-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هذا ما جناه علينا تأنيثُ الوظائف والمهن

هذا ما جناه علينا تأنيثُ الوظائف والمهن
أرشيف

من بين القوانين التي أضرَّت بالأمة الجزائرية، قانونُ فتح المجال لتوظيف المرأة على حساب الرجال، ومناصفة المناصب بين النساء والرجال حتى في المناصب السياسية والنيابية.. فتأنَّثت قطاعاتٌ بأكملها، ولم تعد نسبة الرجال فيها تُذكر في الإحصاءات.

ولهذا القانون أو الاختيار أخطارٌ مدمرة على الأمة الجزائرية وعلى قواها الحية، هذا بالإضافة طبعا إلى تولية وتنصيب الفاسدين والمفسدين والمخربين والانتهازيين والمنتفعين والوصوليين والمرتشين.. ممن تتزين جدران مكتبي بتبسة بتوقيعاتهم على تلك الشهادات الشرفية والتكريمية التي كانوا يمنحونها للعاملين من أمثالي نهاية كل ندوة أو ملتقى أو مهرجان أو نشاط.. وللأسف الشديد فكلهم يقبعون في السجون بتهم الفساد والإضرار بالبلاد والعباد.. وإليكم ذلك بالأدلة الواقعية الواضحة، والتي لا تحتاج إلى تأويل، وهي من صميم الكيان الجزائري.

ولكن قبل هذا وذاك أودّ أن تعرف كل امرأة ورجل جزائري أنني أدعوكم لله سبحانه وتعالى ولرسوله محمد صلى الله عليه وسلم ولحكم الشرع الإسلامي، وإلى قواعد الإسلام الصحيحة وإلى مبادئ وأصول النظام الاجتماعي في الإسلام، وذلك بالأدلَّة الواضحة من الكتاب والسنة وإجماع الأمة الإسلامية من عهد الصحابة والتابعين إلى وقت نيل هذه الكيانات استقلالها الشكلي من المستعمرين.

ومفاده أن الإسلام سوَّى بين المرأة والرجل تسوية كرامة وقيمة واحترام وتقدير ومكانة ومسؤولية.. والأدلة في الكتاب والسنة مبسوطة بسطا واضحا، وجعلهما متكافئين في الثواب والعقاب والتبعة والمسؤولية والخير والشر، وخلق الله المرأة خلقا يختلف في تكوينته الفزيولوجية والبيولوجية والنفسية والعقلية والجسدية.. مختلفا عن الرجل، ورتّب على ذلك مسؤوليات ومهاما ووظائف مختلفة لكل منهما، وعليه فمهمتهما ووظيفتهما مختلفة، وبالتالي ستختلف نشاطاتُهما وممارستهما الحياتية عن بعضهما، وجاءت حقائق العلم الحديث الذي كشفته الأبحاث العلمية والتجرُبية الأكاديمية والإستراتيجية وغيرها في الغرب الذي تقلده وتتبعه أنظمتنا، والتي تؤيد جميع ما جاء به الدين الإسلامي حيال تكوين ووظيفة المرأة.

ولعلني أقدِّم باختصار الآثار المدمِّرة التي جنتها عملية تأنيث الوظائف والمهن وجنايتها الماحقة في حق الأمة الجزائرية نساءً ورجالاً، وإليكموها:

1 – الأزمة الصحية التي تتأسس عليها بنية الفرد الجزائري تعود إلى غياب المرأة العاملة في العمل طيلة النهار، وكيف يُفطم الأطفال من حليب الأم بسرعة لأجل قِصر عطلة الأمومة وخشية نقصان الأجر والتعويضات؟! وتصوَّروا جيلا لا يتغذى بحليب أمه سنتين مثل جيلنا الذي كان يرضع ثدي أمه حتى تنبت أسنانُه ويُفطم وهو يسير على قدميه.. وكلنا يعلم كيف يتغذى الزوج والأطفال في غيابها، وانظروا إلى محلات الطعام السريع وما تجنيه من أموال بسبب التغذية الرديئة التي يتغذاها الفرد الجزائري العليل والسقيم والمسكون بشتى الأمراض المزمنة وغير المزمنة.. هذا الفرد الضعيف الصحة والمناعة، والذي فشلت منظومتُنا الصحية في الحفاظ عليه في ظل جائحة كورونا، فغالبية من أصابتهم بسبب فقدان أو ضعف المناعة.. والمناعة أنتم تعرفون مصدرها: الأم غير العاملة والماكثة بالبيت.

2 – ضياع الملايين من ساعات العمل بسبب الطمث والخطوبة والزواج والطلاق ومشاكله والخلع وتوابعه والحمل والولادة والمتابعة والرعاية الطبية وملحقاتها.. ومعه تضيع مصالح الأمة والمجتمع والأسرة والزوج والأبناء، ويأتي الاستخلاف في مجال التربية والصحة والإدارة.. للشباب العاطل عن العمل، والذي ينتظر رحمة دولته المحترمة، ومعه تكون مصاريف إضافية وميزانية ضائعة وأمَّة معطلة وتائهة عن طريق الحق.. مع ما يجلبه هذا كله من مشاكل معقدة ومتعددة.

3 – توسُّع واستفحال أزمة البطالة لدى الشباب والفئات العمرية الخلاقة والفاعلة، لأن الوظائف تأنَّثت، والنساء يتربَّعن على غالبية المناصب في البلدية والولاية والدائرة والبريد والمواصلات والضرائب والوظيف العمومي والمراقب المالي والمستشفيات والجمارك والشرطة.. وسائر المؤسسات الحكومية… فهل تعتقدون أن القضاء على جائحة البطالة يكون بتوظيف النساء مناصفة مع الرجال؟ أعتقد لا، وألف لا..

4 – أما الأستاذات الجامعيات اللائي يتقاضين الأجور العالية فضلا عن المِنح والمكافآت والخدمات الاجتماعية والسكن.. ولات منهن من تقدِّم بحثا عدا الماجستير أو الدكتوراة ومقالا أو مقالين أو خمسة على الأكثر طيلة حياتها لتترقى وتصبح تحمل لقب (بروفيسورة)، وتتساوى حسب القوانين الجائرة مع كبار الأساتذة وخيرة الباحثين ممن يُنتجون العلم والمعرفة ويؤلفون ويكتبون ويدعون ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويصلحون ولا يفسدون.. ثم بعد ذلك تتباكون عن تراجع مستوى الجامعة الجزائرية وضعف الإنتاج العلمي وأنتم تعرفون أو لا تعرفون أن جل العاملين في الجامعة من النساء العاطلات عن إنتاج المعارف.. وللتأكد اذهبوا فانظروا مواقع الكليات ستجدون المخازي والشنائع، ففي موقع جامعة جزائرية مثلا ثمة من الأساتذة ما يعادل إنتاجُه العلمي المنشور ما يساوي ثلاثين أستاذة مُحاضِرة وبروفيسورة، وفي النهاية يتساوى الجميع.. والآلاف من حملة الدكتوراة من الشباب يتزلفون العمداء ورؤساء الأقسام كي يحصلوا على الساعات الإضافية حيث لا حلم في التوظيف في ظل هذه القوانين الجائرة.

5 – العنوسة وأزمة السكن والزواج واستفحال ظواهر الإجرام والزنى والخدانة والخيانة الزوجية.. والسرقة والاختطاف والاغتصاب.. التي تنقلها صفحات الجرائد يوميا.. هل يُعقل أن تعطوا للمرأة كل شيء (الأجر، السكن، العطل، الراحة، السيارة..) وتتركون الشباب ينظر بأم عينه؟ ما تنتظرون من شاب هذا حاله؟ سيفعل كل شيء في سبيل أن يحظى بلحظة سعادة عندما يخطف أو يسرق أو يعتدي.. ثم أوهمتم المرأة المسكينة بزوج يُنشىء لها بيتا كبيت العنكبوت.

والنتيجة:

– لقد كنتم في غنى عن قانون مكافحة الإجرام والعصابات أولئك الأبرياء والضحايا الذين نشأوا في ظل الأمَّهات العاملات الغائبات عن البيوت.. وفي ظل مدرسة كلها نساء، ونتائج الدراسات كشفت عن حال وطبيعة وتكوين الأجيال التي تتلقى التعليم من الرجال أو النساء..

– لقد كنتم في منأى عن الأزمات الصحية المتعاقبة لو أنكم تركتم الأمهات يقمن بمهمتهن في رعاية البيوت والأزواج والأولاد.. ويُرضعن أولادهن حولين كاملين.. ويؤدين وظائفهن العظيمة على حد قول ابن باديس..

–لقد كنتم في غنى عن قانون العقوبات الردعي في ظل العدل وإعطاء كل ذي حق حقه.

وأخيرا.. أنا أدعو إلى توظيف النساء المتميزات واللائي يمتلكن من القدرات التي توازي الرجال، وهن موجودات ولكنهن قليلات.. وأن تمنحوا الماكثات في البيوت منحة شهرية محترمة، ولكن أن يتحول الرجال إلى عاطلين وبطالين فهذا نكوصٌ عن أمر الله (وقِرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى)، ولن يفلح قوم أعرضوا عن تطبيق تعاليم ربهم.. وهل بالفعل أفلحنا؟ لا وربي.. وحذار أيتها المرأة أن يخدعوك -كما قال شوقي- بالمكتسبات النسوية وغيرها.. لأن هدفك هو إرضاء الله تعالى، وتطبيق شرعه لا في إحياء قيم الجاهلية العمياء.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • كلمة حق،

    مقال رائع. بارك الله فيك.