-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بعد أن كُنّ يُدخنّ ويُشيّشن بكلّ أريحية

نساءٌ في ورطة بسبب سيجارة ما بعد الإفطار!

سمية سعادة
  • 7616
  • 3
نساءٌ في ورطة بسبب سيجارة ما بعد الإفطار!
ح.م

إذا كانت ظاهرة التدخين من الظواهر التي لم تعد تخفى على أحد في المجتمعات المحافظة، مثلما كانت الحال عليه في سنوات سابقة، لأنّ الكثير من المفاهيم قد تغيّرت في بنية تلك المجتمعات، فإنّ التدخين في شهر رمضان، أو بالأحرى الإقلاع عن التدخين أو الإمساك عنه خلال فترة الصيام نهارا، يُعدُّ بالنسبة للمدخنين والمدخنات من الصعوبات التي يواجهونها أو يواجهنها، والتي قد تتعدّى مشقّتها مشقة الإمساك على الأكل أو الشرب.

ومن المظاهر التي لم تعد غريبة بالشكل الذي كانت عليه قبل سنوات في المجتمع الجزائري، ظاهرة تدخين النساء، وهي ظاهرة في ازدياد مطّرد، إلى درجة أنّ الكثير منّا لم يعد يستغرب مظهر امرأة أو فتاة، وهي تُمسك سيجارة بأناملها الرقيقة وتستهلكها على مرأى ومسمع الناس في شارع أو مقهى أو ساحة عامة.

وإذا كانت الهيئات المعنية بدراسة مثل هذه السلوكات، وعلى رأسها وزارة الصحة، لم تقم في فترة سابقة بدراسة هذه المظاهر، فضلا عن كونها لا تملك أرقاما عن أعداد النساء المدخّنات، فإنّ تدخين النساء يبدو لأول وهلة وكأنّه من الظواهر أو السلوكات المعزولة، بالرغم من انتشاره خلال السنوات الأخيرة، حيث صارت هناك منتديات ومقاهي مختلطة، كثيرا ما تنتشر في بعض الأحياء الراقية بالجزائر العاصمة وفي بعض المدن الكبرى، بل أكثر من ذلك، فقد ظهرت مقاهي “الشيشة”، وهو نوعٌ من التدخين الوافد على الجزائر من بعض دول المشرق العربي، ما جعل الكثير من الجزائريين (والجزائريات) يرتادون تلك النوادي من أجل استهلاك الشيشة..

ومن القصص الطريفة التي تُروى عن بعض الشباب الذين يُدخّنون خفية عن أوليائهم، أنّ البعض منهم يُفضّلون الإفطار في مطاعم الرحمة، بدل الإفطار العائلي ليجدوا راحتهم في تناول “سيجارة ما بعد الإفطار”.

وتعترف الكثير من المدخنات بخصوص “سيجارة ما بعد الإفطار” أنّها من الأمور المهمّة بالنسبة لهنّ، إلى درجة أنّهنّ على استعداد لأن يتنازلن عن وجبة الفطور مقابل تلك السيجارة التي تُرفق عادة بفنجان من القهوة..

في بعض الأسر الجزائرية، التي تنتمي إلى ما يُسمّى “المجتمع المخملي”، لا تطرح فكرة تدخين المرأة أية مشكلة، لأنّ الموضوع محسومٌ من حيث الإباحة، وعادة ما تجد رب الأسرة في هذا المجتمع، لا يجد حرجا في تقاسم علبة سجائره مع زوجته أو مع بناته وأولاده، وأحيانا ما لا يتردّد الوالد في شراء السجائر لزوجته، تماما مثلما يشتري لنفسه حاجته من هذه المادة. وبالنظر إلى كون هذه الأسر تتميّز في كثير من الأحيان بالثراء، فإنّها تستهلك السجائر المستوردة من دون تردُّد.

لكنّ هذه المسألة تختلف بصورة جذرية عندما يتعلق الأمر بالعائلات البسيطة، حيث تجد المدخنات صعوبة ومشقة في تناول السجائر بعد الإفطار، وهذا ما يدفعهنّ إلى اختلاق الأعذار للمسارعة في الانتهاء من وجبة الإفطار من أجل الانزواء في مكان بعيد في البيت العائلي لتناول السيجارة الأولى بعد الإفطار، قبل أن يتحرّرن خلال السهرة الرمضانية لتناول المزيد من السجائر بعيدا عن أعين الرقيب العائلي.

ومن الغريب، أنّ الكثير من المظاهر التي بدأت في الظهور لدى بعض الفئات من المجتمع الجزائري، ومنها ظاهرة التدخين لدى النساء، لم تواكبها الدراسات الاجتماعية والنفسية  بالدراسة والبحث عن جذورها في محاولة لمعرفة أسباب انتشارها في مجتمع محافظ مثل المجتمع الجزائري. ولا شك أنّ القصور في هذا المجال يعود إلى عدم اكتراث المجتمع بإجراء مثل تلك الدراسات العلمية لأسباب مختلفة.

تؤكد الكثير من الدراسات التي أُجريت في الغرب، وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، أنّ انتشار التدخين لدى النساء في أمريكا، جاء بعد حملات دعاية مركّزة أجراها بعض المختصّين في الدعاية في ثلاثينات القرن الماضي، لصالح شركات التبغ الكبرى في الولايات المتحدة الأمريكية، واستخدموا فيها نجمات السينما في ذلك الوقت من أجل المزيد من الـتأثير على الجمهور. وقد أتت هذه الحملات أكلها، حيث استطاعت شركات التبغ الرفع من مداخيلها ومبيعاتها بشكل كبير، وازدهرت صناعة التبغ باكتساب ملايين النساء اللّواتي أقبلن على التدخين باعتباره مظهرا حضاريا تأثُّرا بممثلات السينما في ذلك الوقت.

لكنّ المؤسف عندنا في المجتمع الجزائري أنّ التقليد الأعمى صار سيّد الموقف إلى درجة أنّ الكثير من الموضات التي غزت شوارعنا، سواء تعلّق الأمر بقصّات الشعر أو طرق اللّباس، أو حتى بعض النظم الغذائية، هي نقلٌ حرفيٌّ لما يُشاهده الشباب أو يُتابعونه على القنوات التلفزيونية أو على شبكة الانترنيت التي صارت تُقولب السلوكات أكثر ممّا تُشكّلها وتصنعها خلايا صناعة السلوك التقليدية، وعلى رأسها الأسرة والمدرسة والمسجد، وهذا ما يدعو إلى دقّ ناقوس الخطر، لأنّ التيارات الوافدة صارت أكبر من أن تُقاوم، وبالتالي فإنّ المجتمعات المحافظة صارت في خطر اليوم أكثر من أيّ وقت مضى.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • زهرة

    العيب لا في الجهل ولا في العلم انما في الاولياء الذين منحوا لاولادهم الحرية المطلقة في تسيير حياتهم المعصرنة الشبيهة بالدول الأروبية .. اين المسؤول عن هؤلاء الشباب ؟؟؟ كلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته توصية من الرسول صلى الله عليه وسلم.......للأسف انحراف الشباب بات لا يعني أحدا

  • جزائري وأفتخر

    رأس المشاكل والظواهر السلبية هو انتشار الجهل وغياب التوعية والوازع الديني ...إضافة إلى التقليد الأعمى دون الحفاظ على الهوية الإسلامية .
    أتمنى أن تكون نسبة هذه الظاهرة ضئيلة وأنا متأكد من أنها كذلك لأننا والحمد لله شعب قوي غيور على دينه في الأساس.وهذه الفئة لا تمثل بقية الشعب بأكمله نسأل الهداية لكل المسلمين والمسلمين التائهين عن طريق الحق ...آمين.

  • حل وحيد

    ربما اسوء فتيات اليوم هن اللواتي تبحثن عن عمل يليق بها