-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هل نستعيد قيمتنا العليا؟

هل نستعيد قيمتنا العليا؟

العدل هو القيمة العليا عند المسلمين، يعلو باقي القيم ويُنظر من خلاله إليها جميعا بما في ذلك قيمة الحرية، على عكس الحضارة الليبرالية المعاصرة التي جعلت من الحرية قيمتها العليا، تنظر من خلالها وعبرها إلى باقي القيم وتفسرها بما في ذلك العدل. عند المسلمين أي قيمة أخرى هي في الترتيب التصاعدي للقيم دون قيمة العدل، وعند الغربيين أي قيمة أخرى هي في الترتيب التصاعدي دون قيمة الحرية. لذا فإننا إذا خسرنا العدل خسرنا باقي القيم وأربكنا فهمها وترتيبها، وانعكس ذلك على كامل منظومتنا القيمية وبقية مناحي حياتنا بل على وجودنا الحضاري.

يمكننا أن نبقى كأمة متماسكة في ظل غياب مؤقت للحرية، وقد حدث خلال حقب تاريخية محددة، ولكننا سنسير باتجاه التفسخ النهائي إذا قمنا بتغييب قيمة العدل ولو مرحليا، وسنتحول إلى مجتمع غير قابل للبقاء حتى وإن امتلك جميع وسائل التعبير الحرة.

من هذه الزاوية ينبغي النظر إلى الملفات الكبرى التي تُطرح اليوم على العدالة، باعتبارها مرفقا منوطة به مهمة إقامة العدل، وليس من زاوية إبراز حرية التقاضي أو الحق في الدفاع أو الحق في إبداء الرأي والتعبير عن وجهة النظر والبحث عن البراءة وغيرها…

كل هذه القيم إنما هي ذات أهمية، ومن حق وسائل الإعلام أن تُشيد بها، ومن حق المتَّهمين أن يتمسكوا بها، ولكن من حق المجتمع أن يكون منطلقها الأول والأخير هو العدل.

لا فائدة من تمكين متهم من حريته إذا لم يكن ذلك انطلاقا من حكم عادل، ولا معنى لإدانته وسجنه واعتباره مذنبا إذا كان ذلك بناء على حكم غير عادل.

لذلك، فإن مهمة مرفق العدالة اليوم أكبر من أن يكون تطبيق القانون، والتعامل مع ملفات جامدة، إنما هي إعادة الاعتبار لقيمة مركزية  عليا هي أساس بقاء المجتمع متماسكا ومنطلق إعادة بناء صرح أمة عرفت في العقود الأخيرة تضاربا غير مسبوق في الترتيب التصاعدي والتنازلي للقيم.

من يدري لعل الملفات الكبرى المطروحة على مرفق العدالة اليوم، هي التي ستعيد لنا الأمل في أننا رغم ما حدث من محاولات تخريب متعمدة لمنظومتنا القيمية من خلال ضرب قيمتها العليا في بداية الاستقلال باسم المساواة الاشتراكية، ثم باسم الحرية في ظل التحول الديمقراطي، سنستعيد توازننا القيمي في لحظة تاريخية فاصلة وننطلق بحق هذه المرة في إعادة بناء حضارتنا من جديد.

وليس ذلك ببعيد المنال…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • شعيب الخديم

    العدل مرتبط بالحق فإذا سقط الحق لم يبق للعدل معنى وإذا فقدت الحرية زال الحق معها ولذالك لايمكن أن ينفصل العدل عن الحرية.
    والحديث عن إقامة العدل مع غياب الحرية أمر أقرب إلى الخيال منه إلى الواقع وإلى المحال منه إلى الممكن فلا تتعب نفسك في خوض غمار المستحيلات لتؤلف منها واقعامشهودا.

  • نورالدين الجزائري

    فيه بأس شديد ! و تمسك أبنائها مع غروب الشمس مخافة الخطف أو غيره ! و مراقبة السيارة في الحظيرة من السرقة ، فتتقلص بل تزول حرية الفرد ليصبح مقيد مسجون وراء نوافذ من قضبان و أفكار من سياج !
    و بإختصار ضياع العدل يجعل القانون يُسن لينتهك ! و هذا واقعنا العلقمي جُعل من القانون نسيج عنكبوت يُمسك بالذباب الصغير و تمزقه الطيور الجارحة الجانحة ! و إذا رغبت الملوك عن العدل رغبت الرعية عن الطاعة !
    أنا اليوم مثلي بالأمس الفرح و الحزن ملئ إهابي و قد أحببت العدل ثم حريتي فلم أجد هذه و لا تلك في طيات الأيام

  • نورالدين الجزائري

    اجتماعية . الغربيون أدركوا ما معنى العدل أقموه و فطبقوه بينهم فزاد الأمن لينتج العديد من الحريات ، وفروا العدل ليجدوا الأمن و بالتالي زادت الحرية . مثال بسيط و معناه عظيم ! عندما ينعدم العدل و القسطاس بين أوساط المجتمع يظهر الظلم فتتراكم مساويء الخوف بسبب إنعدام الأمن ، مما يظطر المواطن التقليص من حركاته فتتكبل حريته ، و كم من مرة نشهد في أحيائنا صراعات دامية بالسيوف و الساطور مما يرعب المواطن ليرغمه العيش في دوامة الخوف و الإنكماش الحركي لتجد الأسرة مرغمة بإستبدال أبواب المساكن من لوح إلى حديد

  • نورالدين الجزائري

    فنرد لجهة حقها و نأخذ من الأخرى ما اغتصبته ، و القاضي العادل يُلقب بـ : المنصف و هي من مصدر النصف له أو عليه بين خصمين. و العدل دائر في كل أقضية الحياة إبتداءا من الذات إلى المجتمع و حتى مع الطير في عشه ! فيتحقق به الميزان في دقته حسب الشيء الموزون إلى درجة تصير المرافق الإجتماعية تدور كالأفلاك في نظام و إحكام. و لنا مثال في صناعة العقاقير الطبية حيث أقل زيادة في الميزان يمكن أن تحوّل الدواء إلى سم قاتل لا شرب شافي !
    الحرية غاية الحياة السياسية و الكمال المدني تتحقق بالعدل فقط !
    الحرية أحوال

  • نورالدين الجزائري

    العلاقة بين العدل و الحرية ترتيبية لا جدلية !
    الحرية لا توجد و لا تتحقق أبدا إلا إذا تحقق العدل و طُبق، لأنها أمر حتمي يولد من الأم لا غير. و إذا استطرئنا رؤوسنا في البحث عن مفاهيم الحرية لا نجد لها شروح و لا علم قائم بذاته ، بل حتى التنزيل الحكيم لم يذكر هذا المصطلح بالمرة ! فلهذا يجب أن ندرك على اليقين الذي لا شبهة فيه: تطبيق العدل على أنفسنا و محيطنا به ندرك حريتنا، و كلما زاد العدل انتشارا زادت حريتنا توسعا.
    ماهو العدل ؟ هو الإنصاف و المساواة و عدم الميل ، و لا يكون إلا بين شيئين متناقضين

  • الجزائرية

    نعم إن" العدل هو أساس الحكم "و الجزائر اليوم في مفترق طرق،خيارات قد تبدو صعبةأمام ملفات كان الحديث عنها كالتابو تماما..هاهي وبعد أن أسالت الكثير و الكثير من الحبر والعرق تعود لتطرح أمام الرأي العام و هذا في حد ذاته خطوة جريئة لأنها غير مسبوقة في تاريخنا المعاصر..فحتى المحاكمات السياسية تمت في الخفاء مما جعلها تفتح زوايا للظل وإحساس بالمرارة والظلم..لقد شوهت للأسف تاريخنا المشرق بعيد الإستقلال..إن :ديمقراطينا" اليوم هي على المحك ونحن نعيش لحظة تاريخية فارقة,,يجبأن لا يستثني القضاء أحدا أويظلمه...