-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
السائق في الحجز تحت النظر بالمسيلة

“الشروق” تنقل تفاصيل مأساة وفاة 9 ركّاب بانقلاب حافلة

أحمد قرطي
  • 2767
  • 0
“الشروق” تنقل تفاصيل مأساة وفاة 9 ركّاب بانقلاب حافلة
ح.م

ووريت الخميس، جثامين ضحايا حادثي المرور بالمسيلة، في أجواء جنائزية مهيبة بكل من بوسعادة، سيدي عامر، الهامل وعين الحجل، وشيع خلالها الآلاف من المواطنين رفقة السلطات الولائية جنائز 12 شخصا من مختلف الفئات العمرية، لقوا حتفهم إثر حادثين متفرقين مساء الأربعاء، الذي عاش خلاله الكل لحظات صعبة من هول الفاجعة التي ألمت بسكان الولاية رقم 28 وكل أرجاء الوطن بالنظر إلى عدد المتوفين والمصابين الذين تجاوزوا الأربعين شخصا من الجنسين، غادر نصفهم المستشفى بعد انتهاء العلاج في الوقت الذي لا يزال النصف الآخر يخضعون للعلاج وحالتهم الصحية مستقرة.

بالعودة إلى تفاصيل الحادثين الأليمين، وحسب ما أفاد به المكلف بالإعلام لدى الحماية المدنية الملازم الأول بلال نعيجي، فقد تمثل الحادث الأول في انحراف وانقلاب حافلة لنقل المسافرين، تشتغل على الخط الرابط بين المسيلة وبوسعادة، وذلك في حدود الساعة الرابعة مساءً إلا ربع بمنطقة واد بن زاهية بإقليم بلدية الشلال، في الطريق الوطني رقم 45، سجل على إثره وفاة 8 أشخاص غالبيتهم طلبة جامعيون وإصابة 41 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة، تم إسعافهم في عين المكان وتحويلهم نحو مستشفى الزهراوي لاستكمال العلاج اللازم، وفارق هناك أحد المصابين الحياة ليرتفع بذلك عدد المتوفين إلى 9 ركاب من ضمنهم 7 طلبة من جامعة محمد بوضياف، ينحدرون من بوسعادة، سيدي عامر والهامل، وموظفون على مستوى مديرية النشاط الاجتماعي وفرع البناء والتعمير ببوسعادة.

وفي الوقت الذي، لا تزال فيه الجهود متواصلة لنقل وإسعاف جرحى الحادث الأول، وصفارات سيارات الإسعافات تدوي في سماء الولاية، لقي 3 أشخاص آخرين حتفهم إثر حادث دهس بواسطة القطار الرابط بين تيسمسيلت والمسيلة، بعد أزيد من ساعة من وقوع الحادث الأول، وذلك في منطقة أولاد علي التابعة إداريا لبلدية عين الحجل شرق الولاية، ويتعلق الأمر بجد رفقة حفيديه، وذلك أثناء القيام برحلة التجارب تحسبا لتشغيل الخط المذكور، حيث تفاجأ الجد طيبي عيسى حسب ما أكده مواطنون في حديث مع الشروق، بقدوم القطار، في تلك الأثناء التي كان حفيداه يلعبان على مستوى الممر، أين حاول إنقاذهما، إلا أنه فشل في ذلك، ليموت الثلاثة بعين المكان.

استنفار بمستشفى الزهراوي وسط تضامن واسع

ومع مرور الوقت، وتواتر المعلومات، استنفرت كل المصالح الأمنية المختصة كل الإمكانيات المادية والبشرية المتاحة، وشهد مستشفى الزهراوي بعاصمة الولاية، حالة استنفار قصوى، للتكفل بالمصابين وتقديم الإسعافات الأولية الضرورية، مع إجراء الفحوصات الطبية على مستوى الهيكل الاستشفائي المذكور، كما تم نقل البعض إلى عيادة الدكتور شاكر بلقاسم التي تكفلت بالكثير من المصابين مجانا، وعرضت كل الخدمات، في سلوك تضامني، لا يختلف عما قام به المئات من المواطنين والجمعيات، الذين تنقلوا جماعات وفرادى إلى مصلحة نقل الدم للتبرع بالدم، إلى غاية حصول تشبع في كل الزمرات المطلوبة، ولم يغادروا المستشفى إلى ساعة متأخرة من الليل، كما أعلنت العديد من العائلات عن فتح منازلها وتوفير كل المتطلبات لعائلات المتوفين والمصابين القادمين من بوسعادة من أكل وشرب، في سلوك تضامني لقي إشادة واسعة.

“السائق كان منفعلا ومفرطا في السرعة”

وبخصوص التحقيقات الأولية لحادث الحافلة، فقد أكد الرائد بغدادي بن حواش، رئيس خلية الإعلام لدى المجموعة الإقليمية للدرك الوطني، بأن التحقيقات الأولية والتي قام بها أفراد الفرقة الإقليمية للدرك الوطني بالشلال، بينت أن سرعة الحافلة كانت تقدر بـ115 كيلومتر في الساعة، في الوقت الذي تكون فيه محددة على مستوى هذا الشطر بـ80 كلم فقط رغم أن الشطر الذي وقع فيه الحادث يعد طريقا مزدوجا، وذلك عن طريق استغلال الوسائل التقنية الحديثة، مضيفا بأن السرعة المفرطة، تعد المتسبب الرئيسي في هذه المجزرة المرورية المروعة، فضلا عن التجاوز دون القدرة على ذلك.

في الوقت الذي أكد فيه ناجون وشهود كانوا على متن الحافلة، أن السائق كانت تبدو عليه علامات النرفزة والغضب وكان حسب شهادات الركاب يسير بسرعة مفرطة، وقبيل لحظات وقوع الكارثة، حاول تجاوز إحدى المركبات السياحية من نوع “رونو ميقان” التي كانت تسير أمامه، في الجهة اليمنى لها، وبالنظر إلى صعوبة الأمر حاول العودة وعدم التجاوز، إلا أنه فقد السيطرة على الحافلة التي انحرفت وانقلبت على الجدار الإسمنتي الذي يفصل جانبي الطريق.

وفي الإطار ذاته، علمت الشروق، بأن سائق الحافلة، بعدما تم إسعافه على مستوى مصلحة الاستعجالات الطبية والجراحية بمستشفى الزهراوي، تم تحويله من قبل مصالح الدرك الوطني، ووضعه في الحجز تحت النظر، للاستماع إلى أقواله وإفاداته في إطار التحقيق المفتوح تحت إشراف وكيل الجمهورية لدى محكمة المسيلة، وسيتم إحالته على الجهات القضائية المذكورة أعلاه، بعد استكمال كل الإجراءات القانونية اللازمة.

مسافرون قُذفوا خارج الحافلة

فيما أكد أحد الشباب الذين نجوا بأعجوبة وتعرض لكدمات وإصابات بسيطة، بأنه في تلك اللحظات كان في المقاعد الأمامية للحافلة، وفي ظرف ثوان معدودة، انحرفت الحافلة ثم ارتطمت بقوة في الحاجز الإسمنتي، إلى أن وجد نفسه رفقة البعض من الركاب، خارج الحافلة، وبالضبط من جهة الزجاج الأمامي، ثم سرعان ما انخرط في محاولة إسعاف والجرحى وسط الركام.

من جهتها، سلطات الولاية، تنقلت فور وقوع الحادثين إلى مستشفى الزهراوي وعين الحجل، بحضور أعضاء اللجنة الولائية للأمن، ليشاركوا في صلاة الجنازة على المتوفين في كل من عين الحجل، بوسعادة، سيدي عامر والهامل، مع التنقل إلى عائلاتهم لتقديم التعازي والمواساة نيابة عن السلطات العليا وسكان وإطارات الولاية، جراء هذه الفاجعة التي حلت بالمنطقة.

وقف تجارب القطار

من جانبه، والي المسيلة عبد القادر جلاوي، وفي تصريح له بعد تفقده حالة المصابين المتواجدين داخل مستشفى الزهراوي لتلقي الإسعافات الضرورية، أكد في تصريح له للصحافة على أن التحقيقات التي باشرتها مصالح الدرك الوطني المختصة إقليميا، تحت إشراف ومتابعة من النائب العام لدى مجلس قضاء المسيلة، ستكشف عن المتسببين في الحادثين، وأنه لا يوجد أي تسامح و”لي غلط يخلص”، كما أمر مسؤولي قطاع الصحة، بضرورة التكفل الأمثل بالمصابين ومتابعة وضعيتهم الصحية والنفسية.

وفي السياق ذاته، أمر والي الولاية، بوقف تجارب خط السكة الحديدية بين تيسمسيلت والمسيلة، إلى غاية إيفاد لجنة تحقيق في حادث القطار، ومحاسبة المتورطين، كما استمع إلى انشغالات ومطالب سكان منطقة أولاد علي في عين الحجل، بخصوص خط السكة الحديدية، من خلال الدعوة إلى إنشاء ممر سفلي وسياج حديدي لتفادي وقوع حوادث مماثلة.

وزراء يقدمون التعازي

كما قدم عدد من الوزراء في الحكومة، التعازي إلى عائلات الضحايا، على غرار الدكتور يوسف بلمهدي وزير الشؤون الدينية والأوقاف، وكذا عبد الحق سايحي وزير الصحة، إضافة إلى كمال بداري وزير التعليم العالي والبحث العلمي الذي أوفد المدير العام للخدمات الجامعية لتقديم التعازي والمواساة إلى عائلات الطلبة. من جهتهم، لم يتأخر نواب في البرلمان في التنقل وتقديم رسائل التعازي والمواساة رفقة منتخبين محليين في مختلف المجالس.

بوسعادة تخلع ثوب السعادة وتتوشح السواد

ومنذ الأربعاء الماضي، خلعت مدينة بوسعادة، ثوب السعادة، وتوشحت بالسواد وعم الحزن والأسى أرجاء المنطقة، خاصة أنها فقدت 7 من أبنائها من بينهم 5 طلبة، كانوا عائدين إلى عائلاتهم وذويهم بعد نهاية أسبوع من الدراسة، إلا أن الأجل كان أقرب، وعادوا إلى أهلهم الذين كانوا في انتظارهم، على نعوش، كما عاشت المدينة أجواءً من الحزن الذي بدا على ملامح المواطنين، الذين كانوا يتنقلون فرادى وجماعات من حي إلى آخر لتقديم التعازي والمواساة في هذا المصاب الجلل، وبذلك تحولت المدينة كأنها تشهد جنازة واحدة، من خلال نصب الخيم وفتح المنازل لاستقبال السلطات والضيوف وجحافل المعزين الذين قدموا من كل جهات الولاية ومن خارجها، بحكم ترابط العلاقات الأسرية والمصاهرة، وبدت المدينة غير قادرة على استيعاب الكم الهائل من المركبات والمواطنين، في الكثير من الأحياء، خاصة العوينات، 24 فيفري، السطيح، الدشرة الڨبلية وحي المجاهدين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!