-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مَن يَصنع نخبة الغد؟

مَن يَصنع نخبة الغد؟

تعرف الجزائر في كل سنة إن لم أقل في كل ساعة ميلاد أبناء لها بإمكانهم أن يكونوا ذات يوم نخبَتها العلمية والفكرية والسياسية والثقافية والقيادية، أحيانا نُصادفهم أمامنا وهم أطفال وأخرى أثناء الامتحانات الوطنية وهم شباب وآخرون بعد أن يبرزوا في هذه الجامعة أو تلك وهم كبار… وبعدها لا نرى لهم أثرا وكأنهم لم يكونوا… ليس هناك مَن يرعاهم أو يُتابع مسارهم أو يُعرِّفنا بحالهم والتطورات التي حصلت لهم كيف أصبحوا بعد20 أو 30 سنة؟ ماذا كان مصيرهم؟ كيف تمت الاستفادة من عبقريتهم؟
أسئلة تسارعت إلى ذهني اليوم وأنا أحاول أن أعرف مصير نوابغنا في الامتحانات المختلفة وفي جميع القطاعات؟ أين هم؟ هل هناك هيئة وطنية تُتابع مصيرهم وتَرعاهم؟ مَن المسؤول عنهم؟ أم إنهم تُرِكوا لحالهم حتى انتهوا إلى طي النسيان كالآلاف قبلهم، أم تمكَّنت جهات أجنبية من استقطابهم وإدماجهم ضمن آلتها المعرفية والاقتصادية؟
بكل تأكيد هناك إجابات متعددة ومتضاربة عن مصيرهم، ولعل أفضلها تلك التي سيقول لك أصحابها إن بعضهم تمكن من إنهاء دراسته وغادر الوطن، أو هو الآن يشتغل كباقي الناس من غير حوافز ولا محيط مساعد على تفتق عبقريته، إن لم يكن تحت مسؤولية مَن هم دونه ذكاء وكفاءة وبأجر أقل بكثير مما يحصل عليه أترابه مِمَّن كانوا يُعدُّون في زمرة الأغبياء والشياطين…
هذا الواقع الذي يكون الكثير مِنَّا قد عرفه عن قرب في أحد أبنائه أو أقاربه أو أصدقائه أو حتى في نفسه، ينبغي أن يتغير إذا أردنا لمساحة الأمل أن تتسع أمام الأجيال الصاعدة… ماذا يُكلِّفنا استحداث هيئة لمتابعة مسار مَن نرى فيهم مؤشرات النبوغ؟ ماذا يُكلِّفنا أن نحرص على توفير المُناخ الملائم والإمكانيات الأساسية التي تُمكِّنهم من الإسهام في تطوير المجتمع؟ ألسنا جميعا نتباكى على غياب النخبة؟ على سلبيتها، على بقائها على الهامش؟ لنُسلِّم بأن نخبة اليوم هي بكل هذه الصّفات، لِنُسِّلم بأنها فَقدت كل مقوماتها وأن الأصدقاء قبل الأعداء قد تمكنوا من تشتيتها وتحطيمها والقضاء عليها… ما الذي يمنع من التفكير في نخبة الغد التي ستقود الأمة بعد ربع قرن أو نصف قرن من الآن؟ لِمَ لا نُفكر في إنشاء هيئة رسمية أو غير رسمية لرعاية النبوغ وصناعة النخبة؟ أم إننا سنترك الأمر لغيرنا يقومون بذلك وبعده سنتباكى مرة أخرى على مصير أمة ووطن وحضارة بأكملها؟
الأمم الحية تصنع نخبتها وتعدها للمستقبل، أما الأمم الميتة فتقضي على نخبتها وتكثر التباكي عليها ولومها ونعتها بكل أوصاف الاحتقار والازدراء… فهل نكون الأمة التي تصنع نخبتها غدا إذا ما سلمنا بأنها أضاعتها اليوم؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!