سامبول.. وماذا بعد!
قد ترتفع أصوات يائسة أو واقعية أو متفـّهة لكلّ شيء ومسوّدة لكلّ أبيض، مقابل ارتفاع أصوات متفائلة أو واقعية أيضا أو مضخمة لأيّ شيء ومبيّضة لكلّ أسود، مع إطلاق وانطلاق أوّل سيارة جزائرية من مصنع “رونو” بوادي تليلات في وهران.
”سامبول” الجزائرية.. أفرحت الكثير من الجزائريين، وأخلطت حسابات العديد من السماسرة والبزناسية المتعوّدين على الصفا والمروة بين أسواق تيجلابين والحراش، كما أخلطت حسابات بعض المستوردين، مثلما لم تـُسعد جزائريين آخرين كانوا يفضلون سيارة أخرى أغلى ثمنا وأكثر رفاهية وبريستيج وأناقة من الماركات العالمية التي لا يركبها سوى فلان وعلان!
مثلما لا ينفع التهويل، كذلك لا طائل للتقليل، من هذه السيارة الجزائرية.. أفليست مسافة الألف ميل تبدأ بخطوة؟ ولماذا لا نأخذ هذه “السامبول” من زاويتها الإيجابية فقط؟ فنعتبرها أول محاولة وأول نموذج، في انتظار نماذج أكثر تطوّرا وأكثر جاذبية؟
لا داعي لمنطق تتفيه كلّ شيء ينبت هنا بالجزائر، فهذه الظاهرة المرضية، هي واحدة من الأسباب المباشرة، التي تجعلنا تابعين غير متبوعين، وتجعلنا نعشق التقليد ونمرض بالاستيراد إلى حدّ الموت أو في أحسن الأحوال إلى حدّ الثمالة والتخمة!
نبكي الدم بدل الدموع، عندما نتذكر صناعات كانت “ماد إين ألجيريا”، تسوّقها “أسواق الفلاح” والأروقة الجزائرية، وتموّنها قلاع، للأسف الشديد، انهارت أو تعرّضت للتكسير، بينها يا جماعة الخير: سونيتاكس وسونيباك والسانباك، وأيضا إيني وسوناكوم والحجار، رغم الضربات التي تتعرّض لها هذه الفئة الأخيرة!
من المفيد، أن تكون “سامبول” البداية وليست النهاية، ولا داعي إلى التوقـّف عند “مركـّب” وادي تليلات كإنجاز فخري لا يستدعي الإثراء والتنويع، وإنـّما المطلوب- وهذا ليس مستحيلا- التوجه نحو منطق “تأميم” صناعة السيارة الجزائرية، بعيدا عن نسبة الإدماج وعوائق الاندماج!
لقد عرفت مراحل صناعة “سامبول” في الجزائر، الكثير من النقاش والتحليل والجدل، ومع أن المثل الشعبي الشهير يقول: “كي يزيد نسمّوه بوزيد”، إلاّ أن البعض حاول استباق الأحداث، ومنهم من أراد إفشال المشروع، لأهداف معروفة وأخرى مجهولة!
نعم، “سامبول” هي مجرّد تمرة لا تـُشبع المستهلك الجزائري، إلاّ بعد أن تـنمو وتصبح نخلة بعراجين، مثلما تبحث عن زبائن، فإنها تستحقّ من يرعاها ويحميها من العواصف والمنافسة!