-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هذا ما قدمه الطلبة للثورة بعد الإضراب التاريخي

البروفيسور بغداد خلوفي / المركز الجامعي البيض
  • 1604
  • 0
هذا ما قدمه الطلبة للثورة بعد الإضراب التاريخي
أرشيف

رغم أن العديد من الطلبة الجزائريين قد انضموا، بصفة فردية، إلى الثورة التحريرية قبل سنة 1956، إلا أن إضرابهم الذي قاده تنظيمهم الطلابي الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين في 19 ماي 1956 يعد إعلانا على انضمامهم العلني والرسمي إلى الثورة التحريرية.

وشملت الميادين التي التحق بها الطلبة بعد الإضراب مختلف التخصصات التي كانت تحتاج للإطار المتعلم والمتخصص.

كانت حاجة جيش التحرير الوطني ملحة إلى إطارات كفؤة في ميدان الصحة، إذ توافر لجيش التحرير أعداد كبيرة من الأطباء والممرضين من ذوي الاختصاص، ولم يعـد دور هؤلاء يقتصر على تقديم الإسعافات الأولية، بل تعداه إلى معالجة المقاتلين المجروحين أو المرضى، والقيام بعمليات جراحية مستعجلة، بالإضافة إلى معالجة السكان القرويين بالجزائر وفي الحدود.
وكان مجال التعليم من الميادين التي ساهم فيها الطلبة بقسط وافر خلال الثورة التحريرية، حيث كانت قد أنشئت من طرف جيش التحرير مدارس في كل القرى شبه المحررة وبالميادين القتالية، وكانت هذه المدارس تعمل حسب الإمكانيات والوسائل، وكان مؤطروها من الطلبة والثانويين ومن خريجي معهد عبد الحميد بن باديس.
وفي ميدان القضاء كان دور الطلبة بارزا أيضا، حيث كان المحافظ السياسي هو الذي يشرف على تسيير مجالس العدالة وفق سياسة جبهة التحرير الوطني، وكان دائما حاضرا في كل مستوى من مستويات المحاكم عبر وجوده كعضو دائم في لجنة المحاكمة.
بالإضافة إلى هذه المسؤوليات التي تقلدها الطلبة عبر وظيفة المحافظ السياسي، فإنّ الأعمال المختلفة لهذا الجهاز التي تتعلق بكتابة الضبط والإحصاء وتسجيل العقود وغيرها من المهام الإدارية، كانت تحتاج أيضا إلى إطارات متعلمة تكفّل بها الطلبة.
وفي الميدان الإعلامي كان الطلبة يؤطرون نشريات وجرائد محلية خاصة بكل ولاية، يقومون بواسطتها بالبحث وتتبع مختلف الأحداث والنشاطات الخاصة بجيش التحرير الوطني، ويساهمون في تسييس الشعب والمقاتلين ورفع معنوياتهم ودحض أخبار العدو.
وابتداء من سنة 1956، أنشأت جبهة التحرير الوطني صحافة تابعة لها مباشرة، حيث كانت تسحب ثلاث طبعات مختلفة لجريدة المقاومة الجزائرية، ثم أنشئت بالجزائر نشرية المجاهد التي تحولت سنة 1957 إلى جريدة، وأصبحت لسان حال جبهة التحرير الوطني مكان جريدة المقاومة الجزائرية، وقد كان دور الطلبة في إعداد وتحرير هذه الجرائد وضحا سواء على المستوى التقني أو العلمي، وكان الطالب رضا مالك مديرا لجريدة المجاهد ابتداء من شهر جويلية 1957.
وكانت الصحافة المسموعة من صلب اهتمامات جبهة التحرير الوطني، لأنها كانت تعتبر الوسيلة الأهم للأعلام والدعاية للوصول إلى الشعب الجزائري بصفة خاصة. حيث استعملت جبهة التحرير في البداية الإذاعات العربية للإعلان عن اندلاع الثورة التحريرية ثم لشرح أهداف هذه الثورة وتطوراتها، وقد لعب الطلبة الجزائريون بالمشرق العربي دورا رائدا في تأطير تلك البرامج واستمراريتها سواء بمصر، العراق أم بسوريا.
ونظرا لأهمية حرب المدن، احتاجت المنطقة المستقلة للجزائر العاصمة إلى القنابل للقيام بعمليات فدائية، فأنشأت قيادة المنطقة شبكة للمتفجرات، وقد لعب الطلبة دورا مهمّا في هذه الشبكة خصوصا ما تعلق منها بعملية صنع القنابل التي بدأت قبل جويلية 1956 بواسطة مجموعة من الطلبة العلميين الملتحقين بجيش التحرير الوطني، وكان الطالب عبد الرحمان طالب والطالبات زهرة ظريف، سامية لخذاري، حسيبة بن بوعلي وجميلة بوحيرد من أبرز الطلبة الذين ساهموا في إنجاح العمليات الفدائية التي هزّت مدينة الجزائر أواخر سنة 1956 وبداية سنة 1957.
وقد انخرط الطلبة أيضا بالإضافة إلى المهام التي يخولها لهم مستواهم التعليمي في فرق جيش التحرير الوطني كثوار ومقاتلين أيضا، وفي هذا الميدان أظهروا جدارتهم وكفاءتهم وترقوا إلى أعلى المناصب وتحملوا أعلى المسؤوليات.
فقد ترّقى الطالب يوسف الخطيب إلى رتبة عقيد وقائد للولاية الرابعة، وتقلد الطالب علي بودغن (لطفي) رتبة عقيد وقائد للولاية الخامسة، ونفس الشيء بالنسبة للطالب محمد شعباني من معهد عبد الحميد بن باديس الذي ترقى إلى رتبة عقيد وقائدا للولاية السادسة، وكان الطالب علاوة بن بعطوش قد استشهد وهو يحمل رتبة رائد بالولاية الثانية وذلك سنة 1958.
وكان للطلبة دور في تسيير الهياكل العليا لجبهة التحرير الوطني وخاصة بوزارات الحكومة المؤقتة، حيث ترّقى العديد منهم واحتلوا مناصب عليا منذ مؤتمر الصومام، إذ عيّن الطلبة محمد الصديق بن يحي، يوسف الخطيب، الأمين خان، العقيد لطفي، العقيد شعباني والعقيد هواري بومدين أعضاء بالمجلس الوطني للثورة الجزائريـة.
أما بالحكومة المؤقتة فقد كان الأمين خان أول طالب يدخل هذه الحكومة عند تأسيسها في 19 سبتمبر 1958 ككاتب دولة برتبة وزير.
وقد سيطر الطلبة على دواوين الوزراء وإدارتها والأمانات العامة، كما أنّ مستواهم قد مكنّهم من تقلد دور مستشارين تقنيين للأجهزة الحكومية المختلفة.
وكان للطلبة دور أيضا في توجيه السياسة العامة لجبهة التحرير الوطني بمشاركتهم كأعضاء في اللجنة المكلفة بتحضير مشروع البرنامج الخاص بجبهة التحرير الوطني الذي تمت مناقشته في المجلس الوطني للثورة الجزائرية في دورته الثالثة من ديسمبر1959 إلى جانفي1960.
وعمل الطلبة أيضا على تحديد السياسة المستقبلية للدولة الجزائرية بمشاركتهم في صياغة برنامج طرابلس، كما شارك الطلبة أيضا بقوة في جميع أطوار المفاوضات مع فرنسا.
وعند تكوين اللجنة التنفيذية المؤقتة المنبثقة عن اتفاقيات إيفيان لتسيير المرحلة الانتقالية، كان حضور الطلبة مميزاَ حيث عين الطالب محمد خميستي نائبا لرئيس اللجنة والطالب بلعـيد عبد السلام مكلفا بالشؤون الاقتصادية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!