الرأي

معذرة أيها المحترمون.. لقد فاتكم القطار

حسان زهار
  • 2296
  • 22
ح.م

إلى الآن.. ولم يعد يفصلنا عن موعد الحسم الرئاسي سوى شهرين.. ما زال هنالك من يواصل لعبة إرسال رسائل من تحت الماء.. بحثا عن “تسلم السلطة” من قارئة الفنجان.

إلى الآن.. ما زال هنالك من يكتب من مخدعه، وينظر من مخيلته، ويمني النفس بأن يتوقف قطار الوطن، ليعيد توجيهه من جديد إلى وجهة هو يرضاها، بينما القطار انطلق.. ويكاد يصل إلى محطة الوصول.

إلى الآن.. ما زال هنالك من يأمل في وقف قطار الانتخابات، وغلق مكاتب الاقتراع، وتكسير الصناديق..

إلى الآن، ما زالت نفس النغمة، ونفس المخرجات والمطالب القديمة، حتى أن الرسالة الأخيرة التي وإن كانت تحمل توقيعات فيها قامات محترمة، وأسماء ثقيلة، إلا أنها حملت تناقضات هائلة…

وإلا كيف تكون “الانتخابات مغامرة وقفزة في المجهول”، بينما المرحلة الانتقالية هي الحل الآمن؟ كيف توجه خطابا بغرض إيجاد الحلول وتعتبر السلطة الحالية ممثلة في الجيش “تفرض قبضتها الحديدية وتمارس الوصاية الأبدية على الشعب”؟ كيف تشيد وتراهن على الحراك في نفس الوقت الذي تعترف فيه بوجود خطاب الكراهية المهدد للوحدة الوطنية داخل نفس هذا الحراك؟

أليس غريبا أن يتم معاتبة السلطة لكونها كما يقولون “شكلت لجنة حوار صورية”.. بينما ظلوا هم دائما يرفضون دعوات الحوار التي أطلقتها السلطة؟ كيف يرفضون الحوار ومخرجات الحوار، ويستغربون تشكيل سلطة وطنية للانتخابات من دون توافق مع الفاعلين السياسيين؟ أليس هؤلاء الفاعلون هم من رفضوا دور الفاعل، والآن يشتكون سوء حالة “المفعول به”؟

أليس مستغربا أن يتم الاعتراف أخيرا بحل الانتخابات بشروط الشفافية والتهدئة، بينما كانت بالأمس مرفوضة من حيث المبدأ؟ وكيف يستوي هذا الأمر مع مطلب رحيل رموز النظام بمن فيهم رئيس الدولة المؤقت؟

إن مطالب إطلاق سراح  معتقلي الحراك(..)، وإيقاف المتابعات، لا يختلف حولها اثنان، لكن هل رفع الرايات غير الوطنية، وإهانة مؤسسات الدولة وشعارات التخوين والشتائم تدخل في نطاق حرية الرأي؟ وهل العمل مع الخارج والتآمر على أمن واستقرار البلاد تدخل ضمن الحريات العامة؟

ثم ما بال قوم لا يبرحون في كل حلهم وترحالهم عن كلمة “التوافق”؟ التوافق من أجل ماذا، وحول ماذا؟ إن كان التوافق غرضه تقسيم الكعكة وتقاسم السلطة بين تيارات وشخصيات لم يمنحها الشعب صوته، فهذا تحايل واحتيال وليس توافقا؟ أما إذا كان التوافق هو توقيف القطار الذي انطلق نحو محطته الأخيرة من أجل أن يركب المتخلفون عنه، فهذا أمر آخر.

لقد قالها قائد الأركان نائب وزير الدفاع صراحة في خطابه الأخير “إن قطار الجزائر قد وضع على السكة الصحيحة والمأمونة وتم توجيهه نحو الوجهة الصائبة التي يرتضيها أخيار الوطن”.. ولا نعتقد أن توقيف القطار الآن بات أمرا ممكنا..

كان يمكن فعل ذلك من قبل عندما كان هنالك متسع من الوقت..

كان يمكن ذلك لو امتلك هؤلاء وغيرهم طوال الشهور الماضية القليل من الشجاعة.. لكي يشاركوا في الحوار ويفرضوا أفكارهم، وينخرطوا في سلطة الانتخابات ويمنعوا التزوير.. بل وأن يترشحوا لمنصب الرئاسة ويعرضوا أنفسهم على الشعب مثل غيرهم لنرى وزنهم الحقيقي…

أما الآن.. فمعذرة أيها الأعزاء.. معذرة أيها المحترمون.. فقد فاتكم القطار.. فاتكم القطار.

مقالات ذات صلة