-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

جورج حبش.. الحكيم

صالح عوض
  • 2264
  • 0
جورج حبش.. الحكيم

في ذكرى رحيله السابعة تصبح العبرة منشودة بعد أن ملأ الساحة خطابة ووعيا ونضالا.. إنه المهجر من مدينة اللد الفلسطينية العريقة، الدارس في كلية الطب بالجامعة الأمريكية ببيروت، حيث يبدأ نضاله بتشكيل كتائب الفداء العربي من شباب فلسطينيين ولبنانيين وسوريين لاستهداف المصالح الصهيونية.. وشيئا فشيئا أصبح الشاب الفلسطيني مؤسسا لحركة القوميين العرب وقد أدرك أن لا حق بلا قوة تنجزه..

جورج حبش، القائد الفلسطيني الكبير والثوري الصلب هو ضمير الثورة الفلسطينية كما أحب أن يناديه الزعيم الفلسطيني أبو عمار وهو حكيم الثورة الفلسطينية كما وقع في ضمير كل فلسطيني وعربي. كان الحكيم بحجم هموم العرب وكان وجوده في طليعة الثورة الفلسطينية تجسيدا لروح فلسطين التي تتجلى في الإنسان وتكامله على أرض الرباط المقدس.. فهنا في فلسطين يتحرر الناس من العنصرية والفيتو وينطلقون نحو الأبعاد الحقيقية للإنسان والدين النزيه من الأنانيات والتفسيرات المعقدة.

جورج حبش فلسطيني يتزعم حركة القوميين العرب بحثا عن أسلوب لاسترداد وطنه فلسطين وعندما يكتشف أن الإيديولوجيا تقف حاجزا بين الثوار وهدفهم أوجد ثقبا ناريا في النظرية فحمل البندقية وهتف في الجماهير بضرورة تسلحها وانخراطها في مقاومة مسلحة وثورة تقتلع أركان الكيان الصهيوني. ومن هنا كانت مباركته المبكرة لانطلاق حركة فتح في لحظات تشكلها في الخليج وكان لموقفه الأثر النفسي الكبير على المؤسسين.. وبعد ذلك كان له الفضل بأن دفع بالقوميين العرب إلى أتون المعركة بعد أن كادت الشعارات الشمولية تصرف قطاعا كبيرا من أبناء فلسطين خارج الهم والوجع ودائرة الفعل الحقيقي.

جورج حبش وموقفه الفلسطيني الأصيل وما مثله من ضمانة لاستقلال القرار الفلسطيني هو عنوان نضالي كبير وقامة شريفة وحرة من قامات فلسطين العليا.. فرغم تبايناته المتتالية عن الموقف الرسمي لقيادة منظمة التحرير إلا أنه رفض أن يكون ذلك على حساب تفسيخ الصف الفلسطيني ولم يترك فرصة لأي نظام عربي للاستثمار في الاختلاف الفلسطيني فكان بحق ضميرا فلسطينيا يقظا..

كان جورج حبش مفكرا عربيا مقتدرا وله رؤية للأحداث والوقائع تكشف عميق تفكيره. فلقد كانت رؤيته لحرب 1967:  هزيمة حزيران 1967 ليست مجرد نكسة عسكرية، إنها هزيمة أوضاع عربية وهزيمة أنظمة عسكرية وهزيمة بنية معينة للحركة الوطنية العربية“.. كما أنه دعا إلى استمرار الحرب ضد إسرائيل رافضا أي تهدئة أو هدنة معها مشددا على مطالب الحق الفلسطيني جملة.. ومحددا أن الذي يتحكم في موقفه من النظام العربي هو مقدار اقتراب النظام العربي من التفاعل مع القضية الفلسطينية أو بعده عنها.. كما أنه رأى التأييد المطلق لكل القوى التي تواجه الإمبريالية الأمريكية والغربية في منطقتنا فجاء تأييده للثور ة الإيرانية: “إن أي نظام عربي يحوك الدسائس والمؤامرات ضد الثورة الإسلامية في إيران هو خائن خارج على إرادة الشعب العربي“.

 

جورج حبش رغم اختلافنا مع أفكاره الأيديولوجية إلا أنه كان إنسانا كبيرا مناضلا وشريفا وصاحب ضمير وطني حر لقد كان القائد النزيه الذي انسحب من موقع المسؤولية بهدوء.. ولقد ملأ موقعه باقتدار فلكم كنا بحاجة أن يسهم كل التركيب الفلسطيني في مقاومة المشروع الصهيوني لأن ذلك هو الضمانة الوحيدة للوحدة الوطنية ولتوازن الهوية الحضارية للشعب الفلسطيني.. جورج حبش قائد فلسطيني كبير قد سجل اسمه بنبل في سجل الخلود الوطني.. تولانا الله برحمته.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!