-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“نورمال”.. ؟

“نورمال”.. ؟

كما جرت العادة في الأشهر الأخيرة، أذعنت الحكومة لطلبات الثانويين كلها، وأعلن السيد رئيس الحكومة بأن”حق” العطلة الربيعية سيحصل عليه الطلبة في وقته المحدد، و”باطل” عتبة الدروس أيضا سيحصلون عليه، ولو طلبوا النجاح من دون خوض امتحان شهادة البكالوريا لكان في ذلك نظر، بالنسبة لحكومة في سعيها لأجل السلم الاجتماعي، صارت مجرد “نعم”، تنطقها أينما حلّت وارتحلت، الجديد هذه المرة، ليس في الاستجابة لطلبات الأساتذة والطلبة بالكامل، بعد ضياع الوقت الطويل والمال الكثير والأعصاب أيضا، وإنما في كلمة “نورمال” التي استعملها السيد الوزير الأول عبد المالك سلال، وهي الكلمة التي اشتكى منها الأولياء والأساتذة على مدار العقدين الأخيرين، بعد أن صارت لازمة، يكرّرها العاقون والمستهترون من الأبناء، الذي يرون في سباتهم “نورمال” وفي عصيانهم لأوليائهم “نورمال”، وفي تسرّبهم من المدرسة “نورمال”، بل إن بعض الأولياء صاروا يتحسسون من هاته الكلمة التي وضعوها ضمن قاموس فاحش الكلام.

السيد عبد المالك سلال في اختتام زيارته لولاية بومرداس خاطب طلبة البكالوريا أمام ممثلي المجتمع المدني، واسترسل بالقول العطلة الربيعية في وقتها “نورمال”، وامتحان البكالوريا في وقته “نورمال”، ولا استدراك للدروس الضائعة في العطلة “نورمال”، وكاد أن يقول .. إن النجاح في البكالوريا مضمون، ولو قالها، لبدت أيضا ..”نورمال”.

 قد تكون الجزائر استثناء في كل دول العالم، في الوقت الراهن، فهي البلد الوحيد الذي لا تمتلك فيه الحكومة أي برنامج ما عدا الاستجابة لطلبات العمال والطلبة، وقد يكون وزراء الجزائر فريدين من نوعهم في العالم، فهم لا يمتلكون برامج، والذي يريد أن يضع مخططا جديدا، يُصلح به أعطاب سابقيه، كما حاول فعل ذلك وزير التربية السيد عبد اللطيف بابا، ردّته الاحتجاجات وأيضا الحكومة إلى بيت الطاعة صاغرا، بينما صار مواطنون مقتنعون بأن قطع الطرقات حق شرعي، ومشاهد التهديد بالانتحار سُنّة مؤكدة، كما هي عتبة الدروس حق موروث، من الزمن الباديسي الذي كان يطلب فيه الحفاة من الجزائريين العلم، فيتغربون عن قراهم ويتحدّون العوز والبرد والجوع، ولا ينالون من تعلّمهم لا شهادة ولا مهنة، اللهم تاج العلم.

لو كانت المشكلة في القمة فقط لهان الأمر، ولو كانت في القاعدة فقط لهان الأمر، ولكن عدوى مرض “نورمال” مسّت البدن كله، والأولياء الذين كانوا يبرقون ويرعدون غضبا، عندما يواجههم أبناءهم كرد فعل على معصية أو خطيئة ارتكبوها بكلمة “نورمال”، انفجروا فرحا هذه المرة، وهم يسمعونها من الوزير الأول الذي جعلها في أذانهم نغمة حلوة، طيّب بها خاطرهم، وأطربهم بها إلى درجة النشوة.

بعض الجزائريين اعتبروا الحقبة السوداء التي مررنا بها من ضروريات “النورمال” التي يجب أن نتذوّق من كأسه، واعتبروا فشل السياسات الاقتصادية “نورمال”، وآلاف الاحتجاجات التي شلت النمو الاجتماعي نهائيا “نورمال”، وارتفاع معدلات الجريمة والهجرة والانتحارات “نورمال”، والعبث السياسي الذي تمر به البلاد “نورمال”، حتى تحوّلت “نورمال” إلى مشروع أمة، بصم عليها الوزير الأول وهلّل لها الشعب بعاصفة من الترحيب والتصفيق.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
9
  • بدون اسم

    رانا عايشين في دولة النورمال شكرا

  • بنتركية

    يتبع ....الحل في الرجوع الى قيمنا الاصيلةو قيم ثورة 1نوفمبر بنا ءدولة اجتماعية (توفر وترعىاحتياجات مواطنيها دون تمييز اواقصاء مع وجود قضاء نزيه ومستقل )ديموقراطية(ضمان الحريات الفردية والجماعية ومشاركة كل المواطنين في تسيير شؤونهم باختيار ممثليهم وعزلهم عند الضرورة)في اطار المبادىءالا سلا مية(الايمان بالمصير المشترك نشر قيم التاخي التراحم والتسامح التفاني في العمل الاعتماد على الدات في الملبس والماكل ..... للغرب قيم تقدم بفضلها لنا قيم تاخرنا وتقهقرنا بتركها .ان للتقدم والتحضر ثمن

  • بنتركية

    يتبع....والمحسوبية والفساد كل هدا وغيره من الانحرات تحدث في المجتمع ولا احد يحرك ساكنا مستعملا مبداين 1تخطي راسي 2عوم بحرك واقضي صوالحك.والحاصل لاوجود للدولة في مجال تربية المجتمع على قيم الرقي والازدهار والتطور العلمى والتكنولوجي بل التدهور التدريجي في كل الميادين الاقتصادي الاجتماعي السياساي الاداري ......مشاكلنا على كثرتها ليست مالية ولامادية بل اخلاقية فالقوي يفعل ما يريد لان العدالة مغيبة والمسؤول يختلس او يستبد ولا رقيب والموظف يقصر في واجباته يهمه راتبه فقط والمواطن يتحايل للحصول على....

  • بنتركية

    الخطا في تربية المجتمع على القيم الصحيحة وكان مقصودا نعم في الاسرة كثير من الاولياء لايعيرون اي اهتمام للتربية السليمة فيغضون الطرف على التهاون عن الصلاة والكدب والعاطفة المفرطة اوالاهمالاما المجتمع فلم يعديحافظ على قيمه فلاينهي عن التصرفات اللااخلاقية (عبرات الشتم والتهكم والتحرشووو)والبعض يشجع ابناء ه في التطاول على الجار اوالمعلم وقد يشجعهم على اغتصاب حقوق الاخرين مهما كانت الطريقة ولو بالتزوير او الرشوة.اما الدولة فكثير من المسؤولين اصبحوا قدوة في الكدب والتحايل وسوءالاخلاق والتسلط

  • تاملوكة

    عندما يفقد الشيء (الفرد) مصداقيته ومعها كبرياؤه فعندها يصبح انبطاحيا، انهزاميا لا يعي ما يفعل للحفاظ على منصبه (كرسي السلطة). يقبل كل شيء يفرض عليه... ضاعت القيم والأخلاق...

  • أحمد

    إذا رفضت السلطة مطالب الناس قلنا جبابرة وإذا استجابوا قلنا ضعفاء. <" لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم">

  • عبد الحي

    إنّ العقلاء ليتحسرون مما يحدث ، صرنا كالنعامة تدس رأسها عند الخطر. ما يحدث له أثره السلبي مستقبلا ،فمن المفروض أن يحاصر المرض لا أن يترك له المجال واسعا فلإنّه بدلك سيمتد . سجب الإكثار من التصح للتلاميذ وأوليائهم .

  • SMAIL

    والاغرب من ذلك كله ـ الغاشي ـ المنبطح امامه والذي صفق له بكل حرارة.

  • امازيغية حرة

    ياسيدي نحن عندنا ثقافة النورمال ..لان من يحكم فينا ليس بنورمال ..فهل من المعقول ان يظن مسؤولينا ان كل شئ نورمال وانه من غير النورمال ان لاننتخب علىةعهدة النور مال .لان رئيسنا راهونورمال وصحتو نورمال ويقدر يحكم نورمال ..حقا نحن في زمن الجمهورية النور مالية الجزائرية الشعبية الديمقراطية