-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

نعم‮: ‬السياسة‮ ‬علم

نعم‮: ‬السياسة‮ ‬علم

نحن في حاجة اليوم، أكثر من أي وقت مضى إلى الثقة في المستقبل. والثقة في المستقبل تستلزم رؤية واضحة وإدراكا تاما لمآلاته وتطوراته المحتملة. وهذه الرؤية الواضحة تستلزم العلم بالمعنى الواسع للعلم، بما يعني من إدراك وفهم للمتغيرات وتحديد واضح للأولويات.

لقد سئل “شون لاي” ذات يوم عن سر ثقته في مستقبل سياسة بلاده فأجاب: سياستنا لا تخطئ لأنها علم. وقد أورد مفكرنا الكبير مالك بن نبي، هذه العبارة في كتابه الشهير: الصراع الفكري في البلاد المستعمرة، في معرض حديثه عن الفرق بين السياسة التي تتمثل في أفكار مجردة والسياسة التي تتمثل في (أفكار مجسّدة)، حيث تحمل الأولى في طبيعتها مبدأ التعديل الذاتي الذي يفرض عليها رقابة نفسها، أي مراجعة نفسها بين الفينة والأخرى، أما الثانية فهي صورة منحطة من الأولى لا تؤمن بالتعديل الذاتي أو التصحيح فما بالك بالتغيير… واليوم نحن نعيش منزلة بين المنزلتين، إما أن تكون سياستنا قابلة لمراجعة “تحميها من أي عامل أجنبي يحاول تغيير مجراها ومرساها”، وتجعل منها “جهازا معدلا يُطلق إشارة الخطر كلما حدث في الطريق أي حدث من شأنه أن يغير في الحركة أو الاتجاه”، كما ذكر “بن نبي” بالحرف، أو تكون سياسة (مجسّدة)، يقول “مالك بن نبي” أيضا بالحرف: “تتشبث بفرد تتجسد في ذاته فتتطور وتنمو، وتنتظم طبقا لمصالحه الشخصية انتظاما تُصبح معه هذه المصالح تلقائيا، هي المسوغات والدوافع لسياسة عاطفية. وقد يحدث أن يتنحى أو يُنحى الفرد الذي يُجسِّد هذه السياسة فيحل محله كائن مركب، أو بعابرة أدق (مركب أفراد) يجمع بينهم اتصال عضوي مثلما يسمى في الطب (التوائم السيامية)…  بواسطة جهاز هضم مشترك، فيُصبح الكائن المركب قائما على تضامن هضمي، فكل ما يمر بحنجرة فرد من الأفراد المركبين يدخل في عملية هضم مشتركة”.

 

وهكذا تصبح القضية ّ”قضية هضم” حتى ولو كانت في الرؤوس المتصلة بالجهاز الهضمي أفكار مختلفة، المهم ألا يعطّل ذلك عملية الهضم “وإلا تخلص مركب الأفراد من الرأس الذي يحمل فكرة مشوشة، وفصله عن الجهاز الهضمي”.

وبالعودة إلى قول “شون لاي” السابق. ومقارنة بما قال “بن نبي” نطرح سؤالنا بالعكس: هل سياستنا علم؟ لنُجيب ونقول أن سياستنا محكوم عليها أن تكون علما إذا أردنا أن نبقى. أما إذا اعتقدنا أن اعتماد أساليب أخرى من شأنه أن يحل محل علم السياسة فذلك الخطأ بعينه، ويكفينا‮ ‬دليلا‮ ‬على‮ ‬ذلك‮ ‬أن‮ ‬تحليل‮ “‬مالك‮ ‬بن‮ ‬نبي‮” ‬السابق‮ ‬الذي‮ ‬يكاد‮ ‬ينطبق‮ ‬على‮ ‬واقعنا‮ ‬اليوم‮ ‬قد‮ ‬تم‮ ‬في‮ ‬سنة‮ ‬1960،‮ ‬وكان‮ ‬في‮ ‬أول‮ ‬كتاب‮ ‬ألّفه‮ ‬باللغة‮ ‬العربية‮… ‬لكل‮ ‬من‮ ‬أراد‮ ‬أن‮ ‬يقرأ‮. ‬وأول‮ ‬العلم‮: ‬إقرأ‮.‬

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • tifo

    ان لم تكن هناك قيادات سياسية واعية بأهمية علم السياسة فان همها الوحيد يبقى الحصول علي نصيبها من الناتج الهضمي؟

  • امين

    انه تشخيص، لا تيئيس...

  • كمال

    اين هي العلاقة مع الموضوع ؟

  • قادة

    لامجال يخلومن الاعتمادعلى العلوم لاالبارحةولااليوم ولاغدا.من يبعدالعلم من حياته فلا تطورله وسيبقى يترواح مكانه ولن يتقدم الى الامام بل بالعكس في كثيرمن الاحيان يتراجع للخلف وهذاحالنااليوم لماتسلط على الجزائراشباه المتعلمين من الساسةولقادةو المسؤولين.الحقيقةمؤلمةلكنها يجب ان تقال بان مانعانيه من فسادسببه ابعادالعلوم والمعارف في مجال الدنيا والدين عن التسييرلشؤون البلادوالعباد.لقدابعدالمتعلمين ومكن لمن هم اشباه المتعلمين من الموالين للفئةوللشخصيةوللمسؤول ولوكانوا ردئين وابعدت الكفاءات لعدم التشيات

  • مهندس بلا خدمة

    سيدي الكريم أنت تحاول بطريقة يائسة أن تقنع القاريء بأنك ستمنحه الأمل في مساحتك التي أسميتها مساحة الأمل و هي ليست كذلك لأنها مساحة مليئة باللإنكسارات و الهزائم ، لقد حاولت أن أفهم معنى كلمة أمل فكل ما تكتبه يدل على أنك منكسرا محبَطًا و محِبطًا ، معظم ما كتبته إنهزامي و يائس تجاها قصايانا الوطنية و العربية
    من يلاحظ معي أنك تريد أن تقنعنا بأنك الفارس الذي سوف يمنحنا الأمل في مساحة تكاد تقسم أنها لست كذلك
    أول ما رايتك توسمت فيك الخير و جاهدت نفسي لأصبر على سلبيتك

  • Ahmed

    Très bien dit ...pouvez-vous svp nous donner une feuille de route pour pouvoir sortir de cet état de "tube digestif" comme l'a si bien qualifié Malek Bennabi rahimahou Allah.

    Amitiés.

  • محمد

    الدكتور في الجزائر اصبح كالبعرة يقول كلام من وهمه ومن رايه ويرى نفسه بكبرياء وكانه مثقف ونخبة وهو بعرة يتكلمون من هواهم وماتشتهي انفسهم ومن يسمع لهم
    ولا يتكلمون من الحق ومن الوحي وما خلقنا الله من اجله