متى يكون لمؤسساتنا لسان؟

على عكس المرة السابقة، تعاملت المؤسسات الرسمية، من رئاسة الجمهورية إلى الحكومة ووزارة الاتصال مع الضجة الإعلامية التي أثيرت بخصوص تنقل الرئيس بوتفليقة للعلاج بفرنسا بطريقة غريبة، حين اعتمدت الصّمت المطبق إزاء كل ما قيل من أخبار وإشاعات وتحليلات من دون أن يكون هناك بيان أو تصريح رسمي.

وكان على الجزائريين الانتظار يومين كاملين حتى يروا رئيسَهم يقوم بنشاط علني، باستقبال عدد من السّفراء بطريقة فهمت بأنها رد على كل ما قيل من أخبار وتحليلات ذهب بعضها إلى درجة الحديث عن ترتيبات ما بعد بوتفليقة، بينما كان يكفي إصدار بيان رسمي يوضح الصّورة ويعطي المعلومة الرّسمية التي لن يشكك فيها أحد.

كان يمكن لبيان مقتضب من الرّئاسة أو الحكومة أن يضع حدا لكل الجدل الذي دار طيلة يومين كاملين، وأن يغني الجزائريين المعنيين بصحة رئيسهم، عن متابعة أخباره في الفضائيات والوكالات العالمية، والتي كثيرا ما تدس السّم في العسل.

الطّريقة الضّبابية التي تعاملت بها المؤسسات الرسمية ومن ورائها الإعلام العمومي الذي تعامل مع سيل المعلومات حول تواجد الرئيس في غرونوبل، هي التي فتحت الباب واسعا أمام الإشاعات وعمّقت القلق في أوساط الجزائريين وهم يتابعون التّحاليل عبر الفضائيات الأجنبية التي تتحدث عن مرحلة ما بعد بوتفليقة!!

متى يكون لمؤسساتنا الرسمية لسان حال يغنينا عن الإبحار في الانترنت أو الفضائيات لمعرفة الجديد عن أوضاعنا الخاصة، ثم أليس من الواجب على القائمين على هذه المؤسسات أن يحرصوا على إطلاع الشعب على كل المستجدات المتعلقة برئيسهم، وينهوا حالة التضارب الخطيرة لدرجة أن الصحف الوطنية انقسمت بين من يقول إن بوتفليقة في الجزائر، وبين من يقول إنه انتقل إلى فرنسا للعلاج، فإذا لم يغادر الرئيس الجزائر، لماذا لم يصدر تكذيب رسمي لكل ما قيل، خصوصا أن الفضائيات الأجنبية عزّزت معلوماتها بالصّور، وإذا تنقل الرئيس إلى فرنسا، وهو الذي حدث فعلا ، لماذا لم يتم الإقرار بذلك، ما دام الأمر طبيعيا جدا، لأنه في النهاية قصد عيادة معروفة بشهرتها العالمية واختصاصها الدقيق.

ماذا خسرت رئاسة الجمهورية قبل عام ونصف عندما أصدرت بيانا أوضحت فيه سبب تنقل بوتفليقة إلى فرنسا؟ حينها أشاد الجميع بشفافية رئاسة الجمهورية بخصوص مرض الرئيس الذي لم يؤثر على شعبيته، لدرجة إعادة انتخابه بعد عام فقط من الحادثة.