الرأي

مرحبا بلقاح “الصهر”

عمار يزلي
  • 971
  • 1
ح.م

تبدأ اليوم السبت حملة التطعيم ضد وباء كوفيد 19 انطلاقا من البليدة، مركز الانطلاق وأول بؤرة للوباء. انطلاقة رمزية توحي أن بداية النهاية ستأتي من نهاية البداية وأن المدينة التي انطلقت منها الجائحة “المستورَدة” من فرنسا، ستنحسر انطلاقا من هذه المدينة، التي عرفت كيف تخرج من عنق الزجاجة بفعل العمل الصحي والتنسيق الإداري ومختلف البروتوكولات التي اتبعت إلى حد الآن هنا في هذه المدينة أو غيرها. هذا على الرغم من أن الجائحة لم تصل يوما عندنا إلى ذروة الخطر الأقصى، إذ تصبح المستشفيات عاجزة تماما عن الاستيعاب، كما حصل في عدة دول أوروبية وفي أمريكا اللاتينية. مع ذلك، طال الأمد بالجائحة، ووجد المواطن نفسه في وضع لا يُحسد عليه، مما ترك انطباعا لدى العامة بأن الوباء مبالغٌ فيه، وأن الإجراءات المتخذة مزايدة سياسية وصحية غير مبررة، أو أن الوباء نفسه مجرد مزحة أو في أسوأ الحال مؤامرة. هذا المزاج الذهني العامّ هو ما صعَّب الأمر على المشرفين على تطبيق البروتوكولات الصحية في الأماكن العمومية وفي المؤسسات وسهَّل على الفيروس الانتقال ليعمَّ كامل الولايات ولو بدرجات متفاوتة ويطول به الأمدُ بعد أن أنهينا سنة بكاملها والفيروس لا يزال بيننا قائما ويتمدَّد وباقيا ويتجدَّد.

وصول أول دفعة من جرعات لقاح “سبوتنيك 5″، من شأنه أن يعطي جرعة من الأمل نحو القضاء على الجائحة في غضون الأشهر الأربعة أو الخمسة القادمة إذا ما سارت الحملة على ما يرام وأقبل الناس على التلقيح طواعية.

الحمد لله أننا تمكنا من الحصول على نصف مليون من الجرعات الأولى والتي قد لا تكفي، كون أن كل شخص بحاجة إلى جرعتين بفارق 3 أسابيع على الأقل بين الأولى والثانية، مما يعني أنه بالإمكان تلقيح نصف مليون خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة في انتظار أن تصل الدفعات المتبقية التي قد تكون بكميات أكبر في ظل التنافس الشرس بين البلدان على اقتناء اللقاحات الموجودة في السوق والتي لا تكفي محليا وبالتالي دوليا.

نحن فعلا أمام أزمة ضمير أخلاقي عالمي: أمريكا ترامب وبايدن أيضا، جعلت من لقاح فايز وموديرنا لقاء للأمريكيين أولا.. مما يعني أنَّ العالم المتبقي لن يحصل إلا على القليل جدا منهما مادام أن إدارة بايدن تعهَّدت بتلقيح 100 مليون أمريكي خلال الـ100 يوم الأولى، أي بمعدل مليون جرعة في اليوم وهو أمرٌ صعبٌ تحقيقه إذا لم تقم أمريكا بتخصيص كل الإنتاج لها وتفعِّل مخطط الدفاع في إنتاج اللقاح وباقي لوازم محاربة الجائحة. هذا ما صعَّب الأمر أيضا على بريطانيا رغم أنها كانت ثاني دولة تحوز على لقاح فايز وترخِّص له قبل أن ترخِّص للقاحها “أسترازينكا أوكسفورد”. مع ذلك، تجد اليوم بريطانيا نفسها أمام قلة وفرة في اللقاحات، مما يعيق تلبية طلب عدة دول للقاحها، وهو ما حدث مع الجزائر، إذ كان الأمر يتعلق باستيراد كميات منه، إلا أن أزمة الإنتاج والتوريد والمنافسة الشرسة والضغوط السياسية، دفع نحو “طلب اللقاح ولو في الصين.. والهند”. لهذا من المتوقع أن نجد صعوبة في الحصول على لقاحات أخرى خارج دائرة الـ”صهر”: الصين، الهند، روسيا، وحتى إذا حصلنا بعد أشهر على لقاحات أخرى، ستكون بكميات قليلة وسنكون على مشارف الانتهاء من تلقيح نحو 20 مليون مواطن.. هذا فقط إذا توفر اللقاح بكميات كبيرة من الـ”الصهر”.

مقالات ذات صلة