-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

نعم.. 50 هولوكوست!

حسين لقرع
  • 1114
  • 0
نعم.. 50 هولوكوست!

لا ندري أين أخطأ الرئيسُ محمود عباس في تصريحاته الأخيرة في ألمانيا بشأن ارتكاب الاحتلال الصهيوني 50 محرقة ضدّ الفلسطينيين منذ 1947 إلى الآن، حتى تقام عليه الدنيا ولا تُقعَد ويهدَّد بالمتابعة القضائية بألمانيا وربما الاعتقال والسجن؟

الرئيس عباس لم يقل سوى الحقيقة؛ فالمجازر التي ارتكبها الاحتلال بحقّ الفلسطينيين منذ “النكبة” إلى حدّ الساعة، تُعدُّ بالعشرات، وأدّت إلى مقتل آلاف الرجال والنساء والأطفال واغتصاب أراضيهم وتدمير قراهم وبيوتهم وتشريد الملايين منهم لتبقى قضيةُ اللاجئين قائمة إلى اليوم، بل إنّ الاحتلال ارتكب مجازر أخرى بحق الجيران العرب، لعلّ أكثرها فظاعة وهمجية هي مجزرة “قانا” التي أودت بحياة 106 مدني بلبنان في 18 أفريل 1996، وقبلها جرائم حرق عشرات الأسرى المصريين أحياءً خلال حرب جوان 1967 وبعدها… وآخر مذبحةٍ وحشية وقعت قبل أسبوعين فقط في غزة وأدت إلى استشهاد 19 طفلا، أليست كلّ هذه محارقَ تستحقّ أن يندّد بها المجتمعُ الدولي كما يندّد بالهولوكوست الذي ضخّم اليهودُ ضحاياه أضعافا مضاعفة واستغلّوه أبشع استغلال لابتزاز ألمانيا والعالم وحلبِها ماليا؟

هذا العالم المنافق ذُو المكيالين لا يرى ضيرا في الاعتراف بالهولوكوست الألماني وفق الرواية اليهودية المضخّمة، إلى درجة أنه لا يتورّع عن سنّ قوانين داخلية تقمع كل من ينكره ويحكم عليه بالسجن، وفي الوقت ذاته يتغاضى عن الجرائم الصهيونية بحقّ الفلسطينيين منذ 75 سنة كاملة، بل إنّ الوقاحة بلغت ببعض قادة الدول الغربية إلى اعتبارها “دفاعا عن النفس”، وقد سمعنا مسؤولين أمريكيين وألمانًا وغيرهم يردّدون هذه الكذبة بكلّ صفاقة خلال العدوان الأخير على غزة الذي دام ثلاثة أيام وأدى إلى استشهاد 19 طفلا.. نعم قصفُ 19 طفلا وقتلُهم ببرودة “دفاعٌ عن النفس” في نظر قادة الغرب! أيُّ وقاحة أكثر من هذه، وأيُّ استفزاز؟!

لذلك، أحسنَ الرئيس محمود عباس حينما أجاب عن سؤال صحفيٍّ ألمانيٍّ متصهين عما إذا كان مستعدّا للاعتذار عن قيام فدائيين فلسطينيين بقتل 11 رياضيّا صهيونيّا بميونيخ الألمانية سنة 1972 بمناسبة الألعاب الأولمبية؟ فأجاب بمقارنة ذلك ضمنيّا بـ50 مجزرة ارتكبها الاحتلالُ بحقّ الفلسطينيين منذ 1947 إلى الآن، وقال: 50 مجزرة يعني 50 هولوكوست.. وكانت إجابةً دقيقة ومحرجة أيضا لأنها تعني أنّ الاحتلال الصهيوني ارتكب 50 مجزرة بحق الفلسطينيين ولم يطالبه أحدٌ قطّ بالاعتذار، في حين يطالَب الفلسطينيون بالاعتذار عن مجزرة واحدة. ولم يُنكر الرئيس عباس الهولولكوست المنسوب إلى هتلر خلال الحرب العالمية الثانية برغم أنّ هناك تشكيكا واسعا فيه وفي أرقام الضحايا المضخّمة جدا، لكنّ ألمانيا رأت في تصريحات عباس إنكارا للهولوكوست، وشنّت عليه حملة قاسية وغير مبرَّرة وهدّدت بمتابعته قضائيا، وهو موقفٌ ينمّ في الواقع عن تحيّزٍ صارخ وسافر للاحتلال، وتبييضٍ لوجهه الدموي القبيح، وتشجيعٍ له على مواصلة جرائمه، واستهانةٍ واضحة بدماء الفلسطينيين ومعاناتِهم المستمرّة من اضطهاد احتلالٍ عنصريٍّ إجرامي…

طالما انتقدنا الرئيس عباس وسياساتِه التي أبدى فيها تمسّكا شديدا بوهم “السلام” مع الاحتلال، وبالمسار التفاوضي العبثي الذي 29 سنة كاملة دون أن يُفضي سوى إلى ابتلاع الضفة الغربية وإغراقِها بالمستوطنات وتهويد المدن والمقدّسات، فضلا عن تشبُّثِه بـ”التنسيق الأمني”، ومطاردةِ المقاومة في الضفة خدمةً للاحتلال، ورفضِه تفجير انتفاضة ثالثة، وغيرِها من السياسات الخاطئة، لكننا اليوم نشدُّ على يد الرئيس الفلسطيني ونشكره على ما قاله في ألمانيا، فعسى أن يكون ذلك بداية صحوة يعود إثرها إلى صفّ المقاومة ليختم بها حياته مثلما فعل الرئيس البطل ياسر عرفات رحمه الله من خلال تفجيره الانتفاضة الثانية في سبتمبر 2000 وثباته على موقفه إلى غاية استشهاده في نوفمبر 2004.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!