-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“نخبة” جنود الاحتلال تهرب من الحرب!

حسين لقرع
  • 1018
  • 0
“نخبة” جنود الاحتلال تهرب من الحرب!

في 23 جانفي الماضي، كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية عن رفض 50 مجنّدة صهيونية الخدمة العسكرية في وحدات الاستطلاع الحدودية، لكنّنا لم نعر الأمر أهمية كبيرة، لاقتناعنا أنّ الحروب عبر التاريخ هي اختصاص الرجال ولا تخوضها النساء إلا من باب الاستثناء، ومكانهنّ الطبيعي هو خلف الجيش، حيث التمريض والإسناد، وليس في الصفوف الأولى للقتال، إلا في حالات نادرة لا يقاس عليها.

لكن حينما كشفت صحيفة “هآرتس” في 14 فيفري الجاري، أنّ جنودا من لواء النخبة المعروف باسم “غفعاتي” قد رفضوا مواصلة “النشاط العسكري” في غزة بحجة أنّ قادتهم “يتجاهلون حالتهم الجسدية والنفسية”، وأنهم لم يحصلوا على استراحة كافية لتحسين حالتهم تلك، لفت انتباهنا هذا الخبر بشدّة؛ لأنّ الأمر يتعلق بجنود نخبة تلقّوا تدريبا عسكريا عاليا ويعوّل عليهم جيش الاحتلال في أداء مهمّات معقّدة، وليس بجنود احتياط صغار يفتقرون إلى التدريب والتأهيل والتجربة.

وطالما افتخر الاحتلال بنخبتي لواء “غفعاتي” و”غولاني” وغيرهما، وبالمهمّات التي سبق أن أدّوها، لكنّ الملاحظ في حرب غزة المتواصلة منذ أربعة أشهر ونصف شهر، أنّ الكثير من ضباط هاذين اللواءين وجنودهما قد قتلوا، وأصيب الكثير منهم أيضا بجروح متفاوتة، ما حمل الاحتلال على سحب بعض فرقهم من غزة، وقد رأينا في مواقع التواصل منذ أسابيع صورا مثيرة لعشرات الجنود من “غولاني” وهم ينظّمون احتفالا جماعيا صاخبا فرحا بقرار سحبهم من غزة، ولا ريب أنّهم يحتفلون بنجاتهم من الموت ومن أهوال هذه الحرب التي فوجئوا خلالها بشجاعة صناديد المقاومة وبسالتهم منقطعة النظير، وهو ما تظهره فيديوهات “القسام” التي يدمّرون فيها الآليات العسكرية للعدو ويشتبكون مع جنوده، الذين نرى بعضهم وهو يهرب من المعركة للاحتماء في بيوت مدمّرة بغزة، أو يبكي ويصرخ من فرط الرعب والهلع..

هذه هي حالة جيش العدو الذي يستأسد على الأطفال والنساء والمدنيين عامة ويرتكب المجازر تلو الأخرى بلا رحمة، انتقاما من أشاوس المقاومة الذين عجز عن مواجهتهم في الميدان؛ ففي كل مرة، يواجهه هؤلاء الصناديد ويلحقون به أفدح الخسائر المادية والبشرية، فيلجأ إلى الانتقام من المدنيين الضعفاء، بكل حقد ووحشية، ليشفي غليله.

وبرغم تكتم العدو على خسائره وحديثه فقط عن 235 قتيل و1336 جريح في المعارك البرية بغزة، إلا أنّ ما تظهره فيديوهات “القسام” تؤكد أنّ عدد قتلى العدو وجرحاه أعلى بنحو عشرين مرة مما يعلن عنه؛ إذ أعلن أبو عبيدة، قبل نحو أسبوع، عن تدمير “القسام” 1108 آلية عسكرية، منها 962 دبابة “ميركافا”، وإذا افترضنا أنّ كل دبابة تحمل الحد الأدنى من الجنود وهو 4 فقط، فإن مجموع عدد القتلى الصهاينة المحترقين داخلها يفوقون 3800 قتيل، علما أنّ “الميركافا” يمكن أن تحمل 10 جنود. هذا عن القتلى داخل الدبابات فقط ومن دون احتساب باقي الآليات المدمّرة وكذا الجنود الذين سقطوا في اشتباكات أو كمائن ناجحة للمقاومة.

يكفي فقط أن نشير إلى توقّع وزارة الحرب الصهيونية -وفقا لصحيفة “هآرتس”- إصابة 20 ألف جندي بإعاقات دائمة مع نهاية سنة 2024، لندرك أنّ جيش الاحتلال يسير حتما نحو هزيمة تاريخية مهما كان حجم مجازره الوحشية بحق المدنيين، وهذا الرقم يتعلق بالإعاقات فقط وليس بالجرحى جميعا، والذين سيكونون بعشرات الآلاف، فضلا عن عشرات الآلاف من المصدومين والمضطربين نفسيا بفعل أهوال الحرب، وهؤلاء جميعا سيكونون عالة على المجتمع الصهيوني وعلى حكومة الاحتلال.

إنّ أيّ حرب في التاريخ لا تكسب فقط بقوة السلاح وتطوره، بل أيضا بالروح المعنوية العالية والإرادة الصلبة في القتال والصمود والثبات إلى غاية النهاية، وحينما يبدأ جنود نخبة جيش الاحتلال في الهروب من الخدمة بذريعة “وضعهم الجسدي والنفسي”، فإنّ ذلك يعد مؤشرا واضحا على أن مشاعر الوهن والخور والذعر واليأس قد بدأت تدبّ في نفوس هؤلاء الجنود، ولذلك يرتقب أن نشهد المزيد من فقدان الرغبة في القتال وفرار جنود آخرين من المعركة يوميا كلّما طال أمد هذه الحرب، وهذا وحده عامل كاف لخسارتها، ومن ثمّة، بداية نهاية المشروع الصهيوني في فلسطين والمنطقة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!