الرأي

من يعالج الـ “OMS” من جائحة الكذب

حبيب راشدين
  • 2752
  • 17
غيتي إميجيز / آي ستوك
ممرضة تحضر علاجاً طبياً من ديكساميثازون وهيبارين في المستشفى يوم 27 أفريل 2020

لأن لعبة تخويف الشعوب بجائحة فيروسية هي أكذب من “جائحة” الإرهاب المصنع، قد افتضحت في شمال المعمورة، فقد وجهت “المنظمة العالمية للصحة” سهامها المسمومة لرشق القارة السمراء، تتوعدها وتستشرف لها انتشارا سريعا للوباء، ولم تتردد في تزييف المعلومات الرسمية التي تصلها من الحكومات، وكانت فوق ذلك انتقائية بامتياز، بتوجيه الأصابع إلى الوضع الوبائي في خمس دول إفريقية تحديدا هي: الجزائر، وجنوب إفريقيا، ومصر، ونيجييا، وجنوب السودان.

الدليل الوحيد الذي استندت إليه المديرة الجهوية للمنظمة لتصنيع هذا التهويل، هو القول بأن نصف الإصابات جرت في العشرين يوما الأخيرة، مقابل نصف آخر سجل في ثلاثة أشهر، هو ادعاء باطل على الأقل في الحالة الجزائرية، التي تشهد استقرارا في الإصابات، وتراجعا في مستوى الوفيات، مع تحسن كبير في نسب الامتثال للشفاء.

الاحتجاج القوي الذي صدر عن اللجنة الوطنية المكلفة بالسهر على إدارة الحالة الوبائية له أكثر من مبرر، لأن تصريحات المديرة الجهوية قد شككت بلا حياء في “نزاهة” الهيئات الطبية الإفريقية، ولم تلتفت إلى أن عدد الوفيات في يوم واحد، في بلد مثل فرنسا حتى بعد أعلن الانتصار على كوفيد 19، يفوق مجموع وفيات القارة في زمن الذروة التي تتوعدنا بها المديرة الجهوية للمنظمة، وأن إجمالي الإصابات في القارة (أقل من 200000 حالة) لا يساوي سوى 2,5 بالمائة من مجموع الإصابات المعلنة في العالم.

وفي الواقع، فإن تزييف المنظمة للحقائق، وإهانتها المقصودة للإطار الصحي الجزائري المسير والعامل، قد يفسره إحراجه غير المتعمد للمنظمة في أكثر من موطن، حين لم يلتفت لبياناتها التي حرمت استعمال بروتوكول العلاج بالكلوروكين، وكان سباقا في اللجوء إلى تقنية التشخيص المبكر بجهاز سكانير، ونجح بإمكانيات محدودة في علاج أكثر من 7600 مصاب من بين عشرة آلاف حالة إصابة موثقة، وصان فوق ذلك المنظومة الاستشفائية من الانهيار، حتى إن نسبة استعمال أسرة الإنعاش لم تزد عن 17 بالمائة، فيما كانت المنظومات الأوروبية والأمريكية تنهار، وتُرك أهل دور المسنين لرحمة “الموت الرحيم” الذي شرعن على نطاق إجرامي واسع لم يحرك للمنظمة ولمنظمات حقوق الإنسان ساكنا.

ومن الواضح أن المنظمة العالمية للصحة تعيش أياما صعبة، بعد أن تورطت في مسايرة الأجندة التي كانت تعمل من الخلف لتصنيع رعب عالمي مستدام حيال وباء ظهر بعد حين: أنه ليس أكثر فتكا من أي أنفلونزا موسمية أخرى، حتى مع التجاوز على طرق التشخيص المبتذلة، واحتساب الوفيات بتحميل كوفيد 19 وفيات كان لها أكثر من سبب ومرض عضال عند المسنين، وأن المنظمة المخترقة من قبل مركبات تصنيع الأدوية واللقاحات، إنما تبحث عن مخرج لورطتها التي كلفتها غضب الإدارة الأمريكية، وضياع مصداقيتها لدى كثير من الدول والشعوب، وربما كانت تعول في السر على تفشي أكبر للوباء بالقارة السمراء لكي تنقذ مشروع تسويق التلقيح في قارة سبق أن أضرت بها اللقاحات أكثر من الأوبئة.

 بلا شك لدينا تحفظات كثيرة وانتقادات موضوعية للهيئة الوطنية الساهرة على تسيير التصدي للوباء، ومنها تحديدا خضوعها المبكر لـ”نصيحة” المنظمة بتفعيل الغلق والعزل الاجتماعي، الذي عطل الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، والروحية للمواطنين، بكلفة مالية، واجتماعية، ونفسية، وروحية، لم تكن تبررها نسب الإصابات والوفيات المتدنية، وقد ثبت باعتراف رئيس الجمهورية، أن قطاع الفلاحة، الذي لم يحترم قرار الغلق، قد نجح في تحقيق واحد من أفضل المواسم، دون أن يشهد عالم الريف زحفا خارقا للوباء، ليكون شاهدا على بطلان قرار الإغلاق، الذي كان سيفي بالمهم لو اقتصر على غلق حدود البلاد من باب الاحتراز.

غير أن الدرس المستفاد هو أنه بات لزاما على الرئيس وعلى الحكومة ألا يركنا، عند التعاطي مع  هذا الملف كما في باقي الملفات، لرأي الخبراء الذي يبقى رأي آحاد كيفما كانت كفاءتهم العلمية، لأن إدارة الشأن العام كانت وستظل من اختصاص أهل السياسة، وإلا ما كنا بحاجة إلى انتخاب مؤسسات سياسية، وكنا فوضنا أمرنا لتحكم الخبراء والعلماء والتقنوقراط.

مقالات ذات صلة