مرضى السرطان في الصيف.. رحلة عذاب والأطباء في عطلة..!
لايزال بعض الأطباء في مستشفياتنا التي رفعت شعار الإصلاح منذ أكثر من عشر سنوات ولم تصلح شيئا، يذيقون مرضى السرطان ألوانا شتى من العذاب النفسي وكأنهم يحتاجون إلى”بهارات” من الكلام الجارح لتكتمل خطورة مرضهم، فـأكثر مرضى السرطان في الجزائر يشتكون من الإهمال وسوء المعاملة وعدم مراعاة مشاعرهم، أكثر مما يشتكون من المرض نفسه، الأمر الذي ينعكس سلبا على وضعهم الصحي وحالتهم النفسية التي تتدهور بشكل يجعلهم يفكرون في الانتحار، أو يموتون بشكل مفاجئ، خاصة في فصل الصيف أين تتضاعف معاناة المرضى مع تأجيل مواعيد العلاج…
كلمة قاتلة
السيدة سهيلة، التقيناها في أربعينية زوجها الذي مات بعد معاناة مع سرطان الدم، حيث تحدثت لنا عن اللحظات الأخيرة في حياته والدموع تنهمر من مقلتيها، متهمة الطبيبة التي تشرف على علاجه في مستشفى قسنطينة بالتعجيل بوفاته، حيث تقول:”كان يشاهد مباراة في كرة القدم بحماس شديد عندما دخلت طبيبته وأخبرت المريضين اللذين كانا ينامان معه في نفس الغرفة أن المستشفى وفرّ لهما الصفائح الدموية، بينما قالت لزوجي“لم نجد لك صفائح دموية“، هذا الكلام جعله يتوتر بشكل كبير، ويصاب بحمى شديدة لم ينفع معها أي دواء، وبعد ساعات أصيب بسكتة قلبية ومات“، وتضيف سهيلة أن زوجها قاوم السرطان لمدة أربع سنوات بإرادة قوية، ولكنه انهار أمام كلمة واحدة كان يجب أن تقال له بطريقة تراعى فيها مشاعر مريض كل همه في هذه الحياة الصفائح الدموية والطبيبة تعرف ذلك جيدا.
تروي السيدة سهيلة في نفس السياق، حالة مريضة تعرفها صارحتها الطبيبة بطريقة فجة أن الطحال التهمه السرطان، فرمت نفسها من النافذة وماتت منتحرة.
“الباراسيتمول” لعلاج السرطان
بكثير من الإحباط والحسرة، تحدثت السيدة “صليحة. خ” المصابة بسرطان الثدي عن الأخطاء التي يرتكبها الأطباء في تشخيص الأمراض وهو ما يجعل المريض يدفع صحته وربما حياته ثمنا مثلما حدث معها، حيث إنها سعت عند الكثير من الأطباء للكشف المبكر عن ورم في الثدي قبل سنتين، وبعد كل تشخيص يتم طمأنتها على حالتها الصحية، وفي آخر مرة كتب لها الطبيب على دواء“باراسيتمول” بعد أن أخبرته أنها ليست بحالة جيدة، وأصرّت على إجراء التحاليل والأشعة الطبية التي بيّنت أنها مصابة بسرطان الثدي الذي تم استئصاله فورا وإخضاعها لأكثر من 6 حصص من العلاج الكيميائي، فيما تستعد لإجراء العلاج الإشعاعي الذي ربما يكون بعد سنة أو أكثر لأنها تحمل الرقم 3000 في ترتيب المرضى الذين سيخضعون لهذا العلاج.
اغتنمت صليحة فرصة الحديث معنا لتوجيه رسالة إلى المسؤولين عن الصحة في الجزائر الذين غفلوا أو تجاهلوا المعاناة الكبيرة لمرضى السرطان الذين وقعوا بين أيدي أطباء وممرضين لايمتلكون ذرة صغيرة من الرحمة والإنسانية، ما يجعلهم يعاملون المرضى وكأنهم حيوانات، وعن نفسها تقول إنها في إحدى حصص العلاج الكيميائي كانت ستتخلى عن حصتها احتجاجا عن الممرضة التي يبدو أنها مبتدئة، حيث جرّبت إدخال الإبرة في عدة أماكن من ذراعها لأنها لم تتمكن من تحديد الوريد المناسب وهو ما جعلها ترفض استكمال الحصة.
لولا الأنترنت…
عن نفس الموضوع، تحدثت معنا السيدة خديجة عن معاناة ابنتها مع سرطان المعدة، عن المعاملة السيئة التي كانت تعامل بها أثناء ذهابها إلى نفس المستشفى الذي ساءت سمعته في الفترة الأخيرة، لأخذ حصتها من العلاج الكيميائي، فبالإضافة إلى التلميح بأن مرضها غير قابل للعلاج، وأن مصيرها الموت لامحالة، يتم تجاهلها لتبقى ساعات وهي تتوسد أمها في انتظار أن يسمح لها بدخول قاعة العلاج، وأي احتجاج سيكلفها غاليا، إذ من غير المستبعد أن تمنع من تلقي العلاج مثلما حدث مع مريضة سرطان صرخت في وجه الطبيبة لأنها تأخرت عن علاجها، فمزقت لها ملفها الطبي ورفضت أن تعالجها، وعن استعانة السيدة خديجة بالنت للحصول على بعض المعلومات المتعلقة بالأعراض التي تصحب العلاج الكيميائي وكيفية التعامل معها، أو النظام الغذائي الذي يجب أن تتبعه، قالت إن النت أصبحت بمثابة الطبيب الذي تلجأ إليه كلما تأزمت الحالة الصحية لابنتها، وقد كانت في حالة قلق شديد من ظهور أعراض خطيرة عليها بعد تلقي العلاج الكميائي لأول مرة، ولم تعرف ما إذا كانت هذه الأعراض بسبب المرض أو بسبب العلاج، إلا بعد أن استعانت بالأنترنت التي لم تبخل عليها بأي معلومة تريدها، في الوقت الذي لم تستفد من الأطباء في المستشفى بالنصائح الضروية، بل بالعكس لم تجد منهم إلاّ ما يحبط المعنويات، ويسيء للمشاعر.