-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

يأسٌ في الصحة.. مَن يعالجه؟

يأسٌ في الصحة.. مَن يعالجه؟

ضعفُ الاعتمادات المالية للمستشفيات مشكلة كبيرة تؤرق الأطباء وإدارات هذه المستشفيات، وتنعكس سلبا على المرضى في جميع التخصصات، أصبح من المألوف هذه الأيام أن لا يُقبَل مريضٌ داخل مستشفى للخضوع لجراحةٍ على المفاصل أو القلب والشرايين أو غيرها من الحالات الخطيرة بحجة غياب الوسائل اللازمة للقيام بمثل هذه العمليات، رؤساء مصالح في مستشفيات كبرى، وقفتُ على حقيقتها بنفسي، مازالوا ينتظرون لشهور توفير الوسائل اللازمة للقيام بعملهم دون جدوى، وطوابير المرضى تزداد كل يوم، مما تسبَّب في بروز حالات مأساوية لا يمكن أن تحدث سوى في بلد فقير متخلف من العالم الرابع، ولا حول ولا قوة له.
وأكثر ما يزيد الوضع مأساوية أن أغلب مسؤولي هذا البلد، وكلُّ مَن لديه علاقة سُلطَوية مُتميِّزة، جميعهم إنما يعالَجون في المستشفيات الأجنبية وأول وجهتهم بطبيعة الحال هي باريس ومستشفيات المدن الفرنسية الأخرى، يأتي بعدهم الأثرياء من غير المسؤولين الذين تصلهم الطائرات الخاصة، حيثما وُجدوا من التراب الوطني وفي ظرف قياسي لتنقلهم، حيث أرادوا العلاج (فرنسا، إسبانيا، إيطاليا…)، فقد أمَّنوا أنفسهم لمثل هذه الحالات ولديهم من الأموال ما يكفي لتغطية تكاليف العلاج، ثم يأتي في مرتبة ثالثة المواطنون الذين لديهم بعض الإمكانيات الخاصة، حيث يجمعون كل ما لديهم من أموال ويزيدون عليها ما استطاعوا اقتراضه، ليتوجهوا إلى تونس أو تركيا أو الأردن، حيث يجدون التكفل الأفضل والعلاج اللازم، وتبقى الأغلبية الساحقة من المواطنين ضحية غياب الاعتمادات المالية للمستشفيات وضعف الوسائل، رغم توفر الطواقم الطبية والكفاءات اللازمة التي تبقى مشلولة، غير قادرة على مواجهة متطلبات المرضى، ولا على إقناعهم بحقيقة الواقع الذي يعيشونه.
مثل هذه الوضعية لا يمكنها بأي حال أن تبثَّ الاطمئنان في النفوس وتزرع الأمل في القلوب، رغم كل المحاولات التي يقوم بها الكثير من الأطباء والمسؤولين المحليين منعا لمزيد من التدهور، وعلينا أن ندق ناقوس الخطر بشأن هذه الحال، وأن نتوقف عن إيهام أنفسنا بأن لدينا منظومة صحية مثل الدول التي هي في مستوانا أو أقل، ناهيك عن الدول المتقدمة، بل علينا أن نُعيد النظر في خيارنا الاستراتيجي بشأن الصحة العمومية، وأن نكف عن مخادعة أنفسنا بمجانية العلاج التي أُعطيت معان شعبوية لا علاقة لها بالمجانية الحقيقية ولا العادلة الاجتماعية.
إننا بحق في أوضاع صحية مأساوية، دون مبالغة ولا تهويل، وعلينا تدارك الأمر في القريب العاجل مهما كانت الظروف المالية صعبة، ذلك أن المرض هو النقيض للحياة، ولا يمكن لمريض أن يعمل أو يدرس أو يعيش حياة طبيعية مهما وفَّرنا له من إمكانات، وسيزداد مرضا على مرض عندما يعلم كل يوم أن طائرة حطت وأخرى أقلعت لتنقل مسؤولين أو محظوظين إلى حيث العناية والإمكانات والطبّ غير المجاني، وهو ينتظر في طابور طب غير موجود قيل له إنه مجاني، ونحن ننتظر منه عبثا أن لا يكون يائسا وأن تزداد لديه مساحة الأمل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • مجبر على التعليق - للامانة منقول

    لا يحتاج الأمر لخبرة في الاقتصاد ليعلم أن (موت) قطاع الصحة ليس راجعاً لنقص الاعتمادات المالية و إنما أحطر مشاكل قطاع الصحة أن ((الطبيب في الجزائر يكره المريض)) فهناك مشلكة ((غياب الضمير و الإنسانية)) و أنا أعمل منذ 15 سنة في مستشفى و أدري جيداً ما أقول.

    و ازيد عليه أستاذنا بداها باللوم على الدولة و ترك الموظفين الذين عاثوا في المستشفيات فسادا رشوة عيني عينك ....... و الله انا قاعد عند واحد فالبيرو و التلفون سونا عندو قالو ارواح دير سكاير تاع باطل ........ آ الرب العالي
    قالولك يا دزاير ما درتي فينا و هما اللي دارو فيك
    اش راكي حاملة يا الحنونة دزاير

  • طبيب

    لا الطبيب لا يكره المريض بل اصبح يكره عمله لانه يفحص اكثر من70 و 100 مريض في اليوم ويعود الى بيته منهكا تعبان و هو يعلم ان الماصو او الخضار التالى يتقاضى ضعف اجرته.اقولها صراحة مجانية العلاج هي التي اوصلتنا الى هذا،مجانية العلاج تخلى المريض و غير المريض ياتي للاستعجالات و المستوصفات، مجانية العلاج هي سبب تبذير 60% من ميزانية الصحة،اصبح الناس يطلبون الاشعة و التحاليل الطبية و السيروم من تلقاء انفسهم من دون الحاجة اليها.خير مثال على هذا الخبز الذي يساوي 10 دج و يرمى في المزابل.هل يرمى الخبز لو كان سعره 50دج ?وهل رئيتم الموز يرمي في المزابل.?

  • الناقد

    لا يحتاج الأمر لخبرة في الاقتصاد ليعلم أن (موت) قطاع الصحة ليس راجعاً لنقص الاعتمادات المالية و إنما أحطر مشاكل قطاع الصحة أن ((الطبيب في الجزائر يكره المريض)) فهناك مشلكة ((غياب الضمير و الإنسانية)) و أنا أعمل منذ 15 سنة في مستشفى و أدري جيداً ما أقول.

  • Mohamed-tlm

    La mosquée et la prosternation et un peu de jeûn et des aumônes de temps à l'autre .. Bcp de sourire de bon voisinage de céder aux besoins des petits enfants et de respect pour les vieux .. Amour absolu aux parents avec une bonne conduite .. Satisfaire les épouses et donner leur droit .. Gagner de l'argent pour dépenser sur vos conjoints par une voie légale .....etc .. Et c'est l'indication la plus préventive pour éviter les hôpitaux de garder une bonne santé et de dégager tout risque d'entrée dans la paranoïa des lieux de santé