هدية لليمين المتطرف!
أيامٌ سودٌ تنتظر مسلمي فرنسا بعد العملية التي نفّذها مسلحون ضد العاملين في صحيفة “شارلي إيبدو” الساخرة، التي بالغت في استفزاز المسلمين عبر رسوم مسيئة جسّدت الرّسول- صلى الله عليه وسلم- في هيئات هزّت مشاعر المسلمين عبر العالم وأثارت احتجاجات واعتصامات وحراكا عالميا استمر لسنوات.
العملية تنسجم تماما مع إيديولوجية التّنظيمات الإرهابية مثل داعش وتنظيم القاعدة، وهي تنظيمات لم تتردد في إطلاق التّهديدات ضد هذه الصحيفة التي تجاوزت كل الخطوط الحمراء، تحت مسمّى حرية التعبير، وتعمّدت إهانة مليار مسلم من خلال رسومات بذيئة ولا أخلاقية، وأعادت الكرّة عدة مرات، في محاولة لإثارة غيظ المسلمين، ودفع البعض منهم إلى استهدافها بعمل عنيف لتحقيق المزيد من الشّهرة والتّوسع.
ومع أنّ الاتّهامات عادة تكون جاهزة في مثل هذه العمليات، إلاّ أنّ هذه العملية جاءت في ظرف حسّاس يتّسِم بأعلى درجات الحذر على مستوى الأجهزة الأمنية الفرنسية التي أحْبطت العديد من العمليات خلال الأيام الماضية، وكانت على علم بالتّهديدات التي وُجّهت إلى الصّحيفة، فكيف يُعقل أنْ يقوم المهاجمون بإطلاق النّار وهم في أرْيَحِية تامّة ويحملون معهم أسلحة حربية ثقيلة، يرتكبون المَجْزرة ثم يغادرون بهدوء بعد أن يغيروا السّيارة!!
إنّ أثر هذه العملية سيكون كارثيا على مسلمي فرنسا، في ظل تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا في الأوساط الفرنسية التي يغذّيها اليمين المتطرف بأفكاره العنصرية، وسنشاهد جميعا ما يحدث خلال الأيام المقبلة من اقتحامات للمساجد والبيوت، وإجراءات تضييق في حق المسلمين بحجة مكافحة التطرّف، وهو بالذات ما تابعناه بعد العملية التي قام بها المراهق الجزائري محمد مراح.
وأكثر من ذلك سيكون الأمر مختلفا تماما هذه المرة، لأن العملية صُنّفت كأخطر هجوم مسلح منذ الثّورة التّحريرية في الجزائر، أو كما يطلق عليه في الأوساط الفرنسية حرب الجزائر. وعليه فإنّ رد الفعل سيكون أعنف هذه المرة من الذي حدث في أعقاب عملية محمد مراح ضد اليهود في تولوز. ويبدو أنّ توقعات عبد الله زكري، رئيس مركز مكافحة الإسلاموفوبيا بفرنسا، تحققت بالفعل، حينما حذّر من حرب أهلية في فرنسا، بسبب تنامي الخطاب المتطرّف الذي يستهدف الجالية المسلمة في فرنسا البالغ تعدادها 5 ملايين نسمة.
سينتعش اليمين المتطرف بعد استهداف مجلة “شارلي إبدو“، وستكون أفكاره العنصرية هي الطاغية في الإعلام الفرنسي وعلى ألسنة المسؤولين، وستنتشر كذلك الرسومات المسيئة إلى الرسول الكريم بدعوى التضامن مع ضحايا العملية، كما فعلت العديد من الصحف سابقا… كل ذلك بسبب عملية قتل رسامي الكاريكاتير الذين لو لم يسيئوا إلى الرسول الكريم لما عرفهم أحد بسبب النوعية الرديئة لرسوماتهم بالمعيار الفني…