-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

نوابغ لكن راسبون!

نوابغ لكن راسبون!

النّتائج الكارثية التي سجلتها الدّفعة الأولى من طلبة المدرسة العليا للرياضيات تضعنا أمام العديد من التساؤلات عن أسباب الرّسوب الجماعي لهذه الدفعة المكوَّنة من نوابغ المدرسة الجزائرية الذين نالوا شهادة البكالوريا بمعدَّلات تفوق 17 و18 من 20، لكن عندما التحقوا بالمدرسة العليا للرياضيات، وهي مؤسسة جامعية جديدة تعتمد معايير دولية في التّقييم، لم ينجحوا في الانتقال إلى المستوى الأعلى ولو بمعدلات دنيا، ونالوا العلامة الإقصائية في عديد المقاييس!

الطّاقم البيداغوجي للمدرسة العليا للرياضيات خرج بقرار مثير مفاده أنّ 94 طالبا من بين 172 مسجلا في الدفعة الأولى لا يمكنهم مواصلة الدّراسة في هذه المدرسة التي تعدّ قطب امتياز تراهن عليها وزارة التعليم العالي للنهوض بمستوى التعليم، لذلك تم توجيههم إلى تخصّصات جامعية أخرى. وهو قرارٌ جريء لا يمكن التّشكيك في جدّيته أو الرّضوخ إلى ما تقوله المنظمات الطّلابية التي تطالب بإعادة النظر في القرار واعتماد المرونة في التّعامل مع الطلبة الراسبين بدل الصّرامة التي أظهرها القائمون على المدرسة العليا للرياضيات.

إنّ الخطأ الكبير الذي ارتُكب في مؤسسات التعليم العالي الأخرى خلال العقود الماضية هو التساهل في تقييم الطّلبة والسّقوط في فخ تضخيم المعدلات، وأصبح لدى الطالب قناعة راسخة أن الانتقال من سنة إلى أخرى حقٌّ مشروع له، حتى ولو لم يدرس ويجتهد، بل إن السّياسات الشّعبوية عطّلت مجالس التّأديب وميَّعت سلطتها الأدبية على الطلبة وساهمت في تغوُّل المنظّمات الطّلابية التي باتت تفرض منطقها على الإدارة وعلى الأساتذة، فضاع التّعليمُ وانهار المستوى.

بدل التّفكير في وضعية الطّلبة المقصيين من المدرسة العليا للرياضيات الذين سيواصلون التّكوين الجامعي في تخصصات أخرى، لا بدّ من التّفكير في الأسباب التي حولت طلبة يفترض أنهم نوابغ ومتفوقون في المرحلة الثانوية، إلى راسبين فشلوا في الانتقال إلى السنة الثانية ولو بالحد الأدنى وهو معدل 10 من 20!

هل يتعلق الأمر بظاهرة تضخيم النّقاط في مختلف مراحل التعليم إلى درجة أن تلميذة نالت المعدل الكامل 20 من 20 في شهادة التعليم المتوسط؟ أم يتعلق الأمر بالغش في الامتحانات الرّسمية، وبالتالي حصول مترشحين على معدلات مرتفعة رغم مستواهم المتواضع، وهي ظاهرة موجودة بدليل حالات الغش التي يتم ضبطها في العديد من مراكز الامتحان؟ أم يعود الأمر إلى أسباب أخرى تتعلّق باللّغة المعتمدة في التّدريس بالمدرسة العليا للرياضيات؟

في عقود سابقة كان الحصول على معدل يفوق 11 أو 12 في البكالوريا إنجازا كبيرا، وكان الناجحون بمعدلات متوسطة يلتحقون بكليات الطّب والتكنولوجيا ويواصلون الدّراسة بنجاح، ومنهم من يسافر إلى الخارج ويلتحق بأعرق الجامعات وينال أعلى الدرجات العلمية، فماذا حدث حتى يصبح “النّابغة” فاشلا دراسيا وراسبا ومطرودا؟!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!