-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

بوش 3.0 ، الأسد 1.1 و كيم 1.1.1

عبد الله هوادف
  • 2766
  • 3
بوش 3.0 ، الأسد 1.1 و كيم 1.1.1

أظهرت نتائج الاستطلاعات الأولية بين ناخبي الحزب الجمهوري الأمريكي تقدما لجيب بوش، ابن الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، والشقيق الأصغر لجورج والكر بوش على منافسيه في سباق الظفر بترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية القادمة في أمريكا.ويبدو الوضع مطابقا داخل الحزب الديمقراطي، أين تتقدم هيلاري كلينتون، زوجة الرئيس السابق بيل كلينتون، بفارق كبير على أقرب منافسيها، ولم يعد إعلان اختيارها مرشحة رسمية للديمقراطيين سوى مسألة وقت.

وغير بعيد عن الولايات المتحدة، اختار الحزب الليبرالي الكندي الشاب جاستينتريدو، نجل الوزير الأول الأسبق بيار إليوتتريدولإحياء أمجاد الحزب،والعودة إلى الحكم مجددا، بعدما فقد الأغلبية قبل عشر سنواتأمام حزب المحافظين.

وفي الأرجنتين تقود كريستينا كيرشنرالبلاد بنجاح منذ 2007 خلفا لزوجها نيسطور. كما يحكم بينينيوأكينو الفليبين حاليا، مفتخرا بكونه ابن الرئيسة التي رسخت الديمقراطية في البلاد، وأنهت عشرين سنة من حكم “الرجل القصير البغيض”فرديناند ماركوس.ومع أن باك غونهي، الرئيسة الحالية لكوريا الجنوبية لا تشترك مع بينينيو في هذا “الفخر الديمقراطي”، إلا أنها مع ذلك لا تخجل من نسبتها لوالدها  باك تشونغ هي، صانع نهضة البلاد الحديثة، حتى وإن كان فيه شيء من الدكتاتورية.

ظاهرة انخراط أفراد من عائلة واحدة في السياسة، وتقلدهم مناصب القيادة في بلدانهم ليست ظاهرة جديدة. وفي منطقتنا العربية لدينا نحن أيضا تقاليد عريقة في توارث السلطة ضمن عائلات سياسية، ينتقل فيها الحكم من الأب إلى الابن، ومن الأخ إلى الأخ، ويشترك فيها أبناء العمومة والعشيرة في مساعدة قريبهم الحاكم، من باب الوفاء لحق القرابة، على تسيير البلاد، و”تحمل أعباء المسؤولية”، سواء كوزراء في الحكومة، أو ولاة على المقاطعات، أو حتى مستشارين شخصيين، وذلك أضعف الايمان.

ولكن الغريب في الأمر، أن لا أحد في الولايات المتحدة أو كندا أو الأرجنتين أو الفليبين أو كوريا الجنوبية، تحدث بتذمر عن “وقائع ثابتة أو مساع مشبوهة لتوريث الحكم”، في حين قامت عندنا ثورات وانتفاضات بعد أن تبين أن بعضا من رؤسائنا الجمهوريين ينوون ترك الحكم لأبنائهم، وبعضهم قام بذلك فعلا، بعد أن صارت أغلب بلداننا ملكيات خاصة، يخضع فيها الحكم لأحكام الميراث تماما كالأموال والعقارات.

أنظر مثلا إلى حالة  سوريا ومصر وليبيا واليمن، وهي البلدان التي تشهد اليوم ويلات الاقتتال الداخلي المر، دع عنك حكاية المؤامرات الأجنبية الآثمة، وانظر إلى عوامل قيام الثورة فيها. لقد قام حافظ الأسد، وحاول مبارك والقذافي وصالح تهيئة المجال أمام أبنائهم لكي يظفروا بكراسي الرئاسة من بعدهم، من غير كفاءة ولا وجه استحقاق ولا منافسة شريفة، تحت ذريعة الاستقرار والاستمرارية.

وفي سبيل ذلك، تم تعديل الدستور في سوريا حتى يتمكن بشار من تولي الرئاسة وهو لم يبلغ الأربعين بعد، ووضع مبارك ابنه جمال على رأس أعلى هيئة سياسية في الحزب الحاكم، ونصب علي عبد الله صالح ابنه أحمد قائدا للحرس الجمهوري اليمني، في حين أطلق القذافي يد أبنائه ليتصرفوا في أموال الليبيين ومصائرهم كيفما شاؤوا. ولا حاجة للتذكير بعمليات “التوريث” المقننة والمباركة التي تميز الدول العربية ذات النظام الملكي، والتي بقيت آخر الملكيات المطلقة على وجه الأرض.

آه لو تنظرون إلى المسكين جيب بوش وهو يلهث للحصول على تأييد الناخبين الجمهوريين وإقناع الرأي العام واللوبياتالنافذة ووسائل الاعلام، محاولا التأكيد على أنه “صنيعة نفسه”، وألا تأثير لوالده وشقيقه على حظوظه الرئاسية. وأنه سيكون رئيسا مختلفا، وليس تكرارا لآل بوش الآخرين. تماما كما تناضل هيلاري كلينتون من أجل أن يختارها الأمريكيون لأنها “هيلاري” وليست “زوجة بيل”.

ومع أننا لم نعرف كيف كان الأمر سيبدو لو قدر لجمال مبارك وسيف الاسلام القذافي وأحمد علي صالح أن يخلفوا آباءهم في الحكم “بعد عمر طويل” طبعا، إلا أننا رأينا ماذا حل ببلدان مثل سوريا وكوريا الشمالية؛ كل ما حدث هوعملية تحديث رديء لإصدار أصلي لا يقل رداءة، ما إن تم تشغيله، حتى فتكت الفيروسات بالبلاد.

في الأصل، لا حرج في أن يتقلد قريب رئيس سابق منصب الحكم، بشرط أن يدخل المنافسة كغيره من المرشحين، وأن يعرض نفسه على الناخبين، اختاروه أو لفظوه. أما أن يبدأ أحدهم السباق من خط الوصول، مع حكم محاب وقواعد لعبة فصلت على المقاس، فلا شك أن ذلك سيرمي بالبلاد إلى أغوار سحيقة من المجهول.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • x

    الديمقرااطية الغربيه مفهوما وفكرا وممارسه هيتدمير ثم بناء على ركام ما دمر وذلك اساسها.

    لك في الكيل بمعياريين مثال.

  • حكيم

    الديمقرااطية الغربيه مفهوما وفكرا وممارسه هى نتاج ثراكمى لمءات السنىن فكل محاولة للتقلىد ستبوء حتما بالفشل

  • بدون اسم

    المهم كل شيئ يأتينا من الغرب فهو جميل ومقبول وديمقراطي وتحضري وووو وقل ما شئت ؟؟؟؟ لكن اذا أتى الشئ نفسه من المشرق فهو قبيح ومرفوض وديكتاتوري ومتخلف وووو وقل ما شئت؟؟؟

    عجيب أمرك أيها الكاتب؟

    أعجبتني مقاربتك في المقدمة لكنك وصلت الى نتيجة خاطئة -من وجهة نظري التي أتمنى أن تحترمها- للأسف.

    هل تتذكر فوز حماس بالانتخابات في فلسطين بالطريقة الديمقراطية الغربية؟ ماذا كان موقف الغرب؟ ان لم تتذكر راجع ويكيبديا. وشكرا