-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
"حصاد الرمال" ضمن منشورات الحبر في معرض الكتاب

محمد ساري يعالج مخلفات العشرية السوداء و جروح ما بعد الإرهاب

زهية منصر
  • 513
  • 0
محمد ساري يعالج مخلفات العشرية السوداء و جروح ما بعد الإرهاب
ح.م
محمد ساري

تقودونا الرواية الأخيرة لمحمد ساري ” حصاد الرمال” إلى مخلفات العشرية السوداء و ما نتج عنها من جروح و ألام و مشاكل غير معلنة ، فقد تكون الحرب انتهت ووضعت أوزارها بصمت السلاح و لكن ثمة حرب أخرى و معارك تخوضها النفوس من أجل الخروج من مستنقعات الحقد و الكراهية و الثائر.

تنطلق أحداث الرواية مع نزول أحد أمراء الحرب من الجبال في إطار قانون الرحمة الذي تحول فيما بعد إلى قانون المصالحة الوطنية و بداية عودته إلى الحياة المدنية. عودة فيصل بوسكين أو فيصل الأفغاني إلى الحياة المدنية يشكل صدمة لدى العائلة و المعارف و توقض تلك العودة أشباح الماضي والرغبة في الثأر والتي لم تنم يوما خاصة في نفس عمي السبتي الذي تسبب فيصل الأفغاني في موت ابنه العسكري الذي تمت تصفيته في حاجز لدى عودته من الخدمة الوطنية.

تعود الرواية إلى الخلفية الاجتماعية لكل من فصيل الأفغاني وعمي السبتي و عبرها إلى الأزمات الاجتماعية التي اتنتجت لنا الإسلام السياسي المتطرف حيث كان دافع أغلب الذين صعدوا إلى الجبال هي الحصول على الامتيازات والثأر من أوضاعهم و التنفيس عن أزماتهم الاجتماعية و ليس تحقيق مشروع .كما كانت عودة فيصل الأفغاني من أجل البحث عن ” غنيمة” الحرب أو أمواله التي أودعها لدى أخ صديقه في الجبال.

تلامس الرواية عمق الإنسان و الطبيعة البشرية و تسائل الأعراف و الأخلاق ،ترى كيف تكون ردة فعل أب مفجوع في ابنه وهو يقف وجها لوجه مع قاتله؟ الإجابة عن هذا السؤال يقدمها محمد ساري بطريقة غير مباشرة من خلال حادثة دفن والدة فيصل بوسكين و عمي السّبتي والد العسكري المغتال في نفس اليوم بنفس المقبرة و هي رسالة واضحة كون قوة الحياة أقوي من رسالة الموت وقد آن لهذا النزيف أن يتوقف و للحياة أن تستمر.

قد تبدو في أول وهلة رواية ” حصاد الرمال” رواية عن الإرهاب لكنها في الحقيقة تساءل المخلفات الاجتماعية لمرحلة من أصعب المراحل التي مرت على الجزائر كما تقارب الإرهاصات التي أدت إلى إنتاج تلك المحرقة. ففيصل بوسكين الملقب بالأفغاني نزل من الجبال ليس بحثا عن السلام الاجتماعي و طلب العفو من ضحيته لكنه جاء بحثا عن الغنيمة ، فبسرعة يتجاوز عمي السبتي الذي فضل الكاتب قتله مقابل انتقال الصراع بين الأفغاني و شريكه في الغنيمة مصطفى الذي كان مشغولا بالتجارة منذ اندلاع الأزمة الأمنية فيستعمل مكره التجاري في التملص من إلزامه مع الإرهابي السابق بأن يسلمه جزء من ” الغنيمة” و يماطله في الجزء الثاني منها.

تتشابك أحداث الرواية بوقوع فيضل في قبضة الشرطة بعد أن تلقى حافلة هدية من شريكه في الغنمية مصطفى لكنها حافلة مسروقة تؤدي بالاثنين معا إلى مقر الشرطة.

فضل ساري ترك نهاية عمله مفتوحة و منح قارئ عمله حرية اتخاذ موقف من الشريكين، ففي النهاية هما شركاء في الجريمة و لا فرق بين من جمع ثروته من الحواجز المزيفة و من جمعها بالسرقات و التحايل على الناس و تبيض أموال الإرهاب.

قارئ الرواية يخرج باستنتاجات دون أن يمارس عليه الكاتب أي أكراه فكري أو اديولوجي أو حتى سردي حيث يمكنه إعادة بناء و تركيب المشاهد انطلاقا من قناعاته و تصوراته ففي النهاية العمل قابل للقراءة على أكثر من وجه . وهنا يوظف ساري خبرته في مقاربة أزمات الجزائر و منها الأزمة الأمنية بطريقة فنية و أدبية تمنح القارئ متعة مطاردة أحداثها دون ملل.

للإشارة صدرت الرواية عن منشورات الحبر بالعاصمة وستكون حاضرة ضمن اصدارت معرض الكتاب الذي ينطلق هذا الخميس حيث ينتظر أن يلتقي الكتاب بالقراء في جلسات بيع بالتوقيع و مناقشة عمله.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!