-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هل كُــنَّا على ضلال؟

هل كُــنَّا على ضلال؟

“هل كنا على ضلال؟”.. هذه العبارة التي بقيت راسخة في ذهن المشاهد العربي من فيلم “الرسالة”، لمصطفى العقاد، عبر مشهد حوار هند بنت عتبة مع زوجها أبي سفيان من شرفة منزلهما، خلال فتح مكة، يمكن أن تلخص حالة التخبُّط التي تعيشها سلطات المغرب، بعد إعلان إنهاء القطيعة الدبلوماسية بين السعودية وإيران.

وفي الوقت الذي كانت الرياض وطهران، تستعدان من الصين لتوقيع ورقة إنهاء قطيعة دامت سبع سنوات، لاحظ متابعون حملة مركّزة عبر وسائل إعلام مقرَّبة من القصر في المغرب وحتى عبرية، مادتها الدسمة أسطوانة قديمة جديدة، هي “التهديد الإيراني لأمن المملكة والمنطقة”.

وكان المستهدَف الأكبر بهذه الحملة هو الجزائر، من خلال الترويج لإشاعات التواجد العسكري الإيراني في المنطقة من أجل دعم جبهة البوليساريو.

ويكتشف من يتابع المقالات المنشورة والاستوديوهات التي فتحت للنقاش حول هذا “الخطر العظيم”، أن كل ما في الأمر مجرد مهرجان إعلامي تحت الطلب وصل حتى تل أبيب، ولم يقدِّم خلاله أصحابه ولو دليلا واحدا لإشباع فضول الجمهور.

لكن من يدقق في توقيته، سيكتشف أن المنظرين لهذه الحملة الإعلامية المركزة، لم يطلقوها من فراغ وإنما اختاروا لها توقيتا مهمّا، هو تصاعد حدة المواجهة الدبلوماسية بين طهران وتل أبيب ودول غربية، وهي موجة أراد حكام الرباط ركوبها كما ركبوا عام 2018 أزمة إيران مع الدول الخليجية.

وللتَّـذكير، فإنَّ أسطوانة “التواجد العسكري الإيراني في المنطقة” كانت السبب الذي قدَّمه النظام المغربي لتغليف قرار قطع علاقاته مع إيران عام 2018، لإرضاء دول خليجية، وطيلة هذه السنوات لم يقدِّم دليلا واحدا يُثبت ادِّعاءاته.

لكن المهرجان الإعلامي حول خطر إيران والذي نظَّمته وسائل إعلام القصر المغربي مدعومة بقنوات ومواقع صهيونية، توقف فجأة، بعد أن صدر بيانٌ ثلاثي بين الرياض وطهران وبكين يعلن التوصل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بين السعودية وإيران.

وهذا الاتفاق الذي وُصف بـ”الزلزال السياسي في الشرق الأوسط” وصلت هزَّاته الارتدادية إلى القصر الملكي في المغرب، إذ أن الرباط لم تعلق إلى حد الآن عليه، بشكل يعكس حجم التخبُّط الذي وقع فيه المسؤولون هناك، عقب هذا التحوُّل.

كما تجلَّت هذه الصدمة الدبلوماسية، في شروع وسائل الإعلام ذاتها التي روجت لـ”التهديد الإيراني” المزعوم، في الترويج لأطروحة جديدة، وبالونات اختبار تتحدث عن إمكانية إنهاء القطيعة مع طهران!

وكان انخراط نظام الرباط في أطروحات تل أبيب والترويج لها، محلّ سخط حتى من حليفه السابق في الحكم حزب العدالة والتنمية الإسلامي، الذي وصف وزير الخارجية ناصر بوريطة بـ”الناطق باسم إسرائيل”، بشكل أثار حفيظة القصر.

وتعدّ هذه المرة الثانية التي يحاول فيها القصر المغربي ركوب موجة أحداث دولية، من أجل تحقيق مكاسب دبلوماسية في القضية الصحراوية، وكذا ضد الجزائر، لكن النتائج كانت عكس توقعاته.

وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001 بأمريكا، والتي كانت وراء إطلاق واشنطن ما سمَّتها “حملة دولية لمكافحة الإرهاب”، تلقفت سلطات الرباط الموجة وحاولت ركوبها من خلال الترويج لعلاقة جبهة البوليساريو مع جماعات إرهابية ناشطة في الساحل الإفريقي بالدرجة الأولى.

وظل القصر ووسائل إعلامه يلوكون هذه “الأغنية” لسنوات وإلى غاية اليوم، لكن لم يجدوا زبونا لبضاعتهم، وآخر هذه التصريحات الرافضة لها، كانت من جوزيب بوريل وزير خارجية الاتحاد الأوروبي الذي أكد أنه لا وجود لدليل واحد على ذلك.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!