخصائص المعرفة والتاريخ، وأساليب التعامل مع الحاضر هذه هي المجالس التي ينجزها الجامع الأعظم، والتي تعيش في رحابه، يقصدها العلماء الذين لهم دراية بالتاريخ والأبحاث العلمية، وهم العلماء الدين تبرمج لهم البلاد لقاءات، وتتيح لهم هذه اللقاءات أن يناقشوا علميا موضوعات العلم وقضايا الدين، ويبينوا عظمة الإسلام وخصائص العلم، وهو الدور الذي كان العلماء في السابق يؤدونه في أهم العواصم الإسلامية، ويحرصون علة توضيح ما يجب أن يوضح وهو الدور الذي نريد أن يصبح جانبا من جوانب النشاط الذي يؤديه الجامع الأعظم، والعظمة التي يوصف بها هذا الجامع ليست في نوع البناء، وفي ضخامته وفي علو صومعته أو تعدد هياكله، واتساع مساحته، إنما العظمة التي يوصفها بالإضافة إلى البناء الرابع والمرافق الجميلة تتجلى العظمة في الأدوار التي سيؤديها والخصائص التي يتميز بها والواجب العلمية التي يضطلع بها (الجوانب التي تميز ما يضطلع به) وهذا ما تريد الأمة توضيحه وإبراز الاهتمام به، ولهذا قلت: متى يصبح الجامع الأعظم جامعا بهذا المعنى المتعدد، وهذا ما ننتظر من الدولة أن توجه عنايتها للقيام به، وقد برزت الخطوة الأولى في تحديد العناية، وهي ما جعل الرئيس يعين عميدا لهذا الجامع عميد برتبة وزير مكلفا بالإشراف عليه والاهتمام به، وما نطلبه هو مواصلة الاهتمام بالرعاية المطلوبة التي تحدد النشاط الذي يجب القيام به، لأن النشاط الطي يجب أن يمارسه مايزال غير محدّد، نرجو أن يحدده العميد الذي عيّنه الرئيس بحيث يستكمل الجوانب التي يجب أن تحدد.

وما نطلبه هو أن يتم التفكير في تأسيس هيأة شاملة لعمليات الصيانة تتولى العناية بجوانب المؤسسة والإشراف التقني والعلمي على جوانب التسيير ونطلب أن تستمر العناية بمكونات الجامع وبتنظيم العمل في رحابه وقاعاته وجعلها خلايا علمية تكون بمثابة معاهد للتعلم، ومجالات للحوار وتحدد لها مناهج تعليمية تهيئ الراغبين في الاستزادة من المعرفة والتربية والاستمرار في البحث، ويفتح المجال للتواصل العلمي بين العلماء، وتبرمج الزيارات التي تخصص للعلماء والباحثين، الذين يأتون من خارج البلاد، وتهيأ لهم ظروف الإقامة المؤقتة، وبهذا الاهتمام المتنوع يصبح الجامع الأعظم جامعا بمعنى الكلمة يضم أساتذة العلم والطلاب الراغبين في التعلم، نتمنى أن ينطلق الاهتمام بهذا الموضوع، وتحدد له الجوانب التنظيمية ليتحقق ما ذكرناه.

بعض الملاحظات

إن ما يلاحظ في هذا المجال هو توقف اهتمام المسؤولين الموجه لإكمال الظروف والأوضاع المهيأة لضبط نشاط الجامع الأعظم، والتي تحوله من جامع لأداء الصلوات إلى جامعة علمية تنشر العلم وتعلم الناس ما يهيئهم للحياة.

إن تأخر الاهتمام بهذه الجوانب سببه حرص المسؤولين على تجنب سماع الملاحظات الناقدة التي يطرحها البعض والخاصة بالنقد الذي يظهرونه بخصوص التكلفة المادية التي بلغها إنجاز هذا الجامع، وهي تكلفة ضخمة تتجاوز قيمتها ما تكلفه إنجاز جامع واسع لأداء الصلوات، إنها تكلفة متعدد الجوانب يمكن أن تنجز بها البلاد عددا من المؤسسات الاستشفائية التي تحتاجها البلاد والتي تسد الفراغ الصحي المتخصص، لأن وجودها يجعل البلاد في غنى عن اللجوء إلى العلاج في الخارج.

هذا ما سمعناه من بعض المعلقين الذين لم يكونوا راضين بهذا الذي أنجز كانوا يتمنون أن تكون الجهود المالية والفكرية التي بذلتها الدولة في هذا الإنجاز معالجة للحاجات الشديدة التي تبرزها الظروف الصحية في البلاد، هذا هو السبب الذي جعل الاهتمام بالعناية بظروف الجامع لا تتواصل، ولا يتواصل التفكير في إكمال بعض الأوضاع التي تتطلبها العناية بالموضوع.

وما يذكره البعض في جانب آخر، هو أن الذي دفع البلاد على هذا الإنجاز الضخم الذي كلف الدولة أموالا طائلة هو حرص المسؤولين في الدولة على أن يكون إنجازها لهذا الجامع منافسا في العظمة لما تم إنجازه في بعض الجهات القريبة بحيث يكون إنجازنا للجامع في المستوى الذي لا ينافس والذي يكون مستواه لا يقل عن المستوى الذي عبر عنه المفاخرون بإنجازهم، أو يفوقه ولكن هذه الملاحظات لا نجد لها تأسيسا موضحا، وكل ما يمكن ذكره وجعله مبررا لضخامة هذا الانجاز هو أن الدولة كانت حريصة على أن يصبح إنجازها عظيما، ومعبرا عن وجود دولة لها مكانتها، لذا حرص المسؤولون على أن يكون الاهتمام الرسمي موجها لإبراز حرص الدولة الذي يعبر عن اهتمامات الأمة يجعل الجامع الأعظم يسهم في ترقية الفكر، وتطوير المعرفة، وتوفير الظروف العلمية التي تحول نشاط الجامع إلى مجموعة أهداف وأفكار تشخص مجالات الازدهار العلمي، وتجعل البلاد وجها من أوجه الرقي الحضاري الذي هو غاية مساعي البلاد وجهودها الهادفة إلى النهوض بواقع الأمة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!