الرأي

من‮ ‬وحي‮ ‬قطر‮!‬

رشيد ولد بوسيافة
  • 4676
  • 9

وأخيرا اكتشف خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، بأن ما يجري في سوريا هو ربيع وليس مؤامرة، ذلك ما قاله في آخر تصريح صدر عنه في سياق وصفه لما يحدث في سوريا، هذا التصريح يتناقض تماما مع المواقف الثابتة لحماس منذ اندلاع الأزمة السورية، والتي كانت دائما‮ ‬تؤكد‮ ‬أن‮ ‬الأزمة‮ ‬هي‮ ‬داخلية‮ ‬بين‮ ‬السوريين‮ ‬أنفسهم،‮ ‬ولا‮ ‬يمكن‮ ‬لحماس‮ ‬أن‮ ‬تتدخل‮ ‬في‮ ‬أمر‮ ‬داخلي‮.‬

هذا الموقف المتّزن جلب لحماس الاحترام، لأنها أولا لم تتنكر للنظام السوري، والذي على مساوئه كان يحتضن المقاومة ويدعمها ويوفر الحماية لكوادرها، من بينهم خالد مشعل نفسه، وثانيا لأن حماس لم تتخذ موقفا معاديا للثورة المصرية التي اندلعت ضد النظام الدكتاتوري.

لكن مالذي تغيّر حتى تنقلب حماس على نفسها وتقرّر الوقوف إلى جانب طرف سوري على حساب الطرف الآخر، أم أن خروج قادة حماس من سوريا جعلهم يغيّرون مواقفهم كليا ويتنكّرون لمن قدّم لهم الحماية لعقود.

ثم هل يمكن وصف ما يحدث في سوريا بأنه ربيع، وقد بلغت المواجهة المسلحة بين الطرفين درجة خطيرة تهدّد بزوال سوريا كلها، حيث تحولت المدن إلى أطلال وتحول الشعب السوري إلى جموع بشرية تتسوّل الطعام والشراب في تركيا والأردن ولبنان.

لا يمكن لعاقل أن يصف هذا الوضع الكارثي بالربيع، ولا يمكن لأحد أن يدّعي أن مشيخات الخليج التي لا تعرف معنى الديمقراطية، أصبحت هي عرّاب الديمقراطية في سوريا، من خلال دعمها للمقاتلين بالسلاح والمال مما شجّع على ظهور جماعات منفلتة تكفر حتى بالديمقراطية التي تقاتل‮ ‬من‮ ‬أجلها‮.‬

ما يحدث في سوريا مؤامرة كبيرة ضد الشعب السوري، بغض النظر عن أطراف هذه المؤامرة التي من بينها النظام السوري نفسه، والذي أظهر قدرا من البشاعة والعنف في التعامل مع شعبه ما لم تظهره أعتى الأنظمة الديكتاتورية في العالم.

أما الطرف الثاني للمؤامرة فهم أولئك الذين يدفعون في اتجاه المواجهة المسلّحة، ويزودون المعارضة بالسلاح والمال ويشجعون على القتال بين السوريين، ويرفضون كل مقترح أو دعوة إلى حل سلمي تفاوضي للأزمة السورية.

مقالات ذات صلة