-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

نظرية المؤامرة مرة أخرى‮…‬

نظرية المؤامرة مرة أخرى‮…‬

قد تكون كل التحليلات والتأويلات التي‮ ‬أشارت إلى وجود مخطط‮ ‬غربي‮ ‬وراء عملية اختطاف واغتيال الرعية الفرنسي‮ ‬غوردال قريبة من الصواب،‮ ‬لكن‮ ‬يجب أن لا‮ ‬يدفعنا ذلك إلى تفسير ما حدث بنظرية المؤامرة وهو التفسير الوحيد لكل الأزمات والأحداث الكبرى على الساحة العربية‮.‬

وكذلك الأمر بالنسبة إلى هذا الوحش الكاسر الذي‮ ‬يُطلق عليه داعش والذي‮ ‬سيطر على نصف العراق وثلث سوريا في‮ ‬وقت قياسي،‮ ‬والذي‮ ‬تراجعت أمامه جيوش كاملة التّعداد والتجهيز،‮ ‬إلى درجة تحول فيها إلى ما‮ ‬يشبه أقوى دولة في‮ ‬المنطقة‮.‬

إن الحقيقة التي‮ ‬لا‮ ‬ينبغي‮ ‬لأحد أن‮ ‬ينكرها أن هذا التنظيم نشأ برعاية خليجية‮ ‬غربية،‮ ‬في‮ ‬بيئة مناسبة وفرها نظام الأسد،‮ ‬أي‮ ‬أن التنظيم هو ابن‮ ‬غير شرعي‮ ‬لعلاقة محرمة بين أنظمة الاستبداد وأجهزة المخابرات الغربية،‮ ‬وعليه فإن الوقاية من شرور هذا التنظيم هي‮ ‬عدم توفير بيئة مناسبة كالتي‮ ‬وفرها نظام بشار الأسد في‮ ‬سوريا والنظام الطائفي‮ ‬الاستبدادي‮ ‬الذي‮ ‬أرسى جذوره رئيس الوزراء العراقي‮ ‬السابق نوري‮ ‬المالكي‮. ‬

ولأن إحدى أرجل هذا الأخطبوط وصلت فعلا إلى الجزائر،‮ ‬عبر تنظيم افتراضي‮ ‬يطلق على نفسه جنود الخلافة،‮ ‬فإن النقاش حول أسباب انتشار داعش وقوته أصبح أكثر إلحاحا،‮ ‬وأول الخطوات في‮ ‬مواجهة هذا الأخطبوبط هي‮ ‬إعادة الاعتبار للعملية السياسية من خلال انفتاح السلطة على المعارضة والتوقف حالا عن سياسة‮ “‬أنا أو لا أحد‮” ‬التي‮ ‬تعتمدها في‮ ‬الإصلاحات الدستورية والسياسية التي‮ ‬تخوضها‮.‬

وعلى المعارضة كذلك أن تتوقف عن سياسة الاستعراض الفارغ‮ ‬والدخول في‮ ‬حوار جدي‮ ‬مع السلطة لإصلاح الوضع السياسي‮ ‬المتردي،‮ ‬وإعادة بناء المؤسسات الدستورية التي‮ ‬فقدت مصداقيتها تماما بعد أن أصبحت مجرد واجهات شكلية،‮ ‬وعلى رأس هذه المؤسسات البرلمان الذي‮ ‬لا‮ ‬يقنع حتى أولئك الذين‮ ‬يتمتعون بالعضوية فيه‮.‬

لقد اجتاز الشعب الجزائر امتحان الربيع العربي‮ ‬بنجاح،‮ ‬والسبب في‮ ‬ذلك‮ ‬يعود إلى الحقنة التي‮ ‬تلقاها خلال العشرية الحمراء،‮ ‬حين أدرك أن الانفلات في‮ ‬ممارسة الحريات له ثمن،‮ ‬وأن الاستقرار مكسب لا‮ ‬يشعر به إلا من حرم منه،‮ ‬لكن هذا لا‮ ‬يعني‮ ‬أن الشعب محصن تماما،‮ ‬لأن الاستبداد والرأي‮ ‬الواحد‮ ‬يبقى بيئة مناسبة للأفكار المتطرفة،‮ ‬كما أن الجيل الجديد من الشباب لا‮ ‬يملك أدنى فكرة عن مخاطر التطرف والغلو،‮ ‬لأنه لم‮ ‬يعايش تلك المرحلة،‮ ‬لذلك‮ ‬ينتظرنا عمل كبير في‮ ‬مواجهة هذا التحدي‮ ‬بدل تفسير كل ما‮ ‬يحدث بنظرية المؤامرة التي‮ ‬تعفي‮ ‬الجميع من المسؤولية وتلقي‮ ‬بها إلى الأجنبي‮.‬

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • جزائري

    وددت لو تتبعت شهادة تلك المرأة التي فضحت البارحة عبر الشاشة زعماء ما تصفه أنت بالمعارضة وهي إحدى ‏الأمهات اللواتي فقدن أبناءهن خلال العشرية المظلمة.كل طبقتنا السياسية،وخاصة منهم العارضون وجوههم ‏المنفرة في كل مناسبة حتى مللنا سماع نفاقهم،عبارة عن عناصر انتهازية مكيافيلية لا يهمها سوى ‏الانقضاض على عائدات البترول.أما فرضية المؤامرة على بلدنا فممكنة لأن الطرفين(السلطة والمعارضة)سوف ‏لا يمتنعان عن الاحتماء بأي عدو للقضاء المنافس مثلما فعل أصحاب الربيع العربي وبمؤازرة من أندري ليفي ‏لتخريب كل الوطن.