-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
ديبلوماسيون وخبراء يقرأون لـ"الشروق" تداعيات الأزمة مع إسبانيا:

هذه أوراق الجزائر لمواجهة انقلاب مدريد الطارئ

عبد السلام سكية
  • 33511
  • 2
هذه أوراق الجزائر لمواجهة انقلاب مدريد الطارئ
أرشيف

يقدم ديبلوماسيون سابقون وخبراء أكاديميون قراءة واسعة ومستفيضة للأزمة المستجدة بين الجزائر واسبانيا، بعد إعلان هذه الأخيرة لدعم مقترح “الحكم الذاتي” الذي تقدمه المملكة الغربية لشرعنة احتلال الصحراء الغربية، ويقدمون الأوراق التي تمتلكها الجزائر في معالجة هذه الأزمة غير المسبوقة، بالتأكيد أن لـ”الجزائر عدة أوراق في يدها ضد اسبانيا”.

بن عطاء الله: رفض تمويل إسبانيا للمغرب بالغاز الجزائري وراء الحدث

ربط سفير الجزائر سابقا في بلجيكا وممثلها في الاتحاد الأوروبي، حليم بن عطا الله، الموقف الجديد للحكومة الاسبانية بـ”مسألة الغاز” الذي تصدره الجزائر لإسبانيا، وترفض بموجبه أن تتولى هذه الأخيرة تمويل المغرب به.

رحابي: رهان المقايضة محفوف بالمخاطر ولن يمسّ القضية الصحراوية

ويعتقد بن عطا الله الذي تولى منصب كاتب دولة لدى وزير الخارجية مكلف بالجالية الجزائرية بالخارج، أن مدريد قد رضخت هذه المرة لـ”ضغط الرباط”، بإعلان دعمها لما يسمى “واقعية الحكم الذاتي الذي تقدمه المغرب كحل لقضية الصحراء الغربية”.

واستفسرت “الشروق” من عطا الله إن كان رضوخ اسبانيا للمغرب معناه وجود “لوبي” مغربي في اسبانيا، فرد بالإيجاب، وقال “نعم هنالك لوبي مغربي في اسبانيا وأوروبا، والسياسة الخارجية المغربية، ليست سياسة دولة فقط، بل هنالك لوبيات تعمل لترجيح الكفة للموقف الرسمي”، ويتحدث عطا الله عن “تسخير السلطات المغربية لجمعيات ونواب وحتى تجار في مسعى كسب التأييد الخارجي لها”.

وعن قراءته لما بعد خطوة الخارجية استدعاء سفيرها في مدريد، يؤكد أن الحل يكون بسبيل واحد وهو العودة إلى الأساس، ويفسر كلامه بالقول “الحل في مجلس الأمن، والمجلس مشكل من دول رافضة لتطبيق حق تقرير المصير”.

ويؤكد المتحدث “المجلس لو تحرك في سبيل طريق الشرعية الدولية لكانت القضية الصحراوية قد تم حلها منذ 30 سنة”.

أما سفير الجزائر الأسبق في مدريد، عبد العزيز رحابي، فقال إن “موقف إسبانيا الأخير حول أولوية الحكم الذاتي على تقرير مصير الشعب الصحراوي، يشكل قطيعة ثلاثية الأبعاد في موقفها من القضية الصحراوية، وفي بنية علاقاتها مع شمال إفريقيا”.

وجزم رحابي، تعليقا على التطورات الحاصلة في محور الجزائر مدريد، عبر حسابه على فايسبوك، بسقوط موقف الحكومة الاسبانية من حق الصحراويين في تقرير مصيرهم، قائلا إنّ “قرار رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، بقدر مقامرة دونالد ترامب أو مؤازرة فرنسا غير المشروطة للأطروحات المغربية لن يغير شيئًا جوهريًا في الوضع في الصحراء الغربية، الذي استمر لمدة 47 عامًا وآفاقه للتوصل إلى حل يبدو غير مؤكد أكثر فأكثر، لأن مسائل إنهاء الاستعمار وتقرير المصير للشعوب هي جزء من الزمن التاريخي أكثر من الأحداث الجارية في أوروبا أو في الحسابات الجيو-استراتيجية الظرفية”.

وأكد الدبلوماسي السابق أن موقف إسبانيا إزاء القضية الصحراوية جعلها في قطيعة مع موقفها التقليدي، حيث عولت اليوم على الضمان الذي أخذته من المغرب للسيادة الكاملة لمدينتي سبتة ومليلية، وبالتالي رفع ابتزاز تدفقات الهجرة المنظمة والضائقة الإنسانية، إلى مرتبة السلاح الدبلوماسي المفضل في العلاقات بين الدول.

بالمقابل اعتبر رحابي الرهان محفوف بالمخاطر، لأنه لا يوجد كيان في العالم قادر على احتواء تدفقات الهجرة الاقتصادية في إفريقيا، مشيرا إلى أن الجزائر التي لديها 7 حدود مشتركة في إفريقيا تستقبل يوميًا ومنذ 10 سنوات أكبر عدد من المهاجرين من جنوب الصحراء مقارنة بجميع بلدان المغرب العربي وأوروبا مجتمعة لم تفكر أبدًا في تنفيذ عمليات من هذا النوع من الابتزاز بحكم أخلاقياتها وعقيدتها الدبلوماسية.

أما الأكاديمي والباحث في جامعة إشبيلية الاسبانية، محمد بشير لحسن، فردّ على سؤال يتعلق بتداعيات ومسببات انقلاب الموقف الإسباني بالقول “هذا سؤال غامض، ومليون تساؤل يُتداول في اسبانيا حول قرار بيدرو سانشيز، ولماذا تجرأ على هذا الموقف، وفي هذا التوقيت الحساس، خاصة وأن الكونغرس الأمريكي أكد رفضه الاعتراف بالسيادة المغربية المزعومة على الصحراء الغربية وذلك عندما أدرج المساعدات المقدمة للصحراء الغربية بشكل منفصل عن تلك المتعلقة بالمغرب”، كما “أن الإدارة الأمريكية بقيادة بايدن لا تتماشى والمقاربة المغربية”.

وأوضح بشير لحسن في حديث لـ”الشروق” أن الموقف الاسباني كان سرا بين رئيس الحكومة ووزير خارجيته، ولم يتم إخطار أعضاء الحكومة مسبقا، وكان يُفترض كذلك أن يتم إخفاء الرسالة التي سارع المغرب إلى الكشف عنها وبها تأييد مدريد للحكم الذاتي، لكن الذي حدث أن الأمور خرجت عن السيطرة، ورئيس الحكومة لم يحسب لما أقدم عليه، والآن يواجه ضغطا ورفضا داخليا من الحكومة والبرلمان.

وبخصوص مآلات “الخصومة” بين الجزائر ومدريد، يؤكد بشير لحسن، أن الجزائر لديها أكثر من ورقة زيادة على طول النفس، ما يجبر الإدارة الاسبانية على التراجع عما أقدمت عليه، ويرجح المتحدث إمكانية تضحية سانشيز بوزيره للخارجية كمحاولة منه لإرضاء الجزائر والداخل الاسباني، ويقول مستشهدا بوقائع قام بها سانشيز سابقا “رئيس الحكومة ليس له صديق، ومن طبعه أن يضحي حتى بأقرب أصدقائه، ويكونوا ككبش فداء كما حصل مع نائبه كارمن كالفو، كما أنه تخلص من وزير النقل، ومدير ديوانه، ووزيرته للخارجية عند تفاقم المشكلة مع الرباط”.

ومع تأكيده أن الجزائر مورد موثوق للغاز، يرجح بشير لحسن، أن تعمد إلى مراجعة أسعار الغاز التي تعتمدها لإسبانيا، خاصة وأن العقد ينتهي سنة 2030، ومقابل ذلك تعمل الجزائر على تقوية وتعزيز شراكتها مع ايطاليا وهي التي استثمرت 1.4 مليار دولار في مجال الطاقة بالجزائر، ما يجعل إيطاليا بوابة الغاز لأوروبا، في الوقت الذي يسعى سانشيز لأن تكون اسبانيا بوابة الغاز لأوروبا، لكن بفعلته الأخيرة “تلاعب بقوت أمن اسبانيا”.

أما استاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة البليدة، نسيم بلهول، فيقدم مقاربتين للموقف الاسباني، ويتحدث عن ضغط مخزني، وآخر للكيان الصهيوني، مورس على مدريد، ويربط الدور الصهيوني فيما حدث، بقيام الجزائر قطع الطريق على دولة الاحتلال في الاتحاد الإفريقي، ويشدد أن الكيان الصهيوني يعمل على الإضرار بـ”أريحية الدبلوماسية الجزائرية مع شركائها في أوروبا”.

ويؤكد بلهول على ضرورة إعادة النظر في السلوك والخطاب الدبلوماسي المعتمد حاليا، الذي هو “رهينة تقاليد دبلوماسية في ظل عالم متغير”.

ويبدي الباحث في الشؤون الأمنية والاستراتيجية بعض الملاحظات على بيان الخارجية من خطوة مدريد، وتوقف عند عبارة “تفاجأت”، وقال إن “الأصل في مهام التمثيليات الدبلوماسية جمع المعلومات ورفع التقارير بشأنها للجهات المعنية، حتى يتم إعداد المقاربات اللازمة، وعدم انتظار الأحداث حتى تقع”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • سفيان - المغرب

    و ما دخل الجزائر في الموضوع؟ أوليست الجزائر بلدا محايدا؟

  • الواقع

    ضاعت ملايير النفط دون تنمية