-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

نحن والديمقراطية.. درس من الصين وتركيا!

نحن والديمقراطية.. درس من الصين وتركيا!
ح.م

يبدو لي بالفعل، أننا منذ أكثر من 30 سنة ونحن نَتبع وَهمًا عنوانه أن الديمقراطية هي السبيل لتحقيق التنمية والرفع من القدرة الشرائية ومن مستوى المعيشة، ولم نسعَ أبدا لِمُكاشفة أنفسنا بحقيقة ساطعة، أن العمل والإخلاص فيه، والصدق مع الله والوطن، أو مع الفكرة والوطن أساس ذلك. بمعنى أن المسألة لها علاقة بالقيم أكثر مما لها علاقة بالشكل السياسي للدولة… وفيما يلي تعليل ذلك:

على سبيل المثال لا الحصر، هناك دولتان تمكنتا (ما بين 2009 و2019)، أي خلال 10 سنوات، من الرفع بنسبة كبيرة، من نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجماليGDP مقاسا بالمعدل الشرائي PPP (Purchasing Power Parity)، هما الصين وتركيا مع ملاحظة فارقة، أن واحدة شيوعية والثانية مسلمة.. واحدة تعتمد الحزب الواحد ولا تؤمن بالتعددية، والثانية تُطبِّق التعددية…

الصين تمكنت من رفع نصيب الفرد لديها من 8069 دولارا سنة 2009 إلى 16116دولارا سنة 2019، أي ضاعفته بزيادة قاربت المائة بالمائة ( 99.72%). أما تركيا فتمكنت من رفعه إلى ما يزيد عن الـ50 بالمائة (50.3%)، من 18734 دولار إلى 28167 دولار…

في حين أن دول شمال افريقيا الست (مصر، ليبيا، تونس، الجزائر، المغرب، موريتانيا)، بقيت جميعها تُراوح مكانها، لا خلاف بين تلك التي عرفت اضطرابات سياسية بحثا عن الديمقراطية ما بين 2011 و2014 (مصر، تونس)، أو تلك التي عرفت ما يشبه الحرب الأهلية (ليبيا2011 ـ 2019)، أو شهدت اضطرابات متأخرة (الجزائر 2019)، أو اضطرابات متقطِّعة (موريتانيا، المغرب 2011 ـ 2019) والسودان (3313 دولارا في 2009 و3958 دولارا في 2019).

مصر، استمر نصيب الفرد من الدخل الإجمالي فيها تقريبا على حاله خلال العشر سنوات الماضية (من 10031 دولارا سنة 2009 إلى 11763 سنة 2019) رغم كل التبدلات السياسية التي حدثت بهذا البلد.. لم يختلف هذا الدخل بين عهد الرئيس مرسي المنتخب ديمقراطيا، حيث قُدِّر بـ10290 دولارا سنة 2013، وعهد الرئيس الذي انقلب عليه حيث بلغ 11349 دولارا سنة 2019.. ولم يتبدل نصيب الفرد التونسي من الناتج المحلي الإجمالي إلا بنسبة ضئيلة بين عهدي الرئيسين، بن علي الحاكم الفردي، وقيس سعيد المُنتخب ديمقراطيا! حيث كان سنة  2009في ظل الحكم الفردي 9872 دولار، وأصبح بعد عشر سنوات 10755 دولارا في عهد التعددية “النموذجية” في الوطن العربي، أي بزيادة ضئيلة… أما ليبيا فقد تبدلت الوضعية بها سلبا مع قدوم الثورة ورياح الديمقراطية، حيث كان نصيب الفرد 21685 دولارا في عهد العقيد معمر القذافي، وأصبح 15174 دولارا بعد “الثورة” “الديمقراطية”. وذات الشيء بالنسبة للجزائر، حيث لا فرق بين سنة 2009 حيث قُدِّر بـ10610 دولارا، و2019 حيث أصبح 11349 دولارا، وكذلك موريتانيا (4783 دولارا في 2009 و5197 دولارا في 2019)   والسودان (3313 دولارا في 2009 و3958 دولارا في 2019)…

النتيجة من هذه المقارنة أن شكل النظام السياسي لا علاقة له بالتقدم والتخلف، الأهم هو مدى صدق النخبة السياسية الحاكمة في عملها، ومدى كفاءتها، وقبل ذلك مدى الابتعاد عن الشعارات الجوفاء والتفرغ بحق للعمل…

الديمقراطية بلا جد وعمل وصدق لن تُطعمنا خبزا ولن ترفع من شأننا… لِنُفكِّر قليلا، واضعين نصب أعيننا أمرا هاما، أن شمال افريقيا كله، بأنظمته، الملكية، والديمقراطية، والجمهورية والثورية، وسم ما شئت،هو دون المتوسط العالمي من نصيب الفرد المقدّر بـ21583 دولار سنة 2019… فهيَّا إلى الصدق في العمل أولا، إذا أردنا الالتحاق بالركب… ولنضع حدا لـ”ثورات” العناوين الاستعراضية والشعارات الرنَّانة…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • Med

    حقيقة ما قلته في مقالك لكن الديمقراطية هي الآلية التي نحلُّ بها اختلاف وجهات نظرنا وهي من توصل من يشجع على العمل ولا يوزع الثروة من دون مقابل.

  • ابوعمر

    ...من يحب بلده وشعب بلده يخدمهما ..ومن يمقت بلده وشعب بلده لايتوانى في تدمير البلد والشعب....الصين بلد شيوعي ملحد ..لكن قادته المدنيين والعساكر يحبون بلدهم وشعبهم..والنتيجة التفاني في خدمتهما....وتركيا بلد ديمقراطي متعدد القوميات ...والاسلاميون فرضوا وجودهم بالخدمات العظيمة لشعبهم وبلدهم ..وبالتالي وجد الرضا والاجترام والمودة من العلمانيين قبل الاسلاميين...وهو العكس تماما عند حكامنا وحكام مصر والسوطان وليبيا والمغرب وموريتانيا..حيث السرقات والاختلاسات والعنف ضد الشعب والاستماتة في الاستبداد والطغيان وتفضيل مصالحهم وأسرهم عن مصالح الشعب

  • محمد

    اكره مقارنة الجزائر بالصين وتركيا، لأن الجزائر دولة نظاما وشعبا لازلنا نعيش في الماضي واسمه ثورة نوفمبر وتحت قيادة أفلان!
    الصين وتركيا لهم حضارة عريقة وتاريخ مليء بالقوة الاقتصادية والعسكرية ليس لديهما نفط يعتمدون عليه وشعوبهما شعوب معروفة عنها العمل والتفاني وحب الوطن!
    ٥٨ سنة استقلال وليس لدينا شركات تبني مساكن أو مدارس أو طرقات سريعة أو سدود أو مستشفيات أو مطارات! ٥٨ سنة والشعب يعيش أزمة سكن والحكومات تريد حل الأزمة بجلب شركات صينية وتركية لبناء عمارات وحشر الناس فيها كالسردين!
    الصين وتركيا لا يجلبون الأجانب ليبنوا لهم ويعملوا لهم، فكيف يا استاذ تظن أن الديمقراطية لن تنفع الجزائر والشعب؟!

  • الامبراطورية الجزائرية

    هذا ما يبدو لك يا استاذنا الفضيل انما الصدق في الكلام و ليس في العمل و لان الدول المتخلفة بسبب عملها الخاطء و السيئ المتفوق على عملها الصحيح و الجيد فما هذه الدول الا بحاجة الى رجال يرجحونا كفة الصحيح و الجيد لتدخل في صفوف الدول المتطورة و لو متاخرة افضل من البقاء مع المتخلفة.

  • مخ لص

    مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا السابق الذي كان له الفضل في اخراج ماليزيا من ظلام العالم الثالث الى ركب النمور الآسيوية لم يكن متخصصا في السياسة ولا في الاقتصاد ولا في الادارة بل كان طبيبا !
    و ما رجريت تاتشير ( المرأة الحديدية ) أول رئيسة وزراء في تاريخ بريطانيا وأحد أشهر السياسيين عبر التاريخ كانت صيدلية !

  • مخ لص

    الإبداع.. الإبداع.. الإبداع! لماذا كل هذه الضجة حوله؟ ولماذا كثرة التكرار حول أهميته؟ وهل هو أهم من التفوق الدراسي؟ وما المردود المادي منه؟ وهل هو كفيل بحل مشاكل البطالة والتخلف الدراسي والاقتصادي والمعرفي في وطننا العربي؟

  • شني شني

    ان القول بأن الجامعات سدت حاجات المجتمعات من الأيادي العاملة هو قول صحيح ولايضاح ما أصبو اليه أورد هذه المعلومة :
    أثبتت الدراسات أن 80 بالمائة من خرجي الجامعات في الولايات المتحدة الامريكية يعملون في مجالات لا علاقة لها بتخصصاتهم ,, ماذا يعني هذا ?
    أن 80 بالمائة من مخصصات التعليم العالي في الولايات المتحدة تذهب هدرا
    اذا كان هذا يحدث في بلد( شديد التقدم ) فما هي الحال بالنسبة لدول شديدة التخلف
    هناك خلل ولا يستطيع عاقل ان ينكر ذلك , ولكن ماهو هذا الخلل ?