-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مهمة مستحيلة في “جنيف 3”

حسين لقرع
  • 1537
  • 0
مهمة مستحيلة في “جنيف 3”

.. “إلى كل رجلٍ، إلى كل امرأة، إلى كل طفل وطفلة من سوريا، داخل سوريا أو خارجها، في مخيمات اللاجئين، أو في أي مكان كان.. إننا نعوّل عليكم لتقولوا لمن يأتي إلى هذا المؤتمر: كفى للقتل والتعذيب والسجون ولتدمير المباني وقصف المدن، نحن بحاجة الآن إلى قدراتكم للوصول إلى حلّ وسط، إلى حل سلمي في سوريا…”.

هي مقتطفاتٌ من رسالة مفتوحة بعثها مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا، إلى الشعب السوري قبيل انطلاق محادثات “جنيف 3” حول الأزمة السورية أمس الجمعة، صرخة تلخِّص مدى الصعوبات التي تجدها الأمم المتحدة والوسطاء الدوليون في جمع مختلف فرقاء الأزمة السورية حول طاولةٍ واحدة في جنيف، وخاصة أطراف المعارضة المتشتتة، وإقناع الجميع بالتنازل لتحقيق حل سلمي للأزمة.

في البدء، كانت هناك مشكلة بين النظام والمعارضة حول أهداف هذه المحادثات الجديدة، وما الجديد الذي ستحمله مقارنة بـ”جنيف 1″ و”جنيف 2″، وجدوى هذه المحادثات أصلا في ظل إصرار كل طرف على أطروحاته ورفضه التنازل للطرف الآخر، ثم ازدادت المشكلة تعقيدا حينما امتدّت الخلافات إلى مختلف فصائل المعارضة، وأصبح كل طرفٍ منها يرى نفسه الممثل الحقيقي للمعارضة ويريد احتكار تمثيلها وإقصاء باقي الفصائل من المشاركة في محادثات “جنيف 3”.

المفاوضات من دون شك ستكون عسيرة في الأيام القادمة إذا التحقت بها مختلفُ أطراف المعارضة وفي مقدمتها تلك المجتمعة في الرياض، بالنظر إلى الاختلاف الجذري بين النظام والمعارضة بمختلف أطيافها حول أهداف هذه المفاوضات؛ فالمعارضة تريدها مجرد محطة لتحديد جدول زمني لرحيل بشار من الحكم، والذهاب إلى مرحلة انتقالية تسيّرها حكومة كاملة الصلاحيات تحضِّر لدستور جديد وللانتخابات العامة، والنظام يصرّ على أن ما عجزت المعارضة عن تحقيقه بالسلاح لن تتمكن من الظفر به بالمفاوضات، وهو يريد فقط إقناعها بقبول المشاركة في الحكم وتوحيد جهودها مع الجيش السوري لمحاربة “داعش” التي تهيمن على نحو نصف الأراضي السورية.

وفي ظل استمرار تناقض الرؤى بين النظام السوري والمعارضة، فإن حظ “جنيف 3” إذا قُدّر له أن يلتئم كاملاً في الأيام القادمة، لن يكون على الأرجح مختلفا عن “جنيف 1″ و”جنيف2”.. لكن بصيص الأمل في الاتفاق على صيغة تسويةٍ سلمية يبقى قائما إذا اقتنع الطرفان المتناحران بأنها البديل الوحيد لهذه الحرب المجنونة التي قضت على رُبع مليون سوري، وشرّدت 11 مليونا آخر، وحوّلت الكثير من المدن السورية إلى أنقاض.

وعلى الطرفين المتناحرين أيضا أن يقتنعا بفشل خيار القوة بعد مرور 5 سنوات كاملة على بدء الصراع، وأنه لا طائل من الاستمرار فيه؛ فالطرفان لا يزالان في حالة توازن عسكري في ظل الدعم الفعّال الذي يتلقاه كل طرف من حلفائه الإقليميين والدوليين، وليس هناك مؤشراتٌ حقيقية لقرب حسم الحرب لصالح أي طرف، وبالتالي فإن استمرار الحرب في ظل هذا الوضع سنواتٍ أخرى لا يعني سوى نهاية سوريا ومحوها من الخريطة وتشرّد شعبها كله.

 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • صالح/الجزائر

    5)- تركيا نفسها تحت الحكم الديكتاتوري للعسكر ؟ .
    نتمنى الاستقرار لسوريا ونرجو من كل السريين الاحتكام للعقل ونقول للدخلاء رفعوا أيديكم عن سوريا .

  • صالح/الجزائر

    4)- وأمريكا ؟ .
    لو كانت " المعارضة !؟ " صادقة فعلا مع سوريا الوطن ، وليس مع البيترودولار ، مع العثمانيين الجدد ومع " أصدقاء سوريا " من أعداء الأمتين العربية والإسلامية ، لعرفت أن بشار الأسد مهما طغى ومهما عاش فلن يخلد أبدا في الحكم ، وسوف يرحل عاجلا أم آجلا ، بينما سوريا المدمرة والجريحة لن تعود إلى عهدها السابق ولن تعرف الاستقرار قبل عشرات السنين ، وهذا هو هدف مهندسي " الربيع العربي " و " الفوضى الخلاقة " ، وعملائهم المحليين ، هو تفتيت سوريا وليس رحيل الأسد كما فتتوا ليبيا ... .
    ألم تكن

  • صالح/الجزائر

    3)- الفلسطينيين لتحقيق مآرب بعيدة كل البعد عن المصالح العليا للأمة العربية الإسلامية ألا وهي ( بعث الرجل المريض ) .
    هل ساندت تركيا المسلمة ؟ الجزائر في ثورتها ضد الاحتلال الفرنسي أم كانت مع فرنسا عبر الحلف الأطلسي وعبر الأمم المتحدة ؟ .
    هل بإمكان المعارضة ( عشرات التنظيمات المرتبطة بالبيتودولار الخليجي وبإسرائيل وبالغرب ) ، التي لم تستطع توحيد صفوفها أثنا المحنة أن توحد صفها بعد " رحيل بشار الأسد " و " رحيل روسيا " ، وتضمن استقرار سوريا ؟ .
    هل عرفت أفغانستان والصومال الاستقرار بعد رحيل روسيا

  • صالح/الجزائر

    2)- إلى حلّ وسط، إلى حل سلمي في سوريا .. ".إلى الطغاة في السعودية ، في تركيا ، في قطر ، ... ، الذين أظهرت السنوات الخمس من الحرب الأهلية بأنهم لا يختلفون عن طاغية دمشق الذي يحاربونه باسم الديموقراطية ( وكأن السعودية تعرف شيئا من الديموقرطية ) تارة وباسم الإسلام والطائفية تارة أخرى ( وكأن الطائفية غريبة عن السعودية ، تركيا وقطر ) .
    هل وجود تركيا في الحلف الأطلسي ، وعلاقاتها المتينة مع الكيان الصهيوني ، يخدم سوريا ، وبقية القضايا العربية والفلسطينية منها خاصة ؟ . تركيا استغلت وتستغل معاناة

  • صالح/الجزائر

    1)- أظن أن " نهاية سوريا ومحوها من الخريطة وتشرّد شعبها كله " ، هو الهدف الأول والأخير من " الربيع العربي " و " الفوضى الخلاقة " .
    كان على مبعوث الأمم المتحدة ، ستيفان دي ميستورا ، الذي لا نشك في نواياه الحسنة ، أن يوجه هذا النداء المؤثر : " إلى كل رجلٍ، إلى كل امرأة، إلى كل طفل وطفلة من سوريا، داخل سوريا أو خارجها، في مخيمات اللاجئين، أو في أي مكان كان.. إننا نعوّل عليكم لتقولوا لمن يأتي إلى هذا المؤتمر: كفى للقتل والتعذيب والسجون ولتدمير المباني وقصف المدن، نحن بحاجة الآن إلى قدراتكم للوصول