-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الإعلامي صالح عوض يكتب:

هذا هو صرح علي فضيل ومدرسته

صالح عوض
  • 4671
  • 3
هذا هو صرح علي فضيل ومدرسته

إخواني أيها الشروقيون..

أيها الشروقيون لكم صباحات مترعة بالحب والأخوة وأنتم في مصابنا الجلل..

هذا هو صرح علي فضيل ومدرسته المتميزة المتألقة في سماء العرب..

أشعر في هذه اللحظات بمعاني في داخلي تحاول أن تفسر نفسها فيشتتني اختيار الكلمات فاشفقوا عليّ من صعوبة الموقف.. بأي منطق أكتب لكم وأنا لم أغادركم رغم بعد المكان وصعوبة اللقاء..

لن أتحدث عن الجانب الاداري في أخي علي فلقد يكفيني ذلك ما سيتناوله كثيرون ولكني ساتتبع روحه الرائعة في صناعة جيل من الكتاب والصحفيين وقيمة الأفكار والمباديء التي كان يفتح لها سبل الوصول بكل ذكاء ليواجه وكأنه امة وحده الفرنكفون ومحاولاتهم تغييب العربية من ميدان الصحافة.

رحلة طويلة جمعتني مع الصحافة ولكنها بدأت ولازالت برفقة أخي وصديقي علي فضيل.. لقد التقينا في عام 1979 ونحن طالبين يسكنان الحي الجامعي بن عكنون في أول عمل ثقافي لي هنا في الجزائر عندما أنجزنا مسرحية بعنوان “فلسطين الشاهد والشهيد”.. كان الاخ علي رئيس اللجنة الطلابية في الحي، شابا حيويا مبتسما عروبيا اسلاميا وبعدها فتح لي أخي علي، حيث كان نائب رئيس تحريرها، صفحات جريدة المساء لكتابة مقال أسبوعي، سنة 1986- 1988وهكذا كلما انتقل الأخ علي إلى مواقع عمل جديدة كنت رفيقه أكتب فينشر لي بلا تردد أحمله تبعات كتابتي المتمردة على أوضاع العرب الرسمية مشرقا ومغربا.. وكنت في الشروق العربي منذ بداية انطلاقها أكتب الصفحة الدولية. عيون على العالم..

ثم عدت إلى غزة في منتصف التسعينيات وكأني شغلت عن الشروق التي أنجبت وليدها الفتي الشروق اليومي بعد سنين من الكفاح.. كانت لحظة عناقي بالشروق اليومي فارقة كبيرة لي في عالم الكتابة فلقد تجشمت ركوب كتابة العمود اليومي..
المهم أن القصة فيما بعد تعرفونها كلها، لكن الذي لا تعرفونه أن الشروق كانت ملاذ روحي وهمي، فهي كما هي لكم خيل لا تعرف الوهن تتحمل شطحاتنا وأحلامنا فنسكنها جموحنا وجنوحنا فيثبت الكثيرون منا فيها ذواتهم.. وكما أن هذه الرحلة عمدها الدم بشهداء أعزاء فإنها كذلك تفيض بقوة إرادة شباب رائعين يبدو على الكثير منهم أنهم جنود مجهولون..

لقد كان علي فضيل الأخ عندما تنكر لي بعض من ابناء قومي فحاصروني في لقمة عيشي.. ولقد كان لي الصدر الحاني عندما توالت علي طعنات من جهات عديدة.. كان علي فضيل متراسي القوي وانا اصوب حربي على الخونة والمتخاذلين والمتنازلين عن فلسطين لم يحاول بوما تخفيف وهج عنفواني.

كانت الشروق هي الأسرة المتجددة الواسعة وإني أصدقكم القول أن العمر الذي عشته بينكم من أعظم أيام حياتي عطاء.. صحيح أنني لم أكن موظفا أو في وضع رسمي، لكنكم أفسحتم لي من الحب والاحترام والتقدير ما كان يغنيني عن أي مسمى.. لن أنسى أحبتي الذين عشت معهم في مكتب واحد الحاج المهذب رشيد فضيل والصديق المثقف الفنان بغالي محمد والمنعش للذاكرة والروح مصطفي فرحات ورفيق الوجع الفلسطيني رشيد ولد بوسيافة والكاتب المثابر جمال لعلامي رئيس التحرير والاخ المهذب الثوري حسين لقرع والكاتب المثقف الملتزم المؤدب عبدالحميد عثماني والصديق ياسين معلومي.. أما الاخ الحبيب محمد يعقوبي رئيس التحرير السابق فإني أشهد أنني كنت أقسو عليه ولكنه تميّز بسعة صدر، كنت أشعر أنه قائد أصيل كما أنه صاحب لغة وأدب وتيقظ ولعمري إن من يستطيع أن يقف على ظهر الشروق المتجددة المغامرة ويظل صامدا طيلة سنوات يستحق بالفعل الى تكريم كبير ولعل أكبر تكريم للاخ الصديق يعقوبي أنه رئيس تحرير الشروق..
لا أريد أن أغفل عن أحد من الأحبة الكتاب القريبين للروح والقلب والمصورين المبدعين الجاهزين دوما والأخوات الرائعات الصحفيات المثابرات سميرة وآسيا وزهية ونوارة وفريدة ودلولة ووردة وكل الأخريات المحترمات اللواتي يغيب عني أسماؤهن ولا يغيب عني أدبهن واحترامهن وحيويتهن.
في الشروق تقاليد وطقوس للإبداع والعطاء يأتيك أحيانا من حيث لا تشعر، كما يفيض قلم ياسين فضيل وتفاني الإداري المنضبط والأمين الاخ الحبيب محمد زلاقي وطاقم الإدارة الرائع..

أما مكاتب المخرجين الفنانين الرائعين الذين يمتعوننا يوميا بما يليق بالشروق، فلهم في قلبي حب خالص.. او مكتب سكرتارية التحرير حيث نقاشاتنا التي لاتنتهي في قضاي االقومية والعالمية والتقارب والتنافر في الامة وفي الشروق أحبة كثيرون من السائقين المجدين.
من بوابة الشروق إلى غرفة رئيس التحرير لا مكان إلا للاحترام والاهتمام والمحبة بكل زائر.. أليس في ذلك دليلا على أنني كنت في نعمة كبيرة..كانت روح علي فضيل تنظمها في سيمفونية رائعة.. هذه مدرسة علي فضيل التي تضج بالفرح والطموح والاخوة حيث نشر في الاسرة الشروقية السماح والرحمة وتجاوز الهنات.
ثم إن الشروق لمن يحظى بالعمل فيها نافذة على التاريخ، فهي دعوة مستمرة لإعادة الاعتبار للأمة من خلال تكريم العلماء والمجاهدين وهي جسر تواصل مع العالم، ففي أروقتها كان الزوار الكرام من مصر وفلسطين والوطن العربي والعالم كله يفيضون في إناء الشروق ببوحهم العميق.. فقامت الشروق بما يثقل على حومات ومؤسسات ضخمة الموازنة.

ثم إن الشروق ليست فقط صحيفة تقدم الخدمات الصحفية؛ إنها تتقدم في اللحظات الصعبة والخطرة للدفاع عن الأمة وتقدم بكل فرح لفلسطين والعرب والمسلمين ما يجعلها بحق ضمانة من ضمانات التواصل مع الأمة..

فكانت الشروق المؤسسة الاعلامية العربية التي ترسل ممثلا عنها في اتون الحرب على غزة وهو الاستاذ رشيد ولد بوسيافة معه عشرات الاف الدولارات يخبئها لايصالها لابناء شهداء غزة 2009.

ولئن كان توفيقا يرافق مسيرتها فهي تدفع باللحظة إلى أن تصبح إضاءة جديدة في مستقبل العرب ومجد الجزائر.

أيها الأحبة في الشروق، هل أدركتم لِمَ كل هذا الحب لكم؟ هل أدركتم شوقي لكم وأنا بينكم..انه انجاز الاخ علي..الانجاز الكبير الا تحدثكم دموعكم في المآقي كم نحن احبة واخوة وحريصين على الشروق وعلى سمعتها ورسالتها.. لا ادري ان كنت استطيع مواصلة رحلة الكتابة، لأن الدقائق التي أقضيها في كتاب مقالي أو عمودي تستدعي مني أن أدخل في زمن استشعار لحياتي بينكم في عائلة يشرف عليها الرجل صاحب الهمة والفرح والذكاء والحضور علي فضيل فأعيش لحظات فرح وانتشاء تخرجني من زمن الحسابات والمراوغات.

من حبكم واحترامكم استمد قوة كبيرة وأتحرك وأنا مسنود إلى أيامي الاخيرة فرح بما نلت منكم من حب

أحبتي في الشروق وأحبتي أيها الشروقيون الرائعون من خلالكم أفتح قلبي على جهات الجزائر كلها حبا واعتزازا وفرحا وفخرا بكم. سلمتم وسلمت الجزائر.. هل أدركتم احبتي عناوين مدرسة علي فضيل وماذا استطاع ان يفعل.. اسمحوا لي لم ابدأ بعد الحديث عن علي فضيل فهذه كلمات متقاطعة يتداخل فيها الوجع بالبكاء وبعض الذكريات بقليل التفكر.. ولكن وفاء لاخي علي ساظل اكتب عنه وله وسلام لروحه الطاهرة ورحمة من الله وبركاته.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • ايمان

    عمي صالح عوض والله ابكاني ماكتبت لك الف تحية

  • صلاح الدين الايوبي

    هل هذا الرجل هو صاحب القنبلة الذرية الجزائرية او هو ابو الصناعة الجزائرية المتطورة ام هو صاحب مشروع الطاقة الشمسية الذي يدر علي الجزائر الملايير من الدولارات
    رحم الله موتي المسلمين وخاصة من خدم الجزائر المسكينة باخلاص وتفاني ووفاء وبدون نفاق ودجل وزرع للفتنة بين شعبها

  • صالح بوقدير

    الاعتراف بالجميل من شيم الرجولة فشكرا_صالح عوض_ وصبرآل الشروق
    رحم الله الفقيد وألهم ذويه الصبر والسلوان.