-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

37 جريمة قتل ضد النساء في الجزائر عام 2022

سمية سعادة
  • 2012
  • 0
37 جريمة قتل ضد النساء في الجزائر عام 2022
ح.م
صورة تعبيرية

ظاهر جرائم قتل النساء في الجزائر..  أسماء كثيرة، وأعمار مختلفة، وظروف متباينة، ولكن القاسم المشترك في هذه الجرائم هي كلمة” أنثى”، والقاتل هو أب أو أخ أو زوج أو خطيب أو طليق أو جار أو شخص من بعيد.

تلك هي القضية التي بدأت تلفت إليها أنظار المجتمع الجزائري، الذي بات يلتقط أخبار القتل في حق النساء، من وسائل التواصل الاجتماعي التي تضفي عليها بهاراتها، وتمزجها بالإشاعات وتقدمها للمستخدمين مشوهة وغير واضحة، لتقوم وسائل الإعلام بالتحقيق والتدقيق ونقل الخبر من مكان الجريمة وساحة المحاكمة.

ورغم أن القانونيين والاخصائيين في علم الاجتماع وعلم النفسأ استطاعوا أن يشرّحوا هذه الظاهرة ويضعوا النقاط على حروفها، إلا أنه لا أحد يستطيع أن يوقف هذه الموجة أو يتنبأ إلى أن ستصل وكيف يمكن أن تتوقف أو تتراجع؟

ارتفاع ثم تراجع في نسبة الجرائم

سجل موقع “لا لقتل النساء- الجزائر” وهو أبرز موقع متخصص في جرائم العنف الممارس ضد النساء، 74 جريمة قتل سنة 2019 وهي أعلى نسبة سجلت في السنوات الأخيرة، ومعظم هذه الجرائم ارتكبت من طرف الزوج أو أحد أفراد الأسرة.

وفي سنة 2020 لوحظ أن هناك تراجع في جرائم القتل مقداره 19 مقارنة مع سنة 2019، حيث سجل الموقع  55 جريمة، حيث عمد الموقع إلى نشر أسماء الضحايا وأعمارهن والولايات التي ينتمين إليها، والطريقة التي قتلن بها.

كما سجلت نفس النسبة في سنة 2021، حيث ارتكبت 27 جريمة من قبل الزوج، و18 جريمة ارتكبت من طرف أحد أفراد الأسرة، بينما عرفت جرائم القتل التي استهدفت النساء سنة 2022 تراجعا ملحوظا مقداره 18، حيث سجلت 37 جريمة في مختلف ولايات الوطن، بحسب ما أعلن عنه موقع “لا للقتل النساء” في آخر إحصائية نشرها.

وقد تنامت جرائم القتل ضد النساء بسبب الإفلات من العقاب، وعدم مبالاة المجتمع تجاه جميع أشكال العنف ضد المرأة وفق ما ذكرته منظمة العفو الدولية.

“خسرنا وحدة منا”

منذ 1 جانفي 2022، تعرضت 37 امرأة جزائرية على الأقل للقتل على يد رجال كانوا على صلة بهن، ومعظمهم كانوا أزواجهن أو أفراد من العائلة، بحسب موقع “لا لقتل النساء” الذي يحمل وسم “خسرنا وحدة منا” والذي تشرف عليه الناشطتان ناريمان مواسي باهي، ووئام أوراس.

وتنوعت طرق القتل لتشمل الضرب والذبح، والقتل بواسطة كيس بلاستيكي أو مسدس أو خنجر أو أدوات حادة أخرى، بالإضافة إلى التعذيب قبل القتل، والخنق والحرق حتى الموت.

ويتبع التعداد الذي يقوم به الموقع عدة مراحل وهي: اكتشاف قتل “الإناث” عبر وسائل الإعلام أو الشبكات الاجتماعية، والبحث عن محيط الضحية والاتصال بهم، وتأكيد المعلومات مع عدة أشخاص من حولها (على الأقل 5 أشخاص)، وتحليل المعلومات المتوفرة للموقع، وفي النهاية يتم نشر المعلومات للعامة؟

وتركز الناشطتان ناريمان ووئام على أدق المعلومات التي لا تتطرق لها عادة وسائل الإعلام، مثل اسم الضحية وعمرها، ووظيفتها وما إذا كانت الضحية قد تعرضت بالفعل للإساءة، وهل سبق وأن طلبت الطلاق، أو تقدمت بشكوى، وإذا ما كان لديها أطفالا، وكل ذلك من أجل تحليل الآليات التي تؤدي إلى قتل النساء.

شيماء ودافع الانتقام

قبل أن تنقضي سنة 2020، سجلت شيماء ذات الـ 19 ربيعا في قائمة النساء اللواتي قتلن بطريقة بشعة الأمر الذي أثار سخط المجتمع الجزائري الذي ألّح على تفعيل عقوبة الإعدام.

كانت شيماء على علاقة بشاب تعرفت عليه قبل سنوات وسبق لوالدتها أن قدمت شكوى ضده اتهمته فيها باغتصاب ابنتها سنة 2016، وبعد خروجه من السجن، استدرج الشاب شيماء في مطلع أكتوبر إلى محطة وقود مهجورة بمنطقة الثنية بولاية بومرداس لينتقم منها، فاعتدى عليها بالضرب واغتصبها ثم أحرقها حية، وفقا لوالدتها التي ظهرت في مقطع فيديو تم بثه على مواقع التواصل الاجتماعي، ودعت فيه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، إلى إعدام الجاني، وقد لاقى الفيديو تضامنا واسعا من قبل الجزائريين.

ومن أجل “كسر حاجز الصمت”، أطلقت الدعوات الجماعية للتظاهر 8 أكتوبر في بجاية، وامتد زخم التضامن إلى مدن أخرى، ولا سيما وهران وقسنطينة وتيزي وزو والجزائر العاصمة للتنديد بالجرائم التي ترتكب في حق النساء.

ياسمين المحامية… قتلت على قارعة الطريق

أعلن المدّعي العام بمحكمة عين بسام عبد الله الغومري في جويلية 2020 توقيف ثلاثة أشخاص متهمين بضلوعهم في مقتل المحامية ياسمين طرافي واحتجازهم احتياطيا، على ذمة التحقيق.

وكانت ياسمين (28 سنة) المحامية المتربصة، تعرضت للقتل العمدي في 6 جويلية 2020، حيث كانت على متن سيارة رفقة شخص آخر تعرض لاعتداء خطير على الطريق الرابط بين مدينتي عين بسام وبئر غبالو بولاية البويرة. وقد تمكنت أجهزة الأمن من إلقاء القبض على الأشخاص الثلاثة المشكوك في ضلوعهم في الواقعة وهم شباب تتراوح أعمارهم ما بين 29 إلى 32 سنة.

وأوضح وكيل الجمهورية لدى محكمة عين بسام التابعة لمجلس قضاء البويرة، أن مصالح الأمن أخطرت النيابة بوجود جثة الضحية التي فارقت الحياة والتي تم تحويلها للتشريح، أما مرافقها (ك.ع)، تم العثور عليه في حالة شبه غيبوبة مصابا على مستوى الرأس فقد تم تحويله إلى المستشفى المحلى.

وعلى إثر هذه الجريمة التي هزت المجتمع الجزائري، قام رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، بتقديم واجب العزاء لعائلة الضحية من خلال تغريدة على تويتر.

الممرضة التي دفعت حياتها ثمن الرفض

رفضت الزواج منه، فقلتها بطريقة بشعة ودفنها تحت الأرض، هذه نهاية الممرضة حفيظة منصوري التي خطبها جارها المهندس وعندما رفضته اختطفها وقتلها، حيث جاء في بيان للحماية المدنية لولاية أم البواقي، أن الوحدة الثانوية للحماية المدنية فكيرينة تدخلت بتاريخ 03/01/2022 على الساعة 12سا و51د لأجل نقل جثة امرأة مجهولة الهوية وجدت محروقة ومدفونة تحت الأرض بالمكان المسمى مشتة الشط بلدية ودائرة فكيرينة ولاية أم البواقي.

وتداول نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي أخبارا مفادها أن الضحية مطلقة بدون أطفال، وقد راجت شائعات فور اختفائها تقول إنها سافرت خارج الوطن، قبل أن يتم العثور عليها مقتولة ومدفونة مع سر لا تعرفه إلا هي وقاتلها.

ضربة مطرقة أنهت حياة المهندسة المعمارية

ساد الغموض مقتل مهندسة معمارية بولاية عين الدفلى، لم يكن أحد يتصور أن هذا السيدة المحترمة التي تدعى رزيقة باشا، أم لبنتين، ستكون نهايتها مأساوية على يد زوجها الذي نقلت التقارير الصحفية أنه كان يعاملها معاملة سيئة لمدة طويلة، إلى أن جاء اليوم وضربها بمطرقة على رأسها فأرداها قتيلة، الأمر الذي سبب صدمة كبيرة لعائلتها ولابنتيها.

نهاية مطلقة

لا هو أمسكها بمعروف ولا هو سرّحها بإحسان، بل قرّر أن يترك أثرا سيئا في حياتها عندما باغتها في الشارع أو في مكان عملها أو في بيتها واعتدى عليها بالضرب المبرح وشوّه وجهها وجسدها، أو ربما حدّثه شيطانه بالتخلص منها نهائيا، فقتلها وألقى بجثتها على قارعة الطريق أو أخفاها عن الأنظار.

هذه هي نهاية العديد من الجزائريات اللواتي رسم الطلاق نهايتهن التي كانت أسوأ بكثير مما تخيلنها، فلم يتمكنّ من رواية باقي تفاصيلها، بل تكفلت وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بسرد مأساتهن، فمن بين النساء اللواتي فقدن حياتهن على أيدي أزواجهن السابقين، سيدتان من ولاية بلعباس، الأولى قتلها طليقها الشرطي بالرصاص رفقة 3 أفراد من عائلتها كان ذلك سنة 2017، والثانية قتلها زوجها السابق أمام ابنيها سنة 2018، وعرفت نفس السنة أربع جرائم أخرى ضد سيدات مطلقات، الأولى من ولاية عنابة، حيث طعنها طليقها داخل المدرسة التي يزاول فيها ابناها دراستهما، بينما تعرضت ثلاث مطلقات للذبح من طرف أزواجهن في كل من وهران وقسنطينة وباتنة.

وفي هذا السياق، أكد المختص في القانون، المحامي، إبراهيم بهلولي لـ ” الشروق” أن “الاعتداء على المطلقات تطوّر إلى درجة ارتكاب جرائم قتل في حقهن، وهذا بسبب مطالبتهن بحقوقهن، وتقديم شكاوى ضد أزواجهن السابقين، تتعلق بالشتم والسب والضرب، وعدم دفع النفقة، حيث أن المرأة الجزائرية تحررت مؤخرا وأصبحت أكثر وعيا وقوة، هذا شيء، حسبه، استفز الرجل”.

عقد النقص والمفاهيم المغلوطة

تقول الاخصائية النفسانية سميرة كلّوش أن مصطلح “العنف ضد المرأة” يشير إلى كل عمل مهين ومشين يمارس بشكل متعمد ضد المرأة في أي مرحلة من مراحلها العمرية بصفتها أنثى فقط، مشيرة إلى أن الأمر تحول إلى ظاهرة، خاصة وأن تقرير للأمم المتحدة كشف أن واحدة من كل ثلاث نساء تتعرض لشكل من أشكال العنف في حياتها.

وترجع الأخصائية النفسانية أسباب العنف ضد المرأة إلى عقدة النقص التي تعتبرها من أهم الاسباب التي تجعل الرجل يمارس العنف ضد زوجته أو خطيبته حين يتعرض للرفض أو حتى كلمة “لا” في أي أمر من الأمور، إذ يشعر حينها أنها انتقصت من رجولته وأهانته، ويجب رد الاعتبار لذاته المشوهة، حيث يحاول إثبات ذاته بطريقة بعيدة كل البعد عن التحضر، فيستخدم العنف كأداة لرد الاعتبار لـ” ذكوريته” المهددة، فيفرغ كل شحنات غضبه وكل ما عاناه و يعانيه من عقد النقص في المرأة.

وتعتبر الأخصائية كلّوش في حديثها لـ: “جواهر الشروق” أن التربية والبيئة التي ينشأ فيها الطفل تلعبان دورا كبيرا في استخدامه العنف، فإن تعرض في طفولته للعنف بأي شكل من أشكاله، سواء كان لفظيا أو جسديا أو حتى جنسيا، فإنه يصبح أداته ووسيلته المفضلة في التعامل مع الآخر، كما أنه يكون أكثر ممارسة للعنف إذا ترعرع في بيئة مماثلة، في حالة إذا تعرضت أمه للإهانة من طرف الأب الذي قد يكون مارس عليها كل أنواع الذل والاحتقار.

التربية القائمة على تفضيل الرجل لكونه رجلا والتي تعطيه حقوقا أكبر من أخته فقط لأنها أنثى، فيصبح هو الآمر الناهي، هذه البيئة غير الصحية تصنع ذكرا متسلطا يسلب المرأة أدنى حقوقها، تقول سميرة.

من جهة أخرى، تشير الأخصائية النفسانية إلى الأسباب النفسية التي تتعلق بالمرأة التي تجعلها ترضى بأن تكون أقل من الرجل، وتستسلم للذل والهوان استجابة لمفاهيم مغلوطة، كمفهوم الصبر وطاعة الزوج، ومعتقدات نفسية واهية جعلتها تئن في صمت، وترضخ للرجل، فقط لأنه رجل لأن المجتمع يحرم عليها كلمة كفى.

الرقابة “الذكورية “

وتقول أمال حفصة زعيون، صحفية وأخصائية اجتماعية وأسرية، أن القتل أعلى درجة يمكن أن يصل إليها العنف الممارس ضد المرأة، وهو ينبع من الرقابة الاجتماعية الذكورية المفروضة على النساء داخل المجتمعات كالمجتمع الجزائري، مضيفة أنه رغم تواجد قوانين دولية ووطنية تدين الأشخاص المعنفين والقاتلين، فإن ضعف تطبيق القوانين يجعل الظاهرة مستفحلة بالإضافة إلى عدة عوامل اجتماعية.

ومن بين هذه العوامل تقول آمال، التنشئة الاجتماعية التي تعزّز مكانة الذكر على الأنثى منذ الطفولة داخل الاسرة بداية، ثم البيئة الاجتماعية التي تعمل على استباحة تعنيف المرأة كعقاب لها أو للتأديب أو في التعامل عامة، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالخوف من العار الذي يدفع إلى القتل بحجة الدفاع عن الشرف، وأوضحت زعيون لـ” جواهر الشروق” أن هذه التنشئة الاجتماعية لم تجعل فقط الكثير من الذكور يعتنقون هذه العقلية، بل حتى الاناث”.

ومن بين العوامل التي ساهمت في ممارسة العنف ضد المرأة” المشاكل الاقتصادية المرتبطة بالبطالة والمحتويات العنيفة المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى جانب ضعف التوعية الأسرية والاعلامية حول موضوع جرائم القتل ضد المرأة، من بين العوامل أيضا التي ساهمت في انتشارها خلال الآونة الأخيرة” قالت الاخصائية الاجتماعية والأسرية.

وأكدت زعيون أنه مهما كانت دوافع الجريمة، سواء كانت جريمة القتل عمدية كجرائم الشرف، أو عن غير قصد، كأن تكون في لحظة غضب، أنه لا مبرر للقاتل، ولا يمكن الحد من الجريمة إلا بمعاقبة الجاني وتنفيذ برامج توعية موجهة للأسرة أو للمدارس لإرساء ثقافة الأمن والفرد والمجتمع، وكذلك لتقدير المرأة التي هي الأم التي أنجبت وربت ذلك الرجل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!