-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

وحدة ساحات المعركة تُغيِّر اتجاه الصراع في الشرق الأوسط

وحدة ساحات المعركة تُغيِّر اتجاه الصراع في الشرق الأوسط

يمكن القول أن سَهم اتجاه الصراع في الشرق الأوسط قد غَيَّر اتجاهه بكل المقاييس يوم 7 أكتوبر الماضي. منذ نشأة الكيان الصهيوني، لم تتم المبادرة بمواجهته داخل الأراضي الفلسطينية سوى هذه المرة.

حتى حرب 6 أكتوبر التي كانت فيها المبادرة للجيش المصري لم تكن داخل الأراضي الفلسطينية، بل كانت ضمن الأراضي المصرية المحتلة من قبل الكيان، وكذلك الشأن بالنسبة للمبادرة السورية في الجولان.. وفي آخر المطاف، استعاد الطرف الصهيوني زمام الأمور وغَيَّر نتائج الحرب لصالحه، في أول اعتراف بوجوده من قبل مصر سنة 1977، الذي دشَّن البداية الرسمية للتطبيع…ومنذ ذاك التاريخ، واتجاه السهم تصاعدي بالنسبة للكيان والدُّوَل المحيطة به.. في سنة 1993 أُبرمت اتفاقيات “أوسلو” مع منظمة التحرير الفلسطينية والكيان، وفي سنة 1994 اتفاقيات وادي عربة مع الأردن التي أدت إلى تطبيع رسمي، واستمرت حركة هذا الخط من غير أي تقدّم مع وجود بعض الانكسارات أحيانا ومحاولات اختراق بعض الدول العربية، إلا أن الدبلوماسية السرية والهزة التي أحدثها “الربيع العربي”، كان من بين مخرجاتها انتعاش هذا الخط عبر ما عُرف باتفاقيات “إبراهام” وصفقة القرن حول فلسطين. واعتُبِر ذلك انتصارا إستراتيجيا للكيان وقد التحقت بركب المطبِّعين دول جديدة دفعة واحدة من المنطقة العربية: الإمارات والبحرين والمملكة المغربية، والسودان في حدود معينة، وكانت المملكة العربية السعودية رمز وحدة الأمة الإسلامية وأقوى اقتصاد عربي، في الطريق إلى نفس الغاية: الانضمام إلى اتفاقيات “إبراهام”، وأن ذلك سيُعزِّز اتجاه هذا الخط ويجعل السهم يتجاوز نقطة خط الرجعة…
في هذه اللحظة بالذات، انفجر “طوفان الأقصى”.. فغَمَر كل شيء وغطى كل شيء، وأربك جميع الحسابات.. لذلك أصبح الانتصار على قيادة الطوفان مسألة حياة أو موت بالنسبة لخط التطبيع وخط إدراج المنطقة كلية ضمن المشروع الأمريكي الغربي الصهيوني.. ولهذا السبب، كانت الهجمة شديدة ومازالت على غزة، ولهذا السبب، ينبغي أن يكون الصمود أقوى.. ولذلك وجب القول أن غزة اليوم إنما تُضحي من أجل كسر مخططات العدو الصهيوني وحتى لا يتم وأد القضية الفلسطينية إلى الأبد، وبرغم ضراوة المعركة التي تخوضها، وبرغم التضحيات الجسام التي يتحمّلها سكانها لوحدهم واستشهاد وإصابة عشرات الآلاف منهم، فإنها صامدة محتسبة واثقة من كونها شكّلت بالفعل نقطة تحول في مصير هذا الصراع التاريخي وفي مصير وحدة ساحات المقاومة..
لأول مرة تتسع ساحات المعركة في آن واحد وتتوحّد باختلاف ظروفها وأوضاعها.. إضافة إلى ساحة معركة “طوفان الأقصى” الكبرى، التي سجلت في رصيدها شهداء ومُصابين بالآلاف وعرفت معارك من كل صنف، هناك ساحة الضفة الغربية التي لم تتوقف المواجهات بها يوما وارتقى فيها عشرات الشهداء وسجلت مئات المصابين والمعتقلين، وهناك ساحة شمال فلسطين وجنوب لبنان التي يقوم عليها “حزب الله” و”كتائب القسام” و”سرايا القدس” الفلسطينية، وقد ارتقى فيها إلى اليوم عشرات الشهداء ومئات الجرحى، وتكبّدت فيها قوات العدو خسائر معتبرة في الأرواح والعتاد وتم إفراغ 43 مستوطنة من سكانها، وهناك في الجهة الأخرى شرقا كتائب “حزب الله” في العراق و”الحشد الشعبي” اللذان فتحا ساحة معركة ثالثة في شمال العراق وهاجمت القوات الأمريكية هناك بالصواريخ، وجنوبا هاجمت قوات الجيش اليمني الكيان بالصواريخ حتى وإن لم تصبه في المرحلة الأولى، ناهيك عن تهديدها المستمر لمدخل باب المندب واضطرار القوات الأمريكية للاستمرار في مراقبته..
والأهم من هذا الاتساع، هو أنه تعمَّد عدم الإفصاح عن أهدفه وتَبَنى عقيدة الغموض الإستراتيجي التي تترك كل الاحتمالات مطروحة وتترك إمكانية التأثير في مجرى الأحداث الوقت الذي تريد، مما يعني تحقيق الغاية الإستراتيجية المتمثلة في منع خط الصراع في المنطقة من أن يعود إلى الاتجاه الأمريكي الصهيوني، وهو ما سيتحقق في المرحلة المقبلة، بإذن الله…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!