-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

فلنسترد ثروتنا الكبرى

صالح عوض
  • 2358
  • 0
فلنسترد ثروتنا الكبرى

من حين إلى آخر تفاجئنا الأرقام المذهلة لعدد العقول العربية المهاجرة إلى الدول الغربية ونسبتها.. فحين نعرف أن ثلث أطباء بريطانيا العظمى هم عرب، وعندما نعلم أن هناك أساتذة في مواقع حساسة في كبرى الجامعات في الولايات المتحدة الأمريكية وفي أكثر مراكز البحث العلمي حساسية فإننا بلا شك نعيش شعورا مزدوجا.. فمن جهة نحن فخورون بأبنائنا وهم يزاحمون الغربيين المتاحة لهم كل الظروف، ومن جهة أخرى يصيبنا الألم على خسارة هذه الطاقات الكبيرة والمتميزة والتي كان يمكن لها أن تسهم بجد في تطوير جامعانا ومراكزنا البحثية.

إن هذه الثروة العربية أهم من البترول ومن كل أنواع الثروات لأنها هي التي تتحكم بكل شيء وهانحن نخسر كل شيء من دونها ونرتمي على أعتاب الغربيين لكي نتحصل على غذائنا وكسائنا وسلاحنا من مزارعهم ومصانعهم وجامعاتهم.. فمن هو المسؤول عن طردها وحرمان بلداننا منها؟ وفي أي خانة نضع هذا الفعل الشنيع الذي يفرغنا من أسباب قوتنا ويجعلنا هكذا ندخل معاركنا الوهمية بعيدا عن التنبه لما هو حيوي وحساس؟

في إسرائيل تبلغ تكلفة البحث العلمي أكثر من 9 مليارات دولار في حين تبلغ التكلفة في كل بلاد العرب ما يقارب 500 مليون دولار.. لعله الفارق المذهل الذي يكشف عن أسباب شقاء أبناء أمتنا واندفاع كثير من أبنائها إما إلى الهجرة أو الهامشية في أوطانها أو الجنوح نحو العبثية والعنف..

وفي بلادنا العربية يدفع الناس إلى التنافسات المخلة بمصير المجتمعات وصيرورتها فيما يستمر النزف لطاقات الأمة حيث تبلغ نسبة المتخصصين العلميين من بين المهاجرين أكثر من سبعين بالمائة أطباء ومهندسين وفيزيائيين واقتصاديين حتى أصبح من الصعب أن يكون هناك مستشفى أو مركز بحث علمي في الغرب يخلو من أعداد متخصصة عربية..

إن هذا يدعونا إلى التوقف للتدبر ومناقشة الأسباب واتخاذ قوانين وإجراءات تسهل عملية الاستفادة من أهم ثروة وطنية وقومية وذلك في إطار جاد لتوفير أهم الشروط لإنجاح هذه العملية.. وتبدأ العملية من المدرسة وتطويرها والجامعة وتركيز البحث العلمي في أكنافها وإيلائه اهتماما بارزا وتشجيع العلماء والمبدعين والمكتشفين والمخترعين تشجيعا معنويا وماديا.. وإلحاق الجامعات ليس فقط بوزارة التعليم العالي بل أيضا بوزارة الصناعة وسواها من المؤسسات ذات الصلة.

إن عشرات الآلاف من أبنائنا الذين يفرون من بلدانهم معهم أمل الأمة في نهضة لا تجد فرصتها سيجدون سبيلهم إلى العودة مشجعا عندما تتوفر منظومة من الإجراءات التي تسير ضمن سياق عام يحمي البحث العلمي ويدعمه بكل ما يحتاج.

 

إنها ثروتنا الكبرى.. وإن الحفاظ عليها واجب وطني وقومي وإسلامي وإنساني.. كما أن التفريط فيها على المنوال القائم الآن يعني بوضوح أننا نخرب بيوتنا بأيدينا ونلقي بسلاحنا خلف ظهورنا في معركة لا ترحم الضعاف والمساكين.. تولانا الله برحمته.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!