-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هناك شرفاء.. في سونطراك

هناك شرفاء.. في سونطراك

وصلني لَومٌ من أحد عمال سونطراك الذين كثيرا ما تفرض عليهم قوانين العمل أن لا يعيشوا حياة طبيعية يومية مع أبنائهم وعائلاتهم، فهم في غالب الأمر لا يعودون إلى منازلهم إلا بعد غياب فترات يحددها العقد الذي على أساسه يشتغلون، وأثناء غيابهم، وهم بعيدون عن الأهل، يولد أبناء ويتوفى الله أحبة وأقارب، وتعيش أسرهم أفراحا وأتراحا لا يكون لهم نصيب فيها.

يقول هذا اللوم: نحن أيضا نضحي من أجل الآخرين، نحن أيضا نَشقى لنضمن لقمة عيش الآخرين، نحن أيضا نحرم من المواسم والأعياد، ولا نفيق إلا وأبناؤنا قد كبروا… لماذا لا يتذكرنا من يعيش حياة هنيئة في بيته مع أبنائه وأحفاده، أصدقائه وخلاّنه؟ لماذا لا يتذكرنا من يعود كل يوم إلى أسرته يرى أبناءه أمام عينيه يكبرون، لماذا لا يعترف لنا بالجميل، ونحن نكابد ونعاني في عمق صحراء قاحلة ليس من اليسير العيش فيها؟؟

أقول لأخي الكريم: من حق أي جزائري يشعر بأنه يبذل جهدا لأجل الآخرين أن يطلب منهم كحد أدنى الاعتراف له بهذا الجهد، ومن حق أي جزائري يشعر بأن في عمله تضحية من أجل الآخرين، أن يطلب من هؤلاء الاعتراف له بالفضل.

بل إني أقول بأن هذه هي الروح التي ينبغي أن تسود بيننا جميعا، أن يشعر كل منا أنه يضحي من أجل الآخر لينعم بحياة رغدة، وأن كلا منا لا ينتظر من الآخر جزاء أو شكورا، إنما فقط اعترافا ورد جميل له أو لأبنائه أو لأبناء الآخرين من الموقع الذي هو فيه، بتضحية أخرى معلما أو طبيبا أو مهندسا أو فلاحا أو مسيرا أو مديرا، كان…

 

ولعلها الروح التي بدأنا نفقدها منذ أن كانت في قمة عطائها أثناء ثورتنا التحريرية عندما كان الرجال وكانت النساء يضحين بأسرهن وأبنائهن من أجل أن يعيش الآخرون أحرارا أعزةً غير مستعبدين… ولعلنا اليوم في حاجة إلى أن نعمل على سقيها لتنبت من جديد، وقد تبين أن بذرتها ما زالت حية، في روح هذا الرجل أو تلك المرأة المضحية في عمق الصحراء أو قمم الجبال، أو في أي شبر من أرضنا الطاهرة، ولعل ردك أيها الأخ العزيز، وشعورك بأنك تضحي من أجل الآخرين وأنت مرابط في عملك، وطلبك المشروع بأن يعترف لك الناس بهذه التضحية، بأن يحسوا بك، خير دليل على أن عمقنا ما زال صافيا، ولو أن هناك من عمل ويعمل على تزييفه وتشويهه حتى أصبح الحديث عن سونطراك كالحديث عن مغارة علي بابا لا يدخلها الناس إلا ليختلسوا، ينهبوا، ويفروا، خلافا لما ترى أنت ويرى أمثالك من العمال والمسيرين الشرفاء…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • اسحاق

    لا يوجد شريف فى الجزائر الا فى حالة واحدة و هى تحكم الضمير المهنى فى اخلاقيات اى موظف او اى عامل الى جانب عامل التربية و السلوك السوى هى كلها تنبا بوجود بوجود شرفاء على ارض الجزائر.

  • عبدالقادر

    في كل المؤسسات الجزائرية يوجد شرفاء يادكنور والا تحطم كل شيء على رؤوسنا حتى من القبورم و لا شيء فينا مستور و هكذا تبقي عوارتنا مكشوفة امام العالم. لكن العيب ياسيدي في حب النفس و و الانانية و السكوت عن المفاسد من اجل مصلحةالخاصة قبل مصلحة الجميع وهي الصفة التي يتمتع بها اغلب من لايفسدون في مؤسات الجزائرية كلها ومن دون استثناء.فلو كان مثلا كل الموظفين متحدون ضد المفاسد وفضحها في حينها وعدم العمل خارج القانون والامتثال للضمير و القانون قبل المسؤول لما تجرأ مسؤول قط من اللعب بمصالح الشعب و الوطن