غسيل سوناطراك ينشر في واغادوغو.. وشكيب خليل ينافس بريزن بريك

لم نكن نعرف قبل وصولنا إلى واغادوغو، أن سكان هذا البلد الإفريقي الفقير المتواجد جنوب الصحراء، يعرفون الكثير من المعلومات عن الجزائر، ويتابعون أخبارها باهتمام حتى تلك غير المتعلقة بالشأن الرياضي والكروي بالتحديد، كما كان عليه الانطباع السائد لدينا عن سكان هذا البلد، على اعتبار أن كل الأفارقة يتابعون كرة القدم باهتمام، وكنا ندرك أن امتلاك الجزائر للاعبين محترفين يلعبون في أندية أوروبية كبيرة، ستجعل منا بلدا “شهيرا” لدى البوركينابيين، لكن مفاجأة بعثة “الشروق” كانت أكبر، عندما عرفنا أن مصدر شهرتنا لن يكون كرويا بل بسبب فضيحة سونطراك واسم شكيب خليل.

وكانت صدمتنا كبيرة عندما سألنا سائق طاكسي، اسمه بوباكار، عن شكيب خليل، لأنه كان آخر سؤال يمكن أن ننتظره من البوركينابيين، ونحن الذين جئنا إلى هنا من أجل تغطية مباراة كروية وليس لنقل “تبعات” فضيحة سونطراك، ولدى استفسارنا لدى هذا السائق عن كيفية إطلاعه على هذه القضية، رد علينا بالقول: “الكل سمع بما فعله وزيركم السابق شكيب خليل، لقد كان يسرق أموال الشعب، لأن تحويل أموال البترول إلى حسابه يعتبر كذلك.. وسائل الإعلام كلها تحدثت عن هذه الفضيحة، ونحن في بوركينافاسو سمعنا بها كذلك، ألستم بلدا إفريقيا.. أنتم كذلك ومثل هذه الفضائح معهودة، لكن صراحة ليس بهذا الحجم، شكيب خليل أخذ الكثير من الأموال من خزينة الشعب الجزائري”، تفاصيل ومعلومات أكدت لنا أن “غسيل سوناطراك” نشر حتى في واغادوغو، والقضية أصبحت شهيرة جدا إلى درجة أن حتى المواطنين البسطاء لإحدى أفقر الدول الأفريقية سمعوا بها.

أفراد الجالية الجزائرية سئلوا مرارا عن الفضيحة

وبحديثنا إلى بعض أفراد الجالية الجزائرية المقيمة هنا بواغادوغو، أكد لنا هؤلاء أنهم سئلوا مرارا عن تفاصيل هذه الفضيحة، مشيرين إلى أن العولمة والزخم الإعلامي غير المسبوق الذي صاحب القضية، حوّل فضيحة سونطراك إلى موضوع بـ”أبعاد عالمية”، وأكد بعض أفراد الجالية الجزائرية، أن البوركينابيين استغربوا استمرار نهب أموال سونطراك لسنوات طويلة، دون أن يتم الكشف عنها إلا في الوقت بدل الضائع.

المافيا الإيطالية لن تقدر على منافستكم

ولم يكن سائق الطاكسي، الوحيد الذي فاجأنا بالحديث عن شكيب خليل، بل تعداه إلى أحد الصحفيين البوركينابيين التقيناه بمناسبة محاولة تغطيتنا للندوة الصحفية للمنتخب البوركينابي الخميس الفارط، الذي وصف مسلسل الفضيحة بسيناريو (المافيا) الإيطالية، وقال لنا: “وزيركم السابق أذكى من المافيا الإيطالية، وإلا كيف تفسرون عدم كشفه إلا بعد نهبه لأموال طائلة ودون حسيب ورقيب”، مضيفا بتهكم “فضيحة سوناطراك يمكن أن تتحول إلى مسلسل تلفزيوني شهير، قد يكون أشهر من السلسلة الأمريكية “بريزن بريك”.. شكيب خليل هرب من الجزائر، هرب من بلد وبكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى وليس من سجن فقط”.

 الجريمة لا تغتفر لأن الأمر يتعلق بـ”قوت الشعب”

وأكد المتحدثون إلى “الشروق” أن سرقة أموال سوناطراك هي جريمة لا تغتفر، وتستحق عقوبة في مستوى الفضيحة، كما قال لنا الصحفي البوركينابي: “سرقة أموال البترول مصدر دخلكم الأول، هي بمثابة سرقة أموال قوت الشعب الجزائري، ويستحق شكيب خليل أن ينال عقوبة تصل إلى حدود ما قام به”، في حين أكد زميل آخر، أن مثل هذه الجرائم يجب أن يحاكم أصحابها بحزم حتى يكونوا مثالا لغيرهم من المسؤولين الكبار في القارة السمراء.