-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

نهاية وهم المساعدة و”بزنس” الحرب في افريقيا…

نهاية وهم المساعدة و”بزنس” الحرب في افريقيا…

ثلاثة مفاهيم ستتغير جذريا من الآن فصاعدا بعد الذي يحدث الآن في القارة الافريقية:

1ـ نهاية وهم المساعدة: مَن يُساعد مَن؟ أعلنت كل من فرنسا وبريطانيا وبدرجة أقل وضوحا الولايات المتحدة الأمريكية قَطع المساعدات على النيجر.

وكأن هذا البلد لم يكن دائنا لهذه القوى العظمى، وكأن هذه القوى لا تعرف بأنها مَدينة للنيجر بمئات المليارات من الدولارات نتيجة النهب المستمر لثرواته طيلة عقود من الزمن ناهيك عن زمن الاستعباد والاحتلال.. إن قيمة المساعدات التي تُعلِن فرنسا قطعها اليوم عن النيجر، لم تكن لتزيد سنة 2022 عن 119,2 مليون يورو… أما شركة “أريفا” Areva (أورانو حالياOrano ) فإنها لم تكن تدفع سوى ثَمن 5,5  بالمائة من إنتاج اليورانيوم النيجري (150 مليون يورو+ 100 مليون يورو ضرائب) (سيد اعمر ولد شيخنا، مقال النيجر ثروات في مهب الصراعات الدولية)، والباقي تقوم بنهبه سنويا أي ما يزيد عن 10 مليار دولار.. فمَن يُساعد مَن؟ وفي كل مرة كان النيجريون يحتجون أو تطالب حكوماتهم بتغيير هذا الوضع يتم تدبير انقلاب “حلال” هذه المرة على حكامهم، حدث ذلك ضد الرئيس “حماني ديوري” سنة 1974 وضد الرئيس “محمد تانجا” سنة 2010 لرفضهما النهب ومحاولتهما تصحيح معادلة الأسعار، كما حدث ضد كل المسؤولين الوطنيين الذين حاولوا وقف هذا النهب. وفي الفترة الأخيرة وقبل أشهر من تغير الأوضاع ضدهما في 26 جويلية الماضي، كانت فرنسا وحلفاؤها الغربيون يُخطِّطون لاستغلال البترول والغاز المُكتَشف حديثا في هذا البلد أملا في نقله عبر أنبوب البترول العابر للصحراء لامتصاص مزيد من الثروات الباطنية الإفريقية وتعويض الغاز الروسي في محاولة هزيمة روسيا اقتصاديا وعسكريا… فمن يساعد مَن؟

2ـ نهاية الإرهاب و”بزنس” الحرب: بات واضحا اليوم أن الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل هي من صُنع القوى الاستعمارية التقليدية فرنسا وبريطانيا، والجديدة (الولايات المتحدة)، لإيجاد المناخ الملائم لزرع قواعدهم العسكرية ومراقبة المنطقة ونهب ثرواتها وتركها فريسة للفقر والمرض لا تقوى على النهوض، وإلا كيف نفسر هذا البروز السريع لجماعات “الدولة الإسلامية” و”القاعدة” و”بوكو حرام” وغيرها من التنظيمات فجأة مباشرة بعد حرب الخليج الثانية؟ أليس الهدف هو إقامة قواعد عسكرية في المنطقة لتأمين النهب بالنسبة للأوروبيين وتأمين خليج غينيا المطل على الأطلسي بالنسبة للأمريكيين في محاولة للتقليل من القيمة الاستراتيجية لمضيق هرمز ومنطقة الخليج بأكملها. لذلك فإن الأفارقة فهموا جيدا أن هناك فعلا “بزنس” حرب في المنطقة ينبغي أن يتوقف بعد أن أدركوا مَن أشعل الحرب في رواندا ومن أشعلها في ليبيريا ومن أشعلها في ليبيا وفي السودان ومن يريد أن يشعلها اليوم في الساحل وغدا في بلاد افريقيا أخرى. لقد تم كشف من يستفيد من “بزنس” الحروب في القارة ولماذا؟ وعرفوا مَن يرعى الإرهاب بها ولماذ؟

3 ـ نهاية كذبة التعاون شمال جنوب: وفي الأخير تأكد لنا جميعا أن الشمال لا يكتفي بنهب ثروات الجنوب، بل وينهب عقوله أيضا، ويستغل سواعد شبابه، مُصوِّرا لنا أنه يُنقِذهم من الجحيم الذي يعيشونه في بلدانهم.. لقد انكشف تماما دوره ودور النخب التابعة التي يستند عليها في ذلك. لقد تأكد الأفارقة اليوم ما الذي جعل القارة الافريقية طاردة لأبنائها؟ لماذا يرمي أبناؤها أنفسهم في البحر؟ أليست الهيمنة الغربية المباشرة أو عن طريق بيادقها؟ لن يُصدِّق الشباب الافريقي اليوم أن الأوروبيين أكثر إنسانية، لأنهم يستقبلونه في مراكز إيواء ويقدمون له بعض الطعام؟ بل سيعرفون بوضوح سبب مآسي بلادهم، والداعمين الكبار لهذه المآسي من أبناء جلدتهم؟ وعندها سينتقلون إلى صناعة مرحلة الأمل القادمة بوعي جديد..

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!