الرأي

هل نبكي على مستقبل العالم؟

أزمة أو تغيير.. عبارتان فقدتا كل الفوارق بينهما، فأصبحتا “كلمة واحدة” تردد حسب الأعراف السياسية أو الاقتصادية الجديدة..

إنها الحاجة إلى التغيير، فالأزمة التي أخذت شكل مرض اقتصادي واجتاحت العالم أجمع امتدت بمخاطرها إلى الإنسان والتاريخ والأديان والعلوم، وظلت سببا جوهريا لأمراض العقل والنفس.. وقد خنقت الأرض وأغلق الكون كل منافذ التنفس فيه.. إن الأزمة التي تنذر بخطر محدق، تدعو من ينقلب على قوانين تماسكها ويجعلها مرضا قابلا للتشخيص والتحليل، ووضع العلاج اللازم له والاعتناء به كما الاعتناء بمرض “الإيدز/السيدا” الذي تحاصره نواقيس الخطر العالمية.

لكن المتنفذين في حقول الاقتصاد العالمي ومراكز القرار السياسي في العالم يتجاهلون ضرورة التشخيص والمعالجة، وهم يتبعون أسلوب التناقض في اعتماد الصواب شكلا والخطأ مضمونا، في علاج مرض مستعص على عقول لا تعرف غير منطق الهيمنة والاحتكار!

“المرض العالمي” حقيقة واقعة إذن.. يجتاح الإنسانية في مكامن عقلها ويرى الاقتصاديون أربع حالات لمعالجتها في الخطأ والصواب.. الحالات هي:

1ـ أسلوب الترقيع والإصلاح المحدود

2ـ أسلوب اعتماد التوقعات والاحتمالات

3ـ أسلوبي التكاتف الجماعي العفوي

4ـ الأسلوب العلمي

والحالة المعقدة.. هي أسلوب “التكنوقراط” الذي يجمع في دائرته “الفنيون والخبراء” الذين يتخذون الإجراء بعد الدراسة والتجربة والتحليل والأخذ بكل المتغيرات المؤثرة في الاقتصاد بعين الاعتبار.. قبل صياغة القرار القابل للتطبيق.. ورغم ذلك فالفشل في الانتظار..!

أفليس الأولى.. نصب مآدب البكاء على عالم متهالك، وصل إلى حافة الهاوية ولا أمل في إنقاذه.. إذ مازال بالإمكان إعادة المراجعة الأشمل والأعمق لأسس العلاقات الإنسانية التي تحكم الأرض.. فالأفكار والمبادئ ونظريات العلوم الراهنة أثبتت فشلها في علاج “المرض العالمي” الشكل المميز للنظام العالمي الجديد.

والدول النامية في ظل هذا الوضع استمرت في الإبقاء على سياسة “ذات وجهين” في تعاملاتها السياسية والاقتصادية مع الدول المتقدمة، تعني القبول بموقع التابع الملتزم بسياسة تبعية كما تعني القبول بالوضع غير المتكافئ مع هذه الدول.. والمعروف أن معظم الدول النامية أعجز من أن تحرر ذاتها من سيطرة القوى الكبرى.

لكن سياسات التنمية الخاصة بالاعتماد على ما تملكه الدول النامية من متطلبات النمو وتعزيز التعاون والتكامل الاقتصادي فيما بينها على أساس قاعدة من التنسيق قد يحقق هدف الحد من تبعيتها التقليدية للدول المتقدمة، وبما يصعد من قدرتها في مجابهة أية ضغوط اقتصادية وسياسية.. ويجعلها عبر الموقف الجماعي المتكامل في نقل التكنولوجيا والتحكم بها تعزز وضعها الاقتصادي بأضعاف قوة السوق الاحتكارية المتحكمة بنظم المال والتحويل.. والخروج من مخاطر أزمة الاقتصاد العالمي.

 ووصفة بسيطة للعلاج.. على طريق إنقاذ الإنسانية هي: نظام عالمي أكثر عدلا .. لا غير، يحرر العقل الاحتكاري من مساوئه ويعيد للحلم الإنساني وهجه، فالعلة لم تكن عضوية، أوعصابية، ولو كان “سيجموند فرويد” حيا لاستخرج جرثومتها المترسبة في العقل الإنساني الباطن، وفتح بالقضاء عليها نافذة الكون الذي يتسع للبشرية جمعاء.

مقالات ذات صلة