مستقبل التأثير في الوعي
-
-
2247
-
3
عند كتابة أية مقالة، أو التلفظ بأي لفظ، هناك من يرصدك في مكان ما في هذا الكون.. خاصة إذا كانت كتابتك إلكترونية وكلامك عبر الهاتف النقال. هناك آذان كبيرة للاستماع موضوعة في أكثر من مكان في العالم قادرة على تحليل أكثر من مليار معلومة في الثانية. والبشر كلهم لا يزيدون عن السبعة ملايير بأطفالهم ومجانينهم ومن بلغ منهم أرذل العمر، بمعنى أن هناك اليوم إمكانية للاستماع لكل البشرية في ثانية واحدة وتسجيل ما تقول.
ومن التسجيل إلى التحليل إلى بناء استراتيجيات التأثير.
لا يمكننا أن نشك إطلاقا، أننا عن وعي أو عن غير وعي، أردنا أم لم نرد، نحن الآن في هذا العصر نعيش تحت تأثير تكنولوجيات وسائل الاتصال والمعلومات، وهو ما يسمى لدى خبراء النزاعات بالصراع من أجل التأثير في عقول الناس من أجل مراقبتها والتحكم فيها عن بعد أو ما يعرف بحرب الشعور أواللاّشعور المتعلقة بالعقل Psychisme التي ستستمر إلى جانب حرب الفيروسات الإلكترونية إلى غاية سنة 2060 كأكبر حرب في تاريخ البشرية في تقدير معظم الاستشرافيين.
نحن إذن نعيش هذه المرحلة.. فهل نحن بصدد مواجهتها بالوسائل المناسبة أم مازلنا نستخدم وسائل عفا عنها الزمن؟
من خلال ما حدث في بعض البلدان العربية يبدو أن لجوء بعض القوى للثورة الناعمة القائمة على إحداث التأثير في العقول والسلوك وشعور الناس ولاشعورهم، من خلال الخطاب والتظاهر السلمي، لم يعجب الكثير من القوى، فسعت بكل الوسائل إلى الارتداد بحركة التغيير إلى أسلوب القرن الماضي: العنف، وهكذا تم إغراق سورية فيه، وأصبح مألوفا عند العراقيين، وبدأ في شكل اغتيالات سياسية في تونس، وصراع جهات وجماعات في ليبيا، ونزاع القبائل في اليمن… والأكبر من ذلك نزاع داخلي متعدد الأطراف في مصر…
كل هذا ليبقوا أسيادا على جبهة الصراع المرتبط بالعقل، ونبقى أذنابا نقتل بعضنا البعض على جبهة الصراع البدائي الذي يقبل باستخدام كافة أنواع الأسلحة للإطاحة بخصمه أو التغلب عليه، إلا العقل.. وهي مصيبتنا الكبرى..
