-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مهددون باضطرابات نفسية وأمراض مستعصية

مدمنون يرتكبون أبشع الجرائم!

عصام بن منية
  • 2076
  • 0
مدمنون يرتكبون أبشع الجرائم!
أرشيف

تكشفت الإحصائيات التي تقدمها يوميا مختلف الأجهزة الأمنية، عبر مختلف ولايات الوطن، عن حجم الخطر الذي بات يهدد المجتمع جراء التفشي المرعب لمختلف أصناف المخدرات التي يتم استهلاكها من طرف الشباب من الذكور والإناث، الذين أصبح يتزايد عددهم بشكل مقلق وسط المجتمع، ما أضحى يهدد الصحة العامة، بحسب مختصين في المجال الأمني والطبي، والذين دقوا ناقوس الخطر، حول مخاطر الإدمان على تعاطي مختلف أشكال وأنواع المخدرات، خاصة منها المهلوسات التي تتسبب في مضاعفات صحية خطيرة لدى مستهلكيها، قد تنتهي بهم إلى الإصابة بالشلل المزمن أو بعض الأمراض السرطانية أو حتى الموت فجأة، ناهيك عما تتسبب فيه من مخاطر على المجتمع، حيث تكشف الإحصائيات المسجلة أن أغلب الجرائم البشعة المرتكبة ينفذها مجرمون تحت تأثير تعاطي المخدرات دون إدراك منهم.
وعلى الرغم من أن مختلف الأجهزة الأمنية تعمل بالتنسيق في ما بينها في مجال مكافحة جرائم تهريب وترويج المخدرات بمختلف أصنافها من قنب هندي أو مهلوسات وكوكايين، وتمكنت من تفكيك العديد من الشبكات الإجرامية المختصة في هذا المجال الإجرامي، الذي يضرب المجتمع في الصميم، إلا أن ذلك لم يحد من ظاهرة تجارة المخدرات، التي تدر أموالا طائلة، حيث تقوم عصابات بالمجازفة وإدخال بعض أنواعها، خاصة منها القنب الهندي والكوكايين إلى الجزائر عبر الحدود عن طريق التهريب، ومنه إلى توزيعها عبر الولايات الداخلية، رغم الحصار الأمني الذي تفرضه الأجهزة الأمنية، التي تتمكن في أغلب الأحيان من إحباط تلك العمليات، إلا أن كميات من المخدرات قد تصل إلى مستهلكيها.
وفي مجال تجارة المهلوسات والأدوية المصنفة ضمن خانة المؤثرات العقلية، فإن بعضها يتم تهريبها من الخارج، على غرار المخدرات الصلبة كالإكستازي والبريغابالين، فيما تستغل بعض العصابات طرقا إجرامية لتحويل بعض الكميات الموجهة للعلاج بهذا النوع من المؤثرات العقلية، وترويجها وسط تجار ومستهلكي المخدرات، بالاعتماد على وثائق تجارية مزورة، أو وثائق مؤسسات وهمية لصناعة وتسويق الأدوية، أو حتى بالتواطؤ مع بعض الشركات المتخصصة في إنتاج هذا النوع من الأدوية، حيث كشفت بعض العمليات الأمنية عن ذلك في بعض تدخلاتها وخلال التحقيقات التي باشرتها بعد تفكيكها لبعض عصابات نقل وترويج المؤثرات العقلية بين بعض الولايات.
وتختلف أنواع المهلوسات والمؤثرات العقلية باختلاف مفعولها، وتأثيرها على عقول متعاطيها وإدراكهم، حيث إن بعضها يؤخذ في شكل أقراص وآخر في شكل كبسولات والبعض الآخر في شكل محاليل أو حتى مسحوق، إلا أنها كلها تعطي الإحساس المؤقت بالنشوة والشعور بالابتعاد عن الواقع ومشاكله، ومنها حتى ما يفقد الوعي، لدى مستهلكه.

“الإكستازي” تتلف العقل وتدمر الجسم وتسبب العجز الجنسي
مخدر “الإيكستازي” أو “ليكستا” أطلق عليه تجاره في الجزائر تسمية الحلوى أو سيبرمان، وبدأ ترويجه من طرف شبكات إجرامية منظمة، في وسط الجنس اللطيف، من اللائي استهوتهن الفكرة وعرضها على أخريات للمغامرة وأخذ تجربة جديدة مع أقراص ليكستا التي يشبه شكلها قطعا من الحلوى الصغيرة، كتلك التي تباع في محلات البقالة وبألوان مختلفة. وبدأت شهرة ليكستا من الملاهي المتواجدة في المدن القريبة من الحدود المغربية للبلاد وامتدت إلى الوسط ومنها إلى الشرق الجزائري، وبدأ سعرها يزداد من يوم لآخر فوصل سعر قرص واحد من ليكستازي إلى مبلغ 2500 دج.
وعلى الرغم من حملات التحسيس والتوعية التي بادرت إليها مختلف الجمعيات الناشطة في الميدان والمتخصصة في مجال مكافحة آفة المخدرات بمختلف أصنافها، إلا أن ذلك لم يحد من ظاهرة انتشار هذا النوع من المخدرات أو بالأحرى الحلوى المسمومة، التي أصبحت تستهوي الشباب والمراهقين في الجامعات وحتى في بعض الثانويات، الذين تغيرت سلوكاتهم وتراجعت نتائجهم الدراسية بعد إقدامهم على تعاطي هذا النوع من المخدر الفتاك، خاصة وأنهم يجدون لذة في استهلاكه ويزداد طلبهم عليه من يوم لآخر، ما ساهم في إنعاش تجارته بسبب انتشاره السريع، حتى أصبح المخدر المفضل لدى متناولي مختلف أنواع السموم رغم غلاء سعره.
تركز مختلف المصالح الأمنية على المخدرات الصلبة والحشيش على الحدود الغربية، من خلال الضربات الموجعة التي وجهتها إلى مختلف الشبكات المتخصصة في نقل وتهريب المخدرات من المغرب باتجاه الجزائر باستعمال مختلف الوسائل والطرق، وحجز الأطنان من الحشيش بالإضافة إلى كميات معتبرة من الكوكايين والهروين، وتترصد المهربين لهذا الدواء من المغرب إلى الجزائر بالاعتماد على النساء والطالبات الجامعيات اللائي يتم استغلالهن ضمن شبكات منظمة لنقل كميات معتبرة من هذا الدواء من المغرب إلى الجزائر.
وتم تصنيف أقراص مخدر “ليكستا” ضمن المنتجات الأكثر خطورة على الصحة، بعدما تم تصنيفها في خانة المخدرات الصلبة شأنها في ذلك شأن الكوكاكيين والهيروين وغيرهما، لتأتي بعدها مخدرات الأفيون والقنب الهندي، بل أن أمريكا ودولا في أوروبا منعت تعاطي هذا النوع من المخدر كدواء منذ نحو ربع قرن كامل، لما له من مضاعفات خطيرة وقاتلة على صحة الإنسان، إلا أن الإقبال عليها في الجزائر لازال متزايدا من طرف المراهقين والشباب من الجنسين، لما تسببه من شعور بالنشوة والنشاط مع الإحساس بحيوية عجيبة وتزيد القوة الجنسية بعد تعاطيها مباشرة، حيث يشعر الإنسان بحالة من الفرحة والبهجة والرغبة المفرطة في ممارسة الجنس والضحك الهستيري والاستهزاء، ويؤدي الإدمان على تعاطي الاكستازي بحسب بعض الأبحاث إلى الإصابة ببعض الأمراض الخطيرة وظهور بعض الأعراض التي قد تؤدي إلى الموت المفاجئ. وقد أشارت إحصائيات أعدتها بعض المنظمات التي تعمل على مكافحة آفة المخدرات أن أكثر من مليون شخص مدمن في العالم يموتون سنويا موتا مفاجئا بسبب تعاطي ليكستا. كما أن أخطارها متعددة ومتنوعة على صحة الإنسان، جراء الإصابة بالانهيار المباشر للجسم بعد الإصابة بدوار قد يؤدي إلى انفجار خلايا الدماغ ويسبب جلطة دماغية قاتلة، ناهيك عن تخريب جهاز المناعة، والإصابة السريعة بتليف الكبد وغيرها، كما أن الإدمان على دواء ليكستا من شأنه التسبب في الإصابة بالضعف الجنسي وعدم القدرة على الإنجاب مستقبلا بالنسبة للرجال.
وأكدت منظمٌة الصحة العالمية في تقاريرها أنه يمكن لمتعاطي هذه المهلوسات أن يصبح مدمنا على الجنس وقدرت المنظمة أن 35 بالمئة من الرجال الذين يتعاطون ليكستازي أصبحوا شواذ في ظرف أشهر قليلة فقط.

“الصاروخ” يطير بعقول الشباب إلى الخيال ويصيبهم بالسرطان
وإن كان مخدر الإكستازي أقوى تأثيرا على عقل وجسد مستهلكه، فإن دواء “البريغابالين” أو “ليريكا” الذي يوصف للمصابين ببعض الكسور والأمراض العصبية للتخفيف من آلامهم الجسدية، انتشر استهلاكه بشكل سريع وسط متعاطي المخدرات، الذين اكتشفوا مفعوله وتأثيره على العقل، ويطلق عليه مروجوه ومستهلكون تسمية ـ الصاروخ ـ لما له أيضا من مفعول قوي على عقل الإنسان، الذي يبتعد عن واقعه لفترة من الزمن، ويزداد مفعول هذا الدواء الذي يتحول إلى مخدر قوي التأثير بعد تفاعله مع مشروب غازي يشربه مستهلك “البريغابالين”، فيشعر بالنشوة ويبتعد بفكره عن مشاكله الواقعية لعدة ساعات، قد يستفيق بعدها على كابوس ارتكابه لجريمة أو اعتداء على الغير.
ويختلف مفعول دواء “البريغابالين” باختلاف نوعه ومكان صنعه، ليبقى الأقوى منه على الإطلاق هي كبسولات بريغابالين 300 ملغ. وقد ظل هذا الدواء ولوقت قريب غير مصنف في الجزائر كمؤثر عقلي، كونه كان يقتصر على تعاطيه كدواء لعلاج الصرع وتخفيف آلام العظام والعضلات واعتلال الأعصاب الناتجة عن إصابات العمود الفقري وغيرها، ويصفه الأطباء للمريض وفق شروط محددة، لكن الإقبال الكبير والمتزايد عليه من طرف عصابات ترويج المخدرات ومستهلكيها، دفع بالسلطات العمومية إلى إدراجه ضمن الأدوية المصنفة كمؤثرات عقلية، ويعاقب القانون مروجيها ومستهلكيها بأشد العقوبات، شأنها في ذلك شأن باقي أنواع المخدرات الأخرى.
ويؤدي الإدمان على استهلاك الصاروخ الذي يطير بعقول مستهلكيه إلى عالم الخيال لوقت من الزمن، بعيدا عن الواقع ومشاكله، إلى مضاعفات نفسية صحية خطيرة، حسب بعض الأطباء والمختصين، حيث إنه يمكن أن يسبب حدوث بعض الآثار الجانبية الأكثر خطورة، حيث إنه وبحسب منظمة الغذاء والدواء العالمية، فإن شخصا واحدا من خمسمائة شخص، قد تكون له أفكار انتحارية، أثناء تعاطيه لدواء “ليريكا”، كما أن طول مدة استهلاك يؤدي إلى مضاعفات صحية جد خطيرة، على غرار الإصابة الحتمية بالتليف الكبدي، والسرطان، كما أن مادة اليريغبالين التي لها تأثير مسكن قوي، فإنها تقلل من الإحساس بالدافع الجنسي لدى الرجال، ثم يصل الأمر إلى ضعف جنسي وبعده عجز جنسي كامل، ناهيك عن الإصابة بتشنجات في الجسم، والاكتئاب والقلق وغيرها من المضاعفات الصحية الأخرى التي تفقد الشخص توازنه النفسي والجسدي.

جرعات إضافية من المخدرات تنهي حياة شباب في عمر الزهور
رغم الحصار الأمني الذي تفرضه مختلف الأجهزة الأمنية على عصابات تهريب وترويج مختلف أصناف المخدرات والمؤثرات العقلية عبر مختلف الولايات وعلى الشريط الحدودي، من خلال حجم الكميات المحجوزة يوميا، إلا أن الإقبال على تعاطي المخدرات يبقى في تزايد مستمر، رغم القوانين الردعية التي تضمنها قانون العقوبات الجزائري، ضد المتورطين في ترويج واستهلاك المؤثرات العقلية، التي تتصدر ملفاتها القضايا المجدولة على مستوى المحاكم والمجالس القضائية. وفي ظل التأثير المباشر لهذا الخطر الزاحف على المجتمع في غير إدراك من مروجيه أو مستهلكيه، تبقى كل أطياف المجتمع مطالبة بتحمل مسؤولياتها الكاملة وخاصة الأولياء، بتدخلهم المباشر لمراقبة تصرفات أبنائهم وبناتهم للحد من ظاهرة تعاطي المخدرات التي تعتبر السبب الرئيسي في ارتكاب مختلف أنواع الجرائم التي تهز كيان المجتمع، بعدما أضحى شبابه من المدمنين على تعاطي مختلف أصناف المخدرات التي تصنع لهم سعادة وهمية مؤقتة وتنتهي باضطرابات نفسية وأمراض مستعصية قد يصعب العلاج منها.
وقد تم تسجيل وفيات من شباب في عمر الزهور، بعد إصابتهم بنوبات قلبية مفاجئة، بسبب تعاطيهم جرعة إضافية من لأحد أنواع المخدرات الصلبة، خاصة منها ” الكوكايين” أو”الإكستازي” أو غيرها، مخلفين وراءهم حيرة وحزنا في أوساط عائلاتهم التي يقتلها الحياء ألف مرة ومرة دون الإفصاح عن السبب الحقيقي لوفاة أحد أبنائها نتيجة تعاطيه لجرعة من المخدرات.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!