-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مدارس أم جمعيات خيرية؟

مدارس أم جمعيات خيرية؟

المتتبع لما يحدث هذه الأيام على مستوى المؤسسات التعليمية عبر الوطن، يُصدم من تلك الظاهرة الجديدة التي باتت تتكرر مع كل دخول اجتماعي، وهي ظاهرة الطوابير أمام المصالح الاقتصادية لهذه المؤسسات قصد استلام المنحة التي أقرتها الدولة للتلاميذ المعوزين.

وعلى الرغم من أهمية هذه المنحة بالنسبة لهؤلاء إلا أن الظاهرة أصبحت تؤثر على المهمة الرئيسية للمؤسسات التعليمية لدرجة أن القائمين على هذه المؤسسات باتوا يعطون الجانب الأكبر من اهتمامهم لإتمام هذه العملية في وقتها بل إن وزارة التربية في حد ذاتها وجهت تعليمة لمدراء المؤسسات التربوية تأمرهم بتسخير المقتصدين المضربين لتوزيع هذه المنحة.

وأصبحت تلك الأرقام التي تعلنها الوزارة كل عام عن عدد التلاميذ الممنوحين الذين استلموا 3000 دينار كما استلموا الكتب مجانا، وكأنها إنجازات خارقة تحققها الحكومة التي نجحت في تحويل نصف الجزائريين إلى فقراء ومحتاجين وهاهي تتصدق عليهم مما جادت به آبار حاسي مسعود وحاسي الرمل. 

يفترض أن لا تتحول هذه العمليات التضامنية إلى مفخرة للمسؤولين لأنها تكشف فشلهم وإخفاقهم في تحقيق التنمية، بل وفشلهم في التسيير النزيه لريع البترول لدرجة لا يصل فيها من هذا الريع الذي يضع الجزائر ضمن المراتب المتقدمة في إنتاج البترول والغاز الطبيعي.. لا يصل منه إلا 3000  دينار للمواطن المغلوب على أمره.

ثم أليس من العار التباهي بإهانة ملايين العائلات عبر إلزامها بملف إداري يثبت أن العائلة معوزة وبعد توفر شروط الفاقة والعوز، يستدعى ولي التلميذ إلى المدرسة ويقف هناك لساعات أحيانا من أجل استلام تلك الدنانير، بل ويُطلب منه أن يعود في يوم آخر لأن المصالح الاقتصادية التّابعة للمؤسسات التعليمية في حالة إضراب.

والأخطر من ذلك كله أن بعض الأولياء المغلوب على أمرهم يحرص على استلام هذه المنحة أكثر من حرصه على نجاح ابنه في الدراسة، والأمثلة على ذلك كثيرة ويكفي الوقوف أمام إحدى المؤسسات التربوية للاطلاع على هذا الواقع المأساوي.

لقد تحولت المؤسسات التعليمية في غفلة منا إلى جمعيات خيرية توزع الصدقات والمساعدات، وضاعت التعليمية في ظل هذه الأعباء الإضافية على المدارس في ظل حرص المسؤولين على هذه المهمة بدل الاهتمام بالبرنامج الدراسي وبوضع الأستاذ والمعلم والإطار التربوي الذي بات في ذيل السلم الاجتماعي، بدليل أن الوضع الاجتماعي الحارس في مؤسسة بترولية أفضل بكثير من وضع الإطار التربوي الذي حولته السياسات الحكومية العرجاء موظف بدرجة مساعد إجتماعي.

 

 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • جزااااحقةاااائررررية

    الله يهديها ويهدينا أجمعين

  • مربي متقاعد

    حكوماتنا الجاهلة تستعمل الديماغوجية لتمكين عباقرة اللصوص من نهب أموال المجتمع وإلهاء الشعب العاجز بتوزيع الأرباح ليس في ميدان التعليم فقط بل جميع ميادين الحياة.لقد نبهت وزيرا جاءنا من لالاه أن مطالبة مصالح الاقتصاد بالمؤسسات التربوية جمع الاشتراكات لصالح جمعية خاصة لا يدخل في مهام المدرسة.كان جوابه:هل تفكر أنني سوف أطلب تطبيق ما أدليت به لهم؟معنى ذلك أن حكامنا يهدفون فقط التنصل من مسؤولياتهم ويدفعون الموظفين إلى الإضراب.لا يهمهم لا تعليم التلاميذ ولا القيام بالعمل التربوي.أبناؤهم يدرسون بفرنسا.

  • مواطنة

    وبالرغم من هذه المساعدات التي تفتخر بها الوزارة،يبقى العديد من الأطفال بعيدين عنها،ففي هذا الدخول تكفل زوجي بشراء الأدوات لما يقارب الثلاثين تلميذا بالمدرسة التي تدرس فيها إحدى بناتي،ويعول ست عائلات إضافة إلى عائلتنا،،وهو مجرد رجل بسيط يجاهد النهار كله وراء توفير حاجياتنا البسيطة،نسكن في شقة تتبع وظيفتي التي أساعده بها,وأظن أن العديد مثلنا من يفعل فعلنا،فأين هو دور وزارة التضامن مما يحدث للعديد من الأطفال عند كل دخول مدرسي؟