همّ يضحك وهمّ يبّكي !

قادة بن عمار

الأخبار التي تتناقلها يوميا وكالات الأنباء عن العالم العربي من محيطه إلى خليجه فيها كثير مما نسمّيه المضحك المبكي والذي ينفع لنشره في مجلدات دون أن تستطيع له احتمالا، كما يمكننا روايته سنينا طوال دون الخشية من نفاذه أو انتهائه، طالما استمرت مبرراته قائمة وبقي صانعوه يعيشون بيننا و”فوقنا”.. !يخطئ البعض أن مآسي هذا العالم العربي تقتصر على أحزانه فقط، وإنما تمتد أيضا إلى أفراحه الوهمية والتي يصنعها جهاز الوهم الأزلي، وهو التلفزيون الذي توّسع وتمدّد طولا وعرضا إلى الحدّ الذي أصبح فيه لكل مواطن عربي قناته الخاصة وفضائيته التي يحلّق من خلالها بعيدا عن الواقع المؤلم، فنجده يمارس ديمقراطيته وحريته في التعبير من خلال الصراخ في برنامج حواري هادئ ، أو يمارس نزواته من خلال الفيديو كليب العاري الذي يشاهده صباح مساء، وفي أكثر من قناة !
المضحك المبكي في العالم العربي أن كل ذلك يقع ولبنان الذي افتخرنا سنينا طوال بديمقراطيته وحسدنا شعبه على نسمات الهواء العليل من الحرية وفي قول “لا” بقوة وفي وضح النهار )بينما كنا نحن نبلعها ساكتين(، نراه اليوم عاجزا عن اختيار رئيسه، والمؤسف أن الذي سيختاره في النهاية هو وزير خارجية فرنسا كوشنير، وكأن العالم العربي برمته ليس فيه مسؤول واحد يقنع اللبنانيين برجل توافقي بعدما فشلوا هم في العثور عليه…لبنان كله، بديمقراطيته ومقاومته، بسنته وشيعته ومسيحييه فشل في العثور على رئيس، لبنان الذي انتصر على إسرائيل، هزمته الديمقراطية في الأول وفي الأخير !
المضحك المبكي أيضا أن جيراننا في المغرب يقاومون احتلال مدينتين اغتصبتهما اسبانيا بدون وجه حق، لكنهم يمارسون احتلال شعب بأكمله برفضهم حقّه في تقرير المصير، وفي تونس، يمنح النظام البوليسي وسام الاستحقاق الوطني لشاعر فلسطيني في مقام محمود درويش في الوقت الذي يقبع فيه عشرات الشعراء والكتاب التوانسة في السجن لنفس السبب الذي يكرّم عليه درويش وهو الدفاع عن الحرية !
المضحك المبكي فيما نقلته وكالات الأنباء هذه الأيام من البحرين، حين قامت هذه الإمارة التي تحولت إلى مملكة، بطرد الشيخ وجدي غنيم من أراضيها شرّ طردة وأسوء من تلك التي تعرض لها عند الأمريكان، فقط لأنه قيل أنه شتم الكويت، وهو ما يصعب الاقتناع به من دولة يستضيف ملكها مغتصب الأطفال وزعيم العري والشذوذ مايكل جاكسون والذي شتم المسلمين كلهم يوما وليس أمير الكويت وحده…
ليتأكد للجميع مع هذه الأحداث وغيرها كثير، أنّ العالم العربي فعلا خليط من المتناقضات، وفيه دوما “هم يضحك وهمّ يبكي” !