-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هذا ما يجب أن تتوب منه

سلطان بركاني
  • 565
  • 1
هذا ما يجب أن تتوب منه

ذكرنا في مقال أمس “توبة الثعالب” أنّ التوبة حتّى تكون نافعة ومستمرة، ينبغي أن تكون صادقة وشاملة لحياة العبد كلّها؛ فلا يستقيم أن يتوب العبد من ذنوب بينه وبين الله، ويبقى مصرا على أخرى بينه وبين عباد الله، كما لا ينفع أن يقلع عن الذّنوب الظّاهرة ويظلّ مقيما على الذّنوب الخفية.. نعم، الله -سبحانه- يقبل التوبة من كلّ ذنب، ولا يطلب من عبده أن يكون بعد توبته ملكا كريما، لكنّه -جلّ وعلا- لا يقبل من عبده أن يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض ويتّخذ دينه لعبا يُصلح منه ما يدفع عنه عتاب النّاس ولومهم، ويترك الباقي على ما هو عليه!

في كلّ عام، نتوب إلى الله في رمضان، ثمّ يرجع كثير منّا في شوال إلى ما كانوا عليه قبل رمضان؟ لماذا؟ لأنّ الواحد منهم يختار معاصٍ معينة يتوب منها، ويترك معاصٍ أخرى يبقى مصرا عليها في رمضان، وفي الغالب تجد المعاصي التي يتوب منها هي ما يجلب له لوم النّاس وعتابهم، والتي يصرّ عليها هي ما لا يتوجّه إليه لوم بسببها! تجده -مثلا- يتوب من ترك الصلاة وهجر المسجد، لكنّه لا يتوب من أكل الحرام، بل إنّ الحرام الذي يأكله يزيد كما وكيفا في رمضان، بجشعه في تجارته، أو تهاونه في عمله، حيث يتعلق بأتفه الأسباب ليغيب عن عمله، وإن حضر فإنّه يحضر كسلان مقطّب الحاجبين، ويتهرّب من أداء واجبه، ويخرج من عمله قبل وقت الخروج.. تجده يتوب من تأخير الصلوات ولا يتوب من النظر إلى الحرام في ليالي رمضان.. تجد المرأة المسلمة تتوب إلى الله من جمع الصّلوات في آخر النّهار، ولا تتوب إلى الله من التلاعب بالحجاب، ومن الضحك مع الرجال وممازحتهم واللين معهم في الكلام!

لعلّ من أنفع الأعمال في هذه الأيام الأولى من رمضان: أن يحصي العبد المؤمن الكبائر التي لا يزال مقيما عليها، ليستحضر نية التوبة منها جميعا، ويستعين بالله على ذلك، فما وُفّق للإقلاع عنه فذاك، وما عجز عن تركه فإنّه يستغلّ أيام وليالي رمضان في مجاهدة نفسه وسؤال الله العون على تركه.

إخراج صلاة واحدة عن وقتها كبيرة، فكيف بمن يصرّ على إخراج صلاة الصبح عن وقتها كلّ يوم، فلا يصليها إلا في رمضان، بل ربّما لا يصلّيها حتّى في رمضان مع حرصه على صلاة التّراويح. جحد الزّكاة كبيرة. عمل السّحر أو طلبه من السّحرة كبيرة، قد تصل إلى الكفر. أذية الآخرين كبيرة. بهتُ عباد الله المسلمين بالكذب عليهم كبيرة. هجر المسلم فوق ثلاثة أيام كبيرة.. الغيبة كبيرة. شهادة الزّور كبيرة. أكل الحرام كبيرة. أكل أموال النّاس كبيرة. أكل الميراث كبيرة. خيانة الزّوج كبيرة. الخروج من طاعة الزّوج كبيرة. قهر الزّوجة كبيرة. التبرّج كبيرة. الغشّ في البيع والشّراء كبيرة. تطفيف الميزان -بصوره القديمة والمعاصرة- كبيرة. الرّبا كبيرة. الرشوة كبيرة. استباحة الممتلكات العامّة كبيرة. الاستهزاء بشيء من الدّين كالحجاب أو اللحية أو الصلاة كبيرة… إلخ.

وفي المقابل: ينبغي للعبد أن يحصي الفرائض التي يضيّعها أو يتهاون في القيام بها، ليتوب إلى الله من تقصيره فيها، ويجاهد نفسه على لزومها وإقامتها: الصلاة في وقتها فريضة. الخشوع في الصلاة فريضة. إخراج الزّكاة في وقتها لمستحقيها من دون مجاملة فريضة. البرّ بالوالدين فريضة.. صلة الأرحام فريضة. حمل الزّوجة والبنات على لبس الحجاب الشّرعيّ فريضة. حمل الأبناء على إقامة الصلاة في أوقاتها فريضة. منع وسائل الفساد عن الزّوجة والأبناء فريضة. الحجاب السابغ الواسع بالنّسبة للمرأة فريضة. غضّ البصر فريضة.. كفّ اللسان عن الأعراض فريضة… وهكذا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • قل الحق

    بوركت شيخنا الفاظل، لا تنسانا من دعاءك في هذا الشهر الفظيل و جزاك الله خيرا.