-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

منطق، لا تموت ولا تحيى

منطق، لا تموت ولا تحيى

هل يُعقل أن الولايات المتحدة الأمريكية، بأجهزة استخباراتها الـ 17، وبما لديها من آلاف المراكز لتقييم الموقف واتخاذ القرار، ما زالت تدرس إلى الآن الوضع في مصر ولا تعرف إن كان انقلابا أم لا.. وما زالت لا تعرف ما إذا كانت سوريا تمتلك أو لا تمتلك أسلحة كيماوية ومن يستخدمها.. ومن يخرب في العراق.. ومن يقتل في ليبيا وتونس.. ومن يُفسد في كافة البلاد العربية؟

هل يُعقل أن هذه القوة العظمى ما زالت تُقيّم الموقف، وهي التي لديها القدرة على تسيير حربين كونيتين في آن واحد، وهي التي اتخذت قرار غزو العراق في أقل من شهر؟

  هل يُعقل أن الاتحاد الأوروبي ما زال إلى حد اليوم لا يعرف من الظالم ومن المظلوم في مصر وفلسطين وسوريا وغيرها في البلاد العربية؟

يبدو بأن الأمر لا يتعلق بعدم قدرة على معرفة الحقائق، وبعجز عن تقييم الموقف واتخاذ القرار، إنما بسياسة مدروسة تقوم على ما يُسمى بالمنطق الغامض logique floue، وهو منطق يعتبر أن بين حالتي الصواب والخطإ  هناك ما لا نهاية من الحالات القريبة من الخطإ أوالقريبة  من الصواب. وقد ه ابتكره العالم  Askar Zadeh سنة 1965 ليستخدم بشكل واسع في الدراسات الفيزيائية، وللاقتراب من حالات الارتياب والشك، ولعل الأمريكيين اليوم وجدوا فيه ضالتهم، وعليهم تجربته اليوم على نطاق واسع في العالم العربي: فالقرارات تجاه هذه المنطقة ينبغي ألا تكون على أساس معرفة من هو على خطإ ومن هو على صواب (المنطق الأرسطي)، أو من هو بينهما (المنطق الثلاثي) إنما ينبغي أن تبقى ضمن مفردات هذا المنطق الغامض من ضبابية وتردد وتخبط واهتزاز وعدم تحديد…

ليكون من نتيجة ذلك الواقع الذي نعرفه اليوم: بلداننا لا هي بالديمقراطيات الواضحة ولا بالدكتاتوريات الصريحة. وشعوبنا لا هي تعرف الحرب الشاملة ولا هي تعيش السلم العام. قوانا السياسية لا هي تنسحب من الساحة تماما ولا هي تستطيع الاتفاق على برنامج مشترك أو سياسة محددة المعالم تخدم المصلحة العليا لبلدانها، بل حتى المواطن لدينا، لا هو بقادر أن يكون ثائرا يعرف غايته ولا رعية خاضع لكل طلب…

وهي حالة تستجيب تماما لما يُراد لنا أن نكون عليه كأمة،  أن نبقى باستمرار بين الحياة والموت، حقل تجارب لنظرياتهم الجديدة ومنطقهم الجديد: مرة للحرب اللاّمتناظرة في العراق، وأخرى للحرب على الإرهاب في أفغانستان، وثالثة للعمليات العسكرية غير الحرب MOOW في السودان وسوريا، ورابعة لهذا المنطق الغامض…

اللهم بصرنا بأبعاده حتى لا ننغمس في نار فتنة لا نموت فيها ولا نحيى…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!